في نهاية الأسبوع الفارط، تمكنت ميليشيات بوكو حرام من الاستيلاء على قاعدة عسكرية في مدينة باقا، التابعة لومقاطعة بورنو المهمة في شمال شرق نيجيريا، فهي تمثل موقعا استراتيجيا اذ تمس المنطقة حدود 3 دول أخرى هي النيجر، تشاد والكاميرون. هذه عودة لهذا الحدث الذي من المتوقع أن يحدث اضطرابات في المنطقة كما في الحياة السياسية لعدة دول.

هناك 3 انعكاسات مباشرة لسيطرة بوكو حرام على شمال شرق نيجيريا، ستفصلها في هذا المقال:

1 – هزيمة ذات دلالة للإرادة الدولية: ان القاعدة العسكرية لمدينة باقا، من المفترض أن تضم قوات من نيجيريا والتشاد وعدد من أفراد البعثة الدولية التابعة للأمم المتحدة، غير أن سوء تفاهم مع العاصمة أبوجا حول سبل محاربة بوكو حرام جعلت القوات الأجنبية تنسحب من القاعدة منذ فترة.

تشرف مدينة باقا على بحيرة التشاد التي تفصل بين نيجيريا والتشاد. لذلك يرى الخبير الأمني المتخصص في الشؤون الأفريقية، ريان كومنغس أن "موقع هذه القاعدة كان سيمكنها من لعب دور مهم في ربط وتنسيق المجهودات الأمنية بين الدول الهادفة لمحاربة بوكو حرام". ولكن بعد أن سيطر الاسلاميون المتشددون على القاعدة، يعتبر كومنغس "أن هذا النصر سيمثل دفعا معنويا كبيرا لهم وسيجعل من هجوماته القادمة أكثر جرأة".

من جانب حدود دولة النيجر، فإن مقاطعة ديفا تشهد توافد عدد كبير من اللاجئين، وقد أشار رئيس بلدية ديفا أن "علم بوكو حرام الأسود أصبح ظاهرا للعيان في المنطقة" وأضاف أن الجميع "يعيش حالة خوف من وصول الهجومات إلى النيجر". أما في الكاميرون فإن عمليات بوكو حرام قد تضاعفت خلال الأسابيع الأخيرة، وقد أكد العقيد ديديي بادجيك، الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الكاميرونية أن "قواته مستعدة للإجابة بقسوة على تهديد بوكو حرام".

2- فتح طرق امدادات لبوكو حرام: إن السيطرة على منطقة الشمال الشرقي النيجيري تمكن بوكو حرام من حرية أكبر في التحرك وخصوصا في عمليات الامدادات حيث أن المنطقة الحدودية عادة ما تكون أكثر ملائمة لتوفير كل ما تتطلبه المرحلة من سلاح وتموين وتوفير للمقاتلين.

من جانب آخر، سيؤثر استيلاء بوكو حرام على المنطقة على مستوى علاقات التبادل التجاري بين الدول التي تلامس الحدود النيجيرية هناك، حيث أن بحيرة التشاد تمثل شريان تدفق البضائع بين الدول الأربعة (نيجريا، النيجر، التشاد والكاميرون)، وهذا ما يؤكده رئيس نقابة الصيادين أباكار غامندي في ولاية بورنو النيجيرية.

كما يشرح لنا أباكار غامندي أن بورنو "تعد منطقة جذب تجاري وفلاحي تستفيد منها كل الدول المجاورة، وتصل منتجاتها الى السودان وإفريقيا الوسطى" كما يرى باغندي "أن دول المنطقة في حاجة ماسة لما توفره ولاية بورنو النيجيرية لأنها الأغنى على المستوى الانتاجي".

3 – لن تشارك بورنو في الانتخابات في نيجيريا: في نيجيريا، أكبر بلدان افريقيا من الناحية السكانية، وأكبر قوة اقتصادية، تمثل خسارة منطقة بورنو عاملا مؤثرا للغاية على المستوى السياسي، خاصة حين نعلم انه لم تعد تفصلنا سوى 5 أسابيع على انطلاق الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والرئاسية. وإذا استمر الوضع كما هو فإنه لا يمكن تأمين عملية انتخابية في بورنو. وفي الحقيقة، فإن السلطات النيجيرية كانت تفكر في اعفاء منطقة بورنو من ممارسة الحق الانتخابي حتى قبل استيلاء بوكو حرام على قاعدة باقا، من أجل عدم تعريض حياة المواطنين للخطر.

الوضع السياسي في نيجيريا حرج ودقيق، فالانتخابات القادمة تعتبر أكبر اختبار للديمقراطية التي استأنفت سنة 1999. ويعتقد الملاحظون أن هذه الانتخابات ستحسم بفارق بسيط من الأصوات، ومن هنا نفهم أن تغييب منطقة سيكون مؤثرا للغاية في النتيجة النهائية. وبالتالي فإن مصداقية العملية الانتخابية يمكن ان يتم التشكيك فيها منذ الآن..