أكد وزير الخارجية بحكومة الوفاق محمد سياله أن الوضع في ليبيا "يظل محل اهتمام ومتابعة الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بأسره".
وتابع سيالة في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة والسبعين "نحن نُكِّن كل التقدير والاحترام لكل من يبذل جهود صادقة لمساعدتنا في تجاوز ما نمر به من ظروف وتحديات صعبة، ونؤكد على أهمية تنسيق وتكامل هذه الجهود، وتجنب التنافس والتباين في طرح المبادرات، التي بات واضحاً أنها تربك وتشتت فرص حل الأزمة الليبية. لذا نعتقد أنه من المهم التنسيق مع الأمم المتحدة عند عقد أي اجتماع إقليمي أو دولي معني بالشأن الليبي، وأهمية أن تكون النتائج متوافقة مع رؤيتها لحل الأزمة الليبية".
وأضاف سياله "إن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ومنذ استلامه لمهامه أدرك حجم التحديات التي تواجه البلاد، وفي مقدمتها اتساع دائرة التهديد الإرهابي، وتباين مواقف الأطراف السياسية، وعدم استقرار الوضع الأمني، وتفاقم الأزمة الاقتصادية التي أثرت سلباً على المستوى المعيشي للمواطن وما يحتاجه من خدمات مختلفة. لقد كنا وما زلنا حريصين على سرعة إيجاد استجابة وحلول سلمية سريعة لهذه التحديات، وسبق لنا أن قدمنا العام الماضي خارطة طريق للخروج من الأزمة، تقوم على أساس إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، ووقفْ جميع الأعمال القتالية باستثناء مكافحة الإرهاب، ومباشرة مقتضيات المصالحة الوطنية، ورأينا أن هذا النهج من شأنه أن يُفضي إلى توحيد المؤسسات والانطلاق نحو بناء الدولة الديمقراطية الحديثة. لكن للأسف لم نلمس تجاوب من المؤسسات الوطنية المعنية بهذا الاستحقاق، ومع ذلك لم نفقد الأمل وظلت أيدينا ممدودة للجميع عاقدين العزم على مواصلة التعاطي الإيجابي مع ما يطرح من مبادرات حقيقية وصادقة للخروج من حالة الجمود السياسي الذي أثقل كاهل الدولة والمواطن على حد سواء".
وتابع سياله "إننا نُقدر عالياً الجهود المتواصلة التي يضطلع بها غسان سلامة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا والفريق العامل معه لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، والمساهمة في إيجاد الحلول للعديد من المشاكل والصعوبات، ولا يفوتني أن أشير إلى أن حكومة الوفاق الوطني سبق أن رحبت بخارطة الطريق التي عرضها السيد سلامة خلال الاجتماع الرفيع المستوى بشأن ليبيا الذي عُقد في مثل هذا الوقت من العام الماضي، وشجّعت جميع الأطراف المعنية على إبداء المرونة وسرعة الوصول إلى التوافق على إدخال التعديلات على بعض مواد الاتفاق السياسي محل الخلاف، والانتقال بعد ذلك لمباشرة تنفيذ بقية الخطوات التي تضمنتها الخطة، إلا أنه للأسف لم يتم إحراز التقدم الذي كنا نصبوا إليه".
وأوضح سياله أن "المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني يدعم ويؤيد أي مسار يُفضي إلى التسوية السياسية الشاملة، ومن هذا المنطلق تفاعلنا مع الأصوات المطالبة بتنظيم انتخابات عامة تُخرٍج البلاد من أزمتها السياسية، وقمنا بتسهيل مهمة المفوضية العليا للانتخابات في تسجيلها للناخبين، وكانت النتائج مشجعة جداً، حيث أن عدد المسجلين فاق المتوقع وغير مسبوق، وهو مؤشر واضح على موافقة الليبيين ورغبتهم في سرعة تنظيم وإجراء الانتخابات، ومن جانبنا شجعنا هذا التوجه وسارعنا بتخصيص مبلغ 60 مليون دينار للمفوضية استعداداً لتنظيم الانتخابات، وقمنا بالتنسيق والتشاور مع الجهات المعنية لتأمين الظروف الأمنية والتنظيمية الكفيلة بإجرائها في جو من الحرية والنزاهة، ونتطلع إلى أن يجد هذا المطلب الشعبي صدىً لدى المؤسسات المعنية، وأن تفي بالتزاماتها، وتُغلّب المصلحة العليا للبلاد، وتضطلع بكل ما هو مطلوب من إجراءات تشريعية وقانونية للوفاء بهذا الاستحقاق الوطني الذي من شأنه أن ينهي حالة الجمود السياسي، ويوحد مؤسسات الدولة، ويفتح الطريق أمام معالجة الصعوبات المتعددة التي تواجه المواطن".
وأردف سياله "إننا نؤكد عزمنا على مواصلة الجهود لإخراج البلاد من أزماتها، ووقوفنا بصلابة ضد كل من يحاول فرض توجهاته بقوة السلاح، لقد عبرنا عن إدانتنا واستنكارنا للهجمات المسلحة التي تعرضت لها ضواحي مدينة طرابلس خلال الأسابيع الماضية والتي أحدثت خسائر بشرية ومادية جسيمة، وروعت النساء والأطفال، وهجرت المدنيين الأبرياء. إننا نُقّدر عاليا جهود بعثة الأمم المتحدة بقيادة السيد غسان سلامة التي أفضت إلى الاتفاق على وقف إطلاق النار، ونطالب جميع الأطراف الالتزام بذلك، ونؤكد إن يد العدالة الوطنية والدولية ستلاحق كل من كان وراء هذه الهجمات وما سببته من مآسي، ونحن عازمون من جانبنا على إجراء الترتيبات الأمنية التي نص عليها الاتفاق السياسي، بما يُسهم في توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، ويحقق استتباب الأمن والسلام في البلاد ونؤكد مجدداً أن اللجوء للسلاح والتهديد به لا يخدم إلا شبكات الإرهاب التي تجد في الفوضى الفرصة لتنفيذ نشاطاتها الإجرامية. والدليل على ذلك الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له كل من المفوضية العليا للانتخابات والمؤسسة الوطنية للنفط، وعليه فإن أولوية تحقيق الأمن والاستقرار هدفٌ لا غنى عنه، وخطوة ملحة تتطلب من الأمم المتحدة المساهمة الفاعلة في دعم هذا التوجه، ولذلك نرى أهمية أن تتحول بعثة الأمم المتحدة في ليبيا من بعثة سياسية خاصة إلى بعثة لدعم وإرساء الأمن والاستقرار والسلام في جميع أنحاء البلاد".
وزاد سياله "تعمل حكومة الوفاق الوطني على إيجاد حلول للأوضاع المعيشية والخدمية الصعبة التي تواجه المواطن، حيث شَرَعت في تنفيذ إصلاحات اقتصادية من شأنها تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، والرفع من مستوى أداء القطاعات الخدمية التي تأثرت سلباً نتيجة حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد. وفي هذا الصدد نؤكد على أننا نولي أهمية كبيرة لحشد مواردنا المالية وتوجيهها نحو تحقيق مطالب شعبنا في شتى المجالات، ونأمل أن تقوم كافة الدول التي توجد بها أصول أو أموال ليبية بتقديم التسهيلات الممكنة التي تُسهٍم في تحقيق ما يتخذه المجلس الرئاسي من سياسات وتوجُهات خدمةً لكل الليبيين".
وجدد سياله التعبير عن إدانة ليبيا ورفضها "القاطع للإرهاب بجميع أشكاله وصوره، وأياً كان مصدره، ومهما كانت دوافعه ومبرراته" مؤكدا "على أنه ظاهرة عالمية لا ينبغي ربطها بأي دين أو عقيدة" وتابع "كما تعلمون فإن بلادي قدمت تضحيات جسام للقضاء على التنظيمات الإرهابية التي تضم العديد من المقاتلين الأجانب، ومن ذلك تنظيم داعش الوافد إلينا من الخارج، والذي لا يُهدد أمن واستقرار وسلامة ليبيا فقط بل يسعى لاستغلال مواردنا الطبيعية، وتوظيفها للانطلاق نحو الخارج لتنفيذ مخططاته الدموية التي لا تمت للإسلام بصلة".
وأضاف سياله "لقد صادقت ليبيا على كافة الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، واعتبرت إستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وركائزها الأربع من أهم الأطر القانونية الدولية الموجهة للقوانين والتشريعات الوطنية في مجال محاربة هذه الظاهرة".
