فرج عمر، هكذا هو الاسم في صفحته على فيسبوك، أمّا سيرته فهي بسيطة مثل بساطة روحه النقية، ومن خلال تستخلص حكايات وعبر كثيرة، حيث يقول:
"عشت 63 سنة فقيرا معوزا أحارب الفقر وأكره أن أراه في ديار غيري، عشت وكل أهلي وإخوتي وأخواتي، لديهم إعاقات، صم وبكم، فتعلمت أن أمسح آلام المعاقين، عشت فقيرا بائسا وكنت سنوات من عمري، في دار رعاية الأيتام، أشعر بأنني يجب أن أكون أبا لكل يتيم". بهذه البساطة وبهذه الكلمات يقول "عمي فرج عمر" حكايته الأولى، أمّا الحكاية الأروع فهي "جمعية عائشة أم المؤمنين".
اسم الجمعية- جمعية السيدة عائشة للأعمال الخيرية والإنسانية- لرعاية الأرامل والأيتام والمطلقات والمهجرين والنازحين، تاريخ انشائها منذ2014م، لكنني باشرت الأعمال الخيرية منذ 2012م حيث كنت أجمع التموين والأغطية للمهجّرين من كل أرجاء ليبيا في المخيمات التي يقيمون بها، كنت أجمع الأغطية والبطاطين والأفرشة المستعملة والصحون والثلاجات والأفران المستعملة وأقوم بأخذها إلى مخيمات ككلة والقواليش وتاورغاء والمشاشية، وآخرين مهجرين من الجنوب الليبي والشرق. لقد قمت أنا وزوجتي وابني رضوان بتأسيس الجمعية بعد ما كبرت أعمالنا وصارت بحجم المخيمات.
هكذا بدأ السيد فرج عمر حديثه معي عن جمعية عائشة أم المؤمنين، جمعية حين أتابع أعمالها، أوقن أن هذه البلاد لن تخرب، لأن ثمة ملح يحفظها، وقلوب تخفق بمحبة أهلها، وأيادٍ كريمة تجود.
- ماهي شروط الانتماء لجمعيتكم، وكم عدد أعضائها؟
* "معي ثلاث سيدات ورجلان وآخرون يأتون في أوقات متفرقة، يقومون بواجبات طارئة في المناسبات، وهناك آخرين يتطوعون من خلال ما أكتب فيقدمون أنفسهم تلقائيا، وتجدين هذا على صفحتي وصفحة الجمعية على فيسبوك، لأني أحبّ شكر كل من يقدم يد العون، أما شروط أبدا وخاصة لأسر المخيمات والنازحين والمهجرين، نقدم لهم المساعدات لتخفيف وطأة الفقر والضنك وارتفاع الايجارات، ونكفل الأيتام بلا شروط إلا أن يكون اليتيم مسجل بجمعية خيرية أخرى، والمطلقات والأرامل شرطنا أن يكون أولادهما قصر، وأن تحضر شهادة وفاة الأب بالنسبة للأرملة، ويتم قبول الأسر وتسجيلها في شهر 12 من كل سنة، عند التأكد من عدم تسجيلهم في مكان آخر، أو تتضح أن لديهم فرص عمل من خلال الأوراق المطلوبة سنويا من القوة العاملة، لكننا نقبل بعض الأسر المشردة في الحالات الطارئة والصعبة جدا".
أجد في صفحتك أخبارا عن تبرعات ودعم وعادة من أناس لا يحبون ذكر اسمائهم، فهل تدعمكم جهة ما؟
"نتلقى في الدعم من أهل البر والاحسان من داخل وخارج ليبيا ومن الخارج، جميعهم رجال أعمال ودكاترة يتابعون في منشوراتي ويستجيبون لكتاباتي، فيرسلون للجمعية شحنات من التموين والبطانيات وثمن المساعدات الإنسانية كالأدوية والعلاج، وقد أرسلنا العديد من المرضى على نفقة الجمعية للعلاج بمصر وتونس وتكفلنا ولازلنا نتكفل بشراء الأدوية للعشرات أو المئات من المرضى، والقسم المالي بالجمعية يعمل بشكل أكثر من رائع، وبكل ثقة وأقولها بأعلى صوتي -أننا نعمل بمستندات قبض واستلام وصرف بالبصم والتوقيع، ولو هناك أي جهة أو منظمة أو حتى وزارة تقوم بتوزيع الأموال على الأرامل والأيتام والمطلقات والفقراء والمساكين والمهجرين بنفس الكيفية والمقدار، إنني أتحداهم جميعا ليس غرورا ولا تكبرا ولكن كل شيء موثق بالمستندات والأوراق والواصلات والبصم والتوقيع، ونتشرف، باطلاع أي شخص معنيٌّ ومهتم بكلامنا، وبلا فخر قدمنا الألاف من الدينارات لبعض المستشفيات لغرض إنقاذها، وأيضا زوجنا العشرات من الشباب وأثثنا العشرات من البيوت بل نحن معنيون حتى بأسر السجناء، وكل ما نتلقاه هو زكاة وصدقات ودعم من إخواننا وأخواتنا الليبيين والليبيات ولا توجد أي دولة أو منظمة أو حزب أو أي جهة نتلقى منها المساعدات، ونحن نرفض قبول أي مساعدة من أي جهة أجنبية أو منظمات أجنبية، وحتى هذه اللحظة لم نتلق أي دعم من أي حكومة ليبية أو حزب أو منظمة ليبية".
- أستاذ فرج أنتم جمعية رسمية مسجلة في مفوضية المجتمع المدني، فلماذا لا تستفيدون من دعم منظمات دولية تتبع الأمم المتحدة مثل اليونسيف؟
"أتمنى ذلك ولكن الأمر يحتاج للغة الانجليزية، وراجعي منشوراتي من بداية انطلاقتنا، وجهت نداءات لدعمي ممن يجيدون اللغة الانجليزية وأن يتفضل ويتطوع معنا ونوفر له مكتب والقهوة والشاهي وكل الخدمات اللازمة مقابل أن يعرّف بنا وبأعمالنا للمنظمات الدولية التي لاتتدخل في السياسة، وليس لديها املاءات وشروط تمس بكيان الوطن، كالتنصير أو القاء محاضرات ايديولوجية أو تسعى لأهداف أخرى تمس بأمن الوطن والبلاد، منظمات تساهم في برامج تنموية أو حرفية أو تعليمية أو حتى مساعدات طبية أو علاجية، كتبت عدة منشورات والعديد من النداءات فلم الاقي استجابة أو تعاون أو متطوعين للأسف الشديد".
- هناك في طرابلس مكتب اليونسيف التابع للأمم المتحدة، وكان مقررا أن يكون لها لقاء بيوم الخميس 19 يوليو بمنظمات المجتمع المدني ولكن ألغي اللقاء بشكل مفاجئ، هل كنتم جزءا من اللقاء.
"لا أعرفها والله " اليونسيف " وأول مرة أسمع بها، وحتى إن كان كذلك فالأمر يحتاج لمن يأخذني ويسهل لي عرض قضايا المهجرين والنازحين والفقراء والمشردين، فلازلت أسعى وأبحث عن مقر كبير يكون صالح كدار لرعاية الأيتام - بطراز معيشي يختلف عن المتعارف عليه- والمسؤولين في الدولة يرفضون دعمي، ولا أحد يخبرني أو يتم اعلامي لا بالمؤتمرات ولا باللقاءات أبدا ولم أتلق أي دعوة من سنة 2012م حتى الآن لأي مؤتمر، ولو حضرت هذا اللقاء لكنت أوضحت وأوجزت فأنا من يعايش الأوضاع على طبيعتها، اختلف عمن يقرأ أو يسمع عنها - أنا لست من المحظوظين الذين يشرفونهم بالسفريات والمؤتمرات لأني لا أسعى للنجومية أو السيلفي، لم يتم استدعائي لأي مؤتمر يخص المهجرين والنازحين وأنا من يعمل ليل نهار من أجلهم، لكن هناك آخرون لايقدمون شيئا ولايعرفون شيئا وهم يلمعونهم دائما، أنا أعمل لله ولوجهه الكريم، ولا أبحث عن الوجاهة أو النجومية أو الاعلام .
- ثمة ألم في قلب يواصل الأمل ويد تواصل العمل الحقيقي، وعمي فرج عمر لايكفَّ عن الحلم والعمل، سألته عن طموحه أو ما يوّد ويسعى لتقديمه لهؤلاء، النازحين والمهجرين والأرامل والأيتام والمطلقات والفقراء والمساكين ... فأي إجابة كانت .؟؟!
"أريد مقرا كبيرا يكون صالحا كدار لرعاية الأيتام ولكن بشكل جديد غير متعارف عليه مختلف، أحتاج لمكان أو أحد المعسكرات المهجورة ليكون دارا لرعاية البنات والسيدات والمشردات، بالعشرات، لازلن تتقاذفهن الشوارع الخلفية ويسكنن في الأماكن القذرة ويمارسن الرذيلة بحجة أنه لايوجد من يأويهن أو يوفر لهن حياة عصرية كريمة".
ولا أريد من الدولة المال أو الدعم بكل أشكاله، فقط طالبتهم ولازلت أطالب حتى، بمقر يكون مركز للتحاليل الطبية، مجاني للأرامل والأيتام والمساكين، تجدين هذا في منشوراتي بصفحة الجمعية وصفحتي، فلا الدولة استجابت ولا المسؤولين تعاونوا معي، أريد الشروع في صيدلية لمرضى الأورام فلا أعطتني الدولة مقرا ولا أحد ساعدني بمبنى . ..؟!
-هل تمنحنا بعضا من سيرة فرج عمر المقرحي .؟
*" مواليد 1956م، في سنة 1964م تمّ ادخالي لدار رعاية الأيتام - مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية – 1970 تمّ اخراجنا منها بسبب مشاكل البلاد، فعملت في البحرية - المهنة بحار - أب لخمسة أشخاص ثلاث بنات وولدين وجد وعندي 3أحفاد - منذ ترعرعت وأنا أعول وأعمل من أجل اخوتي المعاقين وأمي الكفيفة - رحمها الله - درست تقنية الأعماق البحرية في روسيا ويوغسلافيا - متقاعد منذ سنة 1988م- عشت ردحا من الزمن مريض وعاطل عن العمل - فسترتني زوجتي وهي طباخة معروفة في المناسبات وهي ذراعي وعصاي التي أتوكأ عليها حتى الآن، وسندي في كل أعمالي ولولاها ماعملت ولانجحت أعمالي ولاحتى كانت .
ختاما وأخيرا هناك كلام لا يجب أن أقوله لك، ولكني مجبر عليه وهو التالي، "رغم توزيعي للملايين من الدينارات من الأموال التي تأتي إلينا من أهل الفضل، فإنني أتمنى زيارتك لبيتي لتري بأم عينك معيشتي أنا وأولادي وبناتي، سترين أني أعيش مثل أي فقير وآخذ تمويني ودوائي مثل أي فقير - وحسابي المصرفي واضح لكل شخص، ولكني شقيت بكلام الذين يلومونني على وضعي المعيشي وأخجل، ويشهد الله ان العديد ممن أساعدهم أفضل مني حالا، ولله الحمد والشكر أرى الدنيا بمنظار واحد فقط وهو أن أولادي وبناتي ينهضون أصحاء سالمين فتلك هي ساعة المنى عندي ولله الحمد والشكر، 63 سنة عشتها فقيرا معوزا جعلتني أحارب الفقر وأكره أن أراه في ديار غيري.