في يونيو 2013، خلال زيارته لسويسرا، علق الرئيس التونسي، منصف المرزوقي، على تجميد مبلغ 60 مليون فرنك سويسري (48 مليون يورو) كانت في ملكية بن علي وعائلته، في تصريح لصحيفة "لوتون" السويسرية أنه: "انطلاقا من كون مبلغ 60 مليون هو بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة، نطلب من أصدقائنا السويسريين أن يعيدوا لنا هذا المال في أسرع وقت ممكن ويساعدوننا على كشف الباقي".

لكن، على ما يبدو، لم يلق نداء الرئيس منصف المرزوقي آذانا صاغية. وخلال مؤتمرا صحفي بنادي الصحافة السويسري في جنيف نُظم حول موضوع " أين نحن من تجميد أصول الحكام المستبدين؟"، اعترف السفير فالنتين زيلويغر، رئيس مديرية القانون الدولي في وزارة الشؤون الخارجية، بأنه حتى هذه اللحظة لم يتم إرجاع ولو فرنك سويسري واحد إلى تونس! وليست تونس هي الحالة الوحيدة، فبيرن لم تُعد للقاهرة الـ 700 مليون دولار المودعة في خزائن بنوكها من قبل الرئيس السابق، مبارك، ومحيطه.

مال دوفالييه، منذ عام 1986 ...            

لكن في شهر أبريل الماضي، أعلن مايكل لوبر، المدعي العام للاتحاد، على إحدى الإذاعات السويسرية، عن "استرجاع" استباقي لمبلغ 35 مليون فرنك (28 مليون يورو) لفائدة تونس كانت قد جمدت في حسابات بلحسن الطرابلسي، شقيق ليلى، الزوجة الثانية للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي سنة 2011. لكن في سويسرا، قد يتم اللجوء للمحكمة الجنائية الاتحادية لإلغاء مثل هذه القرارات، خصوصا أن مالكي هذه الأموال يستطيعون توكيل أفضل المحامين للدفاع عن قضاياهم.

باختصار، يتوجب على التونسيين التسلح بالصبر. وقد ذكر فالنتين زيلويغر أن أموال جان كلود دوفالييه جُمدت في عام 1986 ولم يتم استرجاعها حتى الآن من قبل هايتي. ولا يرجع الخطأ هنا بالضرورة إلى سويسرا. "نحن نواجه دولا فاشلة. ما الذي بوسعنا فعله إذا خرج بلد ما عن نهج حاكمه السابق؟" يتساءل السفير السويسري، مستشهدا بحالة زائير السابقة، حين اضطرت بيرن، في نهاية المطاف، إلى إعادة أصول الرئيس السابق موبوتو سيسي سيكو لأسرته ...

700 مليون دولار ثروة مبارك ومحيطه في أبناك سويسرا

الوضع أكثر تعقيدا بالنسبة لمصر. ففي ديسمبر 2012، قضت المحكمة الجنائية الاتحادية أن عدم الاستقرار السياسي في مصر جعل الدولة المصرية غير متحكمة وغير قادرة على ضمان السير العادي لقضاء "يحترم الحقوق الأساسية للأطراف المعنية بعيدا عن تدخل السلطة السياسية". وفي 2011، قام المدعي العام للاتحاد بتجميد 700 مليون دولار الموجودة في البنوك السويسرية.

إلى متى هذا الوضع؟ في الواقع، هناك مشكلة أخرى مطروحة: لمن سيتم تسليم هذا المال وكيف سيتم استخدامه لمصلحة البلاد المنهوبة؟ قامت المصالح القضائية السويسرية باتصالات متكررة مع القضاة في هايتي، لكن تبين لها أن هؤلاء لا يرغبون في استعادة أموال جان كلود دوفالييه المهربة سوى لوضعها في حسابات خاصة يعتزمون فتحها في سويسرا !

لقد اعترف فالنتين زيلويغر أن عملية تتبع أصول الحكام المخلوعين تواجه حالات أكثر تعقيدا. فالمعنيون لا يفتحون حسابات بأسمائهم أو بأسماء أبنائهم أو أقربائهم، لكن يتوارون وراء شركات ووكالات ومؤسسات يديرها محامون وموثقون يحظون بمكانة محترمة في سويسرا. ففي أوائل 2000، كان الديمقراطي المسيحي، بيتر هيس، عضو كانتون زوغ ورئيس المجلس الوطني (الجمعية الوطنية)، يدير ما لا يقل عن 48 شركة، إحداها، في إمارة ليختنشتاين، كانت تدير الصندوق الأسود لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني.