أكد رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج أن الخلاف بين الأطراف السياسية أدى إلى انقسام المؤسسات، وتراجع الاقتصاد، وتعطيل المسار الديمقراطي، وعرقلة الانتقال إلى بناء الدولة.

وأضاف السراج خلال لقاء مع عمداء بلديات المنطقة الغربية حضره وزير الحكم المحلي "لقد مددنا أيدينا للجميع من أجل لم الشمل، وانهاء الانقسام السياسي والمؤسساتي، ولم نيأس أو نتراجع عن هذا الهدف رغم ما يطفو على السطح من سلبيات وما تعرضنا له من حملات إعلامية وتشويش وذلك من اجل حماية وحدة الوطن.

 وتحدث السراج خلال اللقاء الذي عقد بمقر المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس عن برامج الاصلاح حيث قال بأنه في "موازاة الجهد السياسي عملنا على التخفيف من معاناة المواطنين من خلال برنامجين متزامنين للإصلاح الاقتصادي والأمني".

وأشار السراج خلال حديثه بحضور أكثر من 40 عميد بلدية بالمنطقة الغربية إلى أن الإصلاحات الاقتصادية أدت إلى تقليص العجز، وتراجع تدريجي للتدهور في سعر الدينار، وانخفاض في أسعار المواد الاساسية، مؤكدا أن هذه مرحلة أولى تتبعها مراحل متفق بشأنها، كما أشار إلى ضرورة استكمال هيكلية ميزانية الدولة والتي تستنزف الرواتب أكثر من ستين في المئة منها ليوزع ما تبقى لتغطية الاحتياجات والقطاعات المختلفة ومشاريع الخدمات والتنمية متقدما بالشكر لتعاون وتجاوب المؤسسات المالية والاقتصادية المختلفة، وأكد أن الترتيبات المالية لعام 2019 ستعلن قريباً كما تطرق إلى الترتيبات الأمنية التي تم انجاز مراحل منها وتمضي هذه الترتيبات تحت اشراف وزارة الداخلية والجهات المعنية الأخرى بوتيرة مختلفة تسرع أحيانا وتبطء في أحيان أخرى.

وأشار السراج إلى دور البلديات الذي وصفه بالحيوي والهام والتي جاء مسؤوليها عبر صناديق الاقتراع، مؤكدا أنها الأساس في نظام اللامركزية، الذي تتبناه حكومة الوفاق الوطني قائلا إن البلديات هي الأقدر على معرفة احتياجات مناطقها وخيارات مواطنيها التنموية، وأنه سيتم توسيع صلاحياتها، وتخصيص ميزانيات كافية لها، ليتحقق ما نصبو إليه من عدالة اجتماعية وتوزيع عادل للثروة كما أعلن عن قرب البدء في انتخابات البلديات ودعم المفوضية لإنجاح هذا الاستحقاق، موضحا أنه يجري حالياً دراسة مشروع المحافظات من كافة النواحي دعما لبرنامج اللامركزية .

وتطرق السراج خلال حديثه إلى موضوع حقل الشرارة النفطي سارداً لتطور الأحداث منذ زيارته للحقل في شهر ديسمبر الماضي، وما تم من تنسيق مع المؤسسة الوطنية للنفط لإيجاد حلول لاستئناف عمليات الضخ، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على ترتيبات أمنية تحت إشراف المؤسسة تقضي بإخراج جميع المدنيين من الحقل وبذلك صدر الإعلان عن رفع القوة القاهرة قائلا "إن عمليات العبث والابتزاز التي تطال المنشآت الحيوية يجب أن تتوقف فالمتضرر هو المواطن" .

وعن آخر تطورات العملية السياسية، تحدث السراج عن لقاءه مؤخرا بقائد الجيش خليفة حفتر في ابوظبي وما أثير حوله من جدل ولغط، موضحا بأن الوفاق هو مشروع وطني، لا يرتبط بأشخاص أو مناطق أو فترة زمنية، وهو ما يود أن يسود بين الليبيين جميعا دون استثناء في علاقاتهم على كافة المستويات والتوجهات، وأوضح بأن التوافق لا يعني أن لا نختلف، بل أن يكون خلافنا إن وجد حضارياً، وفي إطار الثوابت الوطنية من وحدة الوطن وسلامته وسيادته وأمنه وحقوق مواطنيه وقال إن هذه الحقوق يكفلها الدستور لكل المواطنين ويجب أن تتوقف حملات تخوين وشيطنة من لا نتفق معهم فهذا النهج لا يبني الدول .

وقال السراج إنه من هذا المنطلق جاء اجتماعنا مع حفتر في إطار لقاءاتنا وتشاورنا مع جميع الأطراف على الساحة الليبية، من أجل حقن الدماء، والوصول إلى صيغة تجنب بلادنا الصراع والتصعيد العسكري مضيفا نرى أنه كان لقاء يمكن البناء عليه.

وأعلن رئيس المجلس الرئاسي عن النقاط التي تم التوافق عليها خلال الاجتماع وأهمها، عدم إطالة الفترة الانتقالية، وضرورة توحيد مؤسسات الدولة، وإنجاز انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية هذا العام وتوفير المناخ الملائم لإجرائها، ودعم جهود المبعوث الأممي في هذا الشأن.

وأكد السراج خلال لقاء أبوظبي على مبادئ غير قابلة للتنازل، تتلخص في مدنية الدولة ، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة، مشدداً على عدم وجود حل عسكري أو مكان لعسكرة الدولة، وضرورة وقف خطاب التأجيج والتحريض على العنف والكراهية وبث الفتن وأن تسود مجتمعنا ثقافة السلام والانتماء والتسامح وأنه لن يسمح بأي محاولات من أي جهة لخلق فتن من شأنها ادخال المدن الليبية في حرب أهلية، ونحن على استعداد لمواجهة كل الاحتمالات.

وقال إنه بالتوافق نستطيع معا محاربة الإرهاب، ومكافحة الجريمة ، وبسط الأمن في جميع أنحاء البلاد .

وتحدث السراج عن أهمية ما يجريه من لقاءات خارجية إقليمية ودولية، وقال إذا كنا نعمل على إيجاد توافق داخلي، فنحن أمام تحدي كبير للعمل على إيجاد توافق دولي تجاه الازمة في بلادنا، وأضاف قائلا "كلكم تشاهدون التنافس الإقليمي والأوروبي والدولي، وحجم التدخلات السلبية منذ 2011 ، لذا نقوم بعقد لقاءات مع قيادات تلك الدول رغم كل التناقضات، وأننا نعمل على مسافة واحدة من الجميع حتى نصل إلى الاستقرار وإنهاء الصراع" .

وطرح السراج سؤالا على من يعترضون على مثل هذه اللقاءات قائلا ما هو البديل؟ ، وأوضح أن " السلام هو خيارنا، والبديل يأخذنا إلى صراع مسلح، والمزيد من إراقة الدماء وتدمير المنشآت والممتلكات، ولن يكون هناك رابحاً في هكذا صراع، بل هناك خاسر واحد هو الوطن".

وقال إن جميع الليبيين شركاء في هذا الوطن، كما أن الحل ليس حكراً على أي مجموعة أو فئة ولن يكون من خلال لقاءات ثنائية مغلقة، والتوافق هو أساس العملية السياسية داعياً الجميع للمشاركة في صياغة الحل، ولا إقصاء لأحد ليساهم الجميع في رسم خارطة المستقبل، وأكد أنه ليس لأحد الحق في إصدار صكوك الوطنية.

ونبه السراج إلى أن "خيارات اليوم قد لا تكون متاحة في الغد "مضيفا بأنه إذا أردنا أن تجتاز بلادنا الأزمة الراهنة فإن صناعة السلام من شيم الشجعان".

واعرب السراج في ختام كلمته عن ثقته الكاملة في قدرة أبناء هذا الشعب على مواجهة تحديات هذه المرحلة واجتياز الأزمة الراهنة بسلام واقتدار، لتبدأ مسيرة البناء والإعمار".