قالت السفارة الأمريكية أن «القائم بالأعمال جوشوا هاريس زار مدينة بنغازي للتشاور مع مجموعة من المسؤولين الليبيين لتحقيق حلّ منزوع السلاح في سرت والجفرة، وتمكين المؤسسة الوطنية للنفط من استئناف عملها الحيوي على الصعيد الوطني، واغتنام الفرصة التي وفّرها الحوار الذي تيسّره الأمم المتحدة للتوصل إلى صيغة نهائية لوقف دائم لإطلاق النار وخارطة طريق لانسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة »

وأضافت  أنه ،و« في لقاءاته مع مسؤولين من مجلس النواب والقوات المسلحة العربية الليبية، أكّد القائم بالأعمال هاريس مجدّدا أنّه مع رفع الحصار المفروض على النفط،وأن السفارة ستظل ملتزمة التزاما كاملا بتعزيز الإدارة الشفافة لعائدات النفط والغاز حتى يثق جميع الليبيين في أنّ هذه الموارد الحيوية ستستخدم بحكمة لصالح الشعب الليبي»

وتابعت « تؤكّد هذه الزيارة، التي تلت سفر وفد السفارة إلى مدينة زوارة في 22 يونيو ومدينة مصراتة في 27 يوليو، التزام الولايات المتحدة الأمريكية بإشراك مجموعة واسعة من القادة الليبيين، من كل أرجاء البلاد، وخاصة أولئك المستعدين لدعم السيادة الليبية ورفض التدخل الأجنبي والتجمّع في حوار سلمي»

وكان أمين عام القيادة العامة للقوات المسلحة، اللواء عبد الكريم هدية، وعدد من الضباط، اجتمعوا أول من أمس بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية . وبحث الجانبان تطورات الوضع في ليبيا وآخر المستجدات.

وجرى خلال اللقاء، بحث وقف التصعيد في سرت والجفرة، وتمكين المؤسسة الوطنية للنفط من استئناف عملية تصدير النفط، والتوصل إلى صيغة نهائية لوقف دائم لإطلاق النار، وإيجاد خارطة طريق لانسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة.

وقبل ذلك ،نقل القائم بأعمال السفارة الأمريكية جوشوا هاريس ثلاث مطالب لحكومة فائز السراج، تمثلت في وقف التصعيد العسكري في سرت والجفرة وتسريح الميليشيات ونزع سلاحها ومغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة.

وخلال زيارته التي أداها  الإثنين الى مدينة مصراتة ، حيث عقد اجتماعين منفصلين، مع عضو المجلس الرئاسي، أحمد معيتيق، ووزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا ، نقل الديبلوماسي الأمريكي مواقف بلاده المعلق بملفات وقف التصعيد العسكري في سرت والجفرة، وإعادة فتح قطاع الطاقة في ليبيا، وتكثيف الجهود الليبية لتسريح الميليشيات ونزع سلاحها وإعادة دمجها.

وقالت السفارة الأمريكية في بيان لها أن القائم بالأعمال هاريس جدد دعم الولايات المتحدة لسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وشدّد على الحاجة الملحة لمغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة البلاد، وأعرب عن استعداد بلاده للعمل مع مجموعة شاملة من الشخصيات الليبية من جميع أنحاء البلاد التي ترفض التدخل الأجنبي. 

وأكدت مصادر من داخل حكومة السراج أن واشنطن لم تعد مستعدة للمقامرة بعلاقاتها بجميع حلفائها في العالم العربي وأوروبا من أجل عيون أردوغان وأهدافه التوسعية ، وأن الرسالة وصلت الى سلطات طرابلس والقيادات الجهوية في مصراتة

وتابعت أن الجهود الأمريكية تنصب حاليا على جملة من المسائل ذات الأهمية القصوى بالنسبة لها وهي منع حصول أية مواجهات جديدة في سرت والجفرة ، وضمان عدم حدوث اصطدام مباشر بين مصر وتركيا داخل الأراضي الليبي ، وفتح الحقول والموانيء النفطية ، وإخراج المرتزقة الأجانب ، والإتجاه للحل السياسي وفق مخرجات مؤتمرات برلين ومبادرة القاهرة ، والإعداد لإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية في أجل لا يتجاوز النصف الأول من العام القادم

وتزامن ذلك مع تعديلات جديدة على مشروع قانون ”دعم الاستقرار في ليبيا”، وضعتها لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، في جلستها أول من أمس، على أن ترفعها إلى الكونغرس للتصويت عليها.

وشملت التعديلات 13 بندا ركزت على الحل السلمي للأزمة في ليبيا، ودعم سيادة ليبيا واستقلالها ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، إضافة إلى تشديد إجراءات المراقبة على تطبيق قانون حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا بما يضمن وقف تدفق كافة أشكال الأسلحة وجلب المرتزقة للقتال، مع طرد كل أشكال الوجود الأجنبي على الأراضي الليبية وحث الأطراف جميعها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وتضمنت البنود أيضا الضغط من أجل منع تصدير النفط بصورة غير شرعية، وكذلك وقف جميع أشكال الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الطبي والبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك إمدادات المياه ومصادر توليد الطاقة الكهربائية والطرق في ليبيا، وضمان تقديم المسؤولين عن هذه الاعتداءات إلى المساءلة.

وجاء ذلك، في الوقت الذي اتسعت فيه دائرة الرفض الإقليمي والدولي للتدخل التركي السافر في ليبيا ، والذي يشير المراقبون الى أن بات يشكل مخاطر على الأمن والاستقرار قي المنطقة والعالم، بما يشكله من أطماع توسعية واستعمارية تحت غطاء عقائدي يتزعمه أردوغان

ووفق تقرير نشره موقع « لونوفال أفريكوم »  ، فإن الإدارة الأمريكية تحاول طويلا ضبط النفس حيال التدخل التركي في الشأن الليبي، حيث بات الحليفان تحت لواء حلف شمال الأطلسي، غريمين إقليميين، بحسب التقرير.

ولفت التقرير الى ما تم الكشف عنه مؤخرا من قلق متزايد لدى الجيش الأمريكي من حرب تديرها تركيا بالوكالة في ليبيا، وذلك إنطلاقا من التقرير الفصلي حول عملية مكافحة الإرهاب في شمال وغرب إفريقيا الذي أصدرته هيئة الرقابة الداخلية في وزارة الدفاع الأمريكية وتطرقت من خلاله للمرة الأولى لموضوع المساعدة العسكرية التركية لحكومة الوفاق ، مشيرة الى إنّ تركيا نشرت في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020 عددًا غير معروف من قواتها وأرسلت ما بين 3500 و3800 مرتزق سوري إلى ليبيا مؤكدا أنّ أنقرة جندت آلاف المرتزقة للقتال إلى جانب ، حكومة فائز السراج  وأغرتهم بوعود بالمال وبمنحهم الجنسية التركية.

ويعتبر هذا الإعتراف الأمريكي بإعتماد تركيا على المرتزقة الأجانب لتكريس نفوذه في الداخل الليبي ، إدانة ضمنية لنظام أردوغان ، يمكن الإعتماد عليها مستقبلا في ملاحقته قضائيا طبق القانون الدولي الذي يجّرم تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم

وبحسب التقرير، فإنّ المفتش العام الأمريكي أرسل إشارة أخرى عن القلق الأمريكي المتزايد بشأن التوترات في ليبيا حيث استمرت المواجهة المسلحة بين حكومة فائز السراج المدعومة من تركيا والجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر.

و اعتبر التقرير أنّ التطورات الأخيرة في غرب ليبيا مثلت خيبة أمل مريرة لواشنطن، خاصة بالنظر إلى دورها التعزيزي في حلف شمال الأطلسي، ففي الوقت الذي تتمدد فيه تركيا في ليبيا تواجه الولايات المتحدة ما وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ ”موت دماغي“ لحلف شمال الأطلسي.

وأكد التقرير ان التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأمريكيين هي علامة واضحة على أن استياء واشنطن يتصاعد بسبب الأنشطة التركية المشكوك فيها والتي تهدد وحدة حلف شمال الأطلسي، على الرغم من أن تركيا جزء مهم من الحلف إلا أن مستقبلها كدولة عضو يعتمد على رغبة أنقرة في الاندماج عضوياً في هيكل الأمن الجماعي، فإن لم يكن فإنّ جسم الحلف قد يخضع لعملية جراحية ويستمر في العيش.“ بحسب تعبير التقرير.

وتشير مصادر ليبية مطلعة الى أن التدخل التركي ، أعطى ميلشيات حكومة السراج فرصة لاستعادة أنفاسها بعد انسحاب الجيش الوطني من منطقة الغرب الليبي ، لكنه بالمقابل ، زاد من تعميق الأزمة وخاصة في العلاقات الاقليمية ، وداخل حلف الناتو ، وأحرج واشنطن مع عدد من حلفائها الأوروبيين ، وهو ما تحاول الولايات المتحدة تلافيه بالسعي الى لجم الإندفاع التركي في ليبيا وشرق المتوسط ومنطقة الساحل والصحراء