وتابع "إن خطر شبكات الإرهاب مازال قائماً، وهو ما يدعو لليقظة وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي والتنسيق المشترك على كافة المستويات، لتتبعّ شبكات الإرهاب والقضاء عليها أينما وجدت، وفي هذا الجانب تبرز أهمية دعم خطط وبرامج التعاون الإقليمي وشبه الإقليمي ومنها على سبيل المثال النتائج التي أسفرت عنها جملة من الاجتماعات الوزارية حول تعزيز التعاون في مجال أمن ومراقبة الحدود المشتركة والتي كان آخرها الاجتماع بالعاصمة السودانية الخرطوم، وشاركت فيه كل من السودان والنيجر وتشاد وليبيا، وأفضى إلى خطة عمل مشتركة نأمل أن تحظى بدعم المجتمع الدولي".
وأردف سياله "لقد عبرنا عن تأييدنا لكافة الجهود الدولية الهادفة للقضاء على الإرهاب، وأكدنا في أكثر من مناسبة دعمنا للأصوات التي تطالب بعقد مؤتمر دولي رفيع المستوى برعاية الأمم المتحدة لبحث سبل توحيد الجهود في هذا الشأن".
وتابع "فيما يتعلق بمسائل حقوق الإنسان، نؤكد عزمنا على حماية هذه الحقوق وتعزيزها، والتزاماً بذلك أصدرنا عدد من القوانين منها قانون تأسيس الأحزاب والانتساب إليها، وقانون بشأن التظاهر السلمي، وقانون تجريم التعذيب والاختفاء القسري، وقانون بشأن تعديل مواد في قانون العقوبات، وقانون العدالة الانتقالية الذي يحرص المجلس الرئاسي على تفعيله تحقيقاً للتسامح والوئام بين الجميع".
ولفت سياله إلى انه "فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بذلت حكومة الوفاق جهود متواصلة من أجل تعزيز حقوق المرأة، والمساواة بين الجنسين، واستمرار توفير الخدمات التعليمية والرعاية الصحية المجانية لجميع المواطنين" مضيفا "وتطبيقاً للمادة السابعة من الإعلان الدستوري الداعية للانضمام إلى كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية ذات الصلة بتعزيز حقوق الإنسان، تمت المصادقة على بعض الاتفاقيات، ومنها الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وأصبحت ليبيا بذلك طرفاً في هذه الاتفاقية".
وتابع "وإذ نؤكد مجدداً التزامنا بحماية وتعزيز حقوق الإنسان، فإننا نود أن نُشير إلى أن صعوبات المرحلة الانتقالية، أوجدت عدداً من التحديات الأمنية، التي أفرزت بعض الانتهاكات لحقوق الإنسان، ونتطلع في هذا الشأن إلى الاستفادة من آليات المساعدة الفنية والتقنية التي يوفرها مجلس حقوق الإنسان والهيئات والبرامج الأخرى المعنية بالأمم المتحدة".
وأضاف سياله "تولي بلادي اهتماماً كبيراً بظاهرة الهجرة غير النظامية وتسعى لمعالجة استمرار تدفق هؤلاء المهاجرين الذين يعرّضون أنفسهم لاستغلال شبكات تهريب البشر، ومخاطر عبور البحر الذي يودي بحياة الآلاف منهم، الأمر الذي جعل هذه الهجرة عنواناً لمأساة إنسانية ظل المجتمع الدولي عاجزاً عن معالجتها حتى الآن وبلادي باعتبارها دولة عبور تواجه نتيجة هذه الظاهرة تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية خطيرة فاقمت ما تمر به من حالة عدم الاستقرار، الأمر الذي ترك صعوبات ومشاكل انعكست سلباً على المجتمع الليبي، وبات من الصعب معالجتها دون تعاون ومساعدة خارجية ترقى لمستوى هذه التحديات وتداعياتها الخطيرة".
وأردف سياله "لقد بات واضحاً أن الاعتماد على البعد الأمني وحده في معالجة هذه الظاهرة لا يُمثل الحل الأمثل، وإن الأمر يتطلب التركيز على معالجة الأسباب الحقيقة التي تدفع الناس لطلب هذه الهجرة المحفوفة بالمخاطر، ونحن إذ نرحب في هذا الصدد بمشروع الاتفاق الدولي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة والمقرر أن يعتمده المؤتمر الحكومي الدولي في مراكش بالمملكة المغربية في شهر ديسمبر القادم، فإننا نؤكد بأننا كنا نود أن يعطى مشروع الاتفاق مساحة أكبر لمعالجة هذه الظاهرة، ومع أننا نتفق على الