انتهى المؤتمر الدولي الذي جمَع الأطراف الفاعلين في الملف الليبي في برلين، يوم أمس، إلى الاتفاق على جملة مقرّرات، لعلّ أبرزها ما يتعلّق بالنفط الليبي، محلّ الصراع، والذي كان له حيّز بارز في البيان الختامي للمؤتمر.
فبمشاركة كل من من الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين، وألمانيا، وتركيا، وإيطاليا، ومصر، والإمارات، والجزائر والكونغو، إضافة إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، وممثِّلي النزاع الليبي فائز السراج وخليفة حفتر، اتفق المشاركون في مؤتمر برلين على ثلاثة مسارات متوازية لحل الأزمة الليبية، تشمل المجال العسكري والاقتصادي والسياسي.
في ذات الصدد،قالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إن المجتمعين في مؤتمر برلين الذي انعقد الأحد من أجل إنجاح حل للأزمة الليبية خلصوا إلى اتفاق يقضي بتكليف لجنة عسكرية لبحث وقف إطلاق النار بين أطراف النزاع في البلد.
وأضافت في مؤتمر صحافي أعقب المؤتمر "اتفقنا على وضع خارطة طريق سياسية بشأن ليبيا"، مؤكدة أن "الحل العسكري سيزيد من معاناة الشعب الليبي".
وأردفت المستشارة الألمانية "نريد التزاما بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا" و"أن نحول الهدنة إلى اتفاق صلب وقوي لوقف نهائي لإطلاق النار".
واعتبرت أن مؤتمر برلين هو "بداية لحل الوضع في ليبيا ولن يحل كل المشاكل".
وقال أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة "أؤكّد على خلاصة المؤتمر وهي أنه لا حل عسكري للصراع في ليبيا. جميع المشاركين عبروا عن ذلك أكثر من مرة خلال الاجتماع، وحتى أولئك المعنيين بشكل مباشر بالمعارك".
بندٌ رئيس كان محلّ إجماع دوليّ في مؤتمر برلين: حماية النفط الليبي؛ وبينما فشل المجتمعون في لمّ شمل طرفَي النزاع الداخليين، توافقوا على ما اعتبروه "توزيعاً عادلاً وشفافاً لعائدات النفط"، شرط الاعتراف بـ"المؤسّسة الوطنية للنفط" باعتبارها الكيان الوحيد المسموح له ببيع الخام، ودعوا جميع الأطراف إلى "الامتناع عن الأعمال العدائية ضد المنشآت النفطية".
من جانب آخر،تبلورت فكرة إرسال قوات دولية لمراقبة الهدنة في ليبيا، خصوصاً بعد ترحيب السرّاج بالمقترح، وإعراب كل من إيطاليا وألمانيا عن استعدادهما لإرسال قوات أوروبية لدعم "السلام" في البلاد. وفيما تسعى واشنطن وراء "آلية مراقبة موثوق بها"، بحسب تغريدة لوزير خارجيتها، مايك بومبيو، فإن الاتفاق على وقف النار قد يشمل إرسال قوات سلام للفصل بين طرفي النزاع، ولكن ذلك لن يتحقّق إلا بقرار من مجلس الأمن الدولي.
في سياق متصل،في إطار المحاولات الدولية لإصباغ القرارات الأخيرة، بسمات الإلزام والمتابعة، أشارت أنجيلا ميركل إلى أن جميع المجتمعين بالقمة، وهم "مصر وروسيا وفرنسا وإيطاليا وتركيا والإمارات»، والمنظمات الدولية كـ«الأمم المتحدة"، اتفقوا على ضرورة احترام مخرجات حظر السلاح، والعمل على تطبيق القرار رقم 1970، الصادر من مجلس الأمن الدولي، في مارس 2011، بشأن حظر توريد الأسلحة، أو المعدات العسكرية لليبيا.
من جانبه يقول أستاذ العلاقات الدولية الليبي خالد المنتصر لوكالة فرانس برس "على الورق، نجحت قمة برلين، وتناولت كل تفاصيل الأزمة الليبية وأسبابها. لكن آليات تطبيق نتائج القمة ليست واضحة بعد".
ولعل أحد أهم إنجازات القمة، على الأقل بالنسبة للأمم المتحدة، هو تشكيل لجنة عسكرية تضم عشرة أعضاء، خمسة عسكريين من كل طرف مهمتها أن تحدد ميدانياً آليات تطبيق وقف إطلاق النار. وطلبت المنظمة الأممية منذ عدة أسابيع من طرفي النزاع تقديم أسماء ممثليهم في اللجنة، لكن لم يستجب أحد حتى الآن.
قصارى القول، يرى مراقبون أن الأزمة الليبية هي أمنية بالأساس وتحتاج إلى موقف جريء بحل الميليشيات نهائيا، سواء بإطلاق يد الجيش الوطني أو بتدخل قوات دولية لتنفيذ المهمة، فإذا تم القضاء على كل المظاهر المسلحة خارج سلطة الدولة، لن يكون الحل السياسي صعبا، بل سيتحقق في ظرف وجيز، وسيعرف الليبيون كيف يجتمعون على مصلحة وطنهم في ظل مصالحة وطنية شاملة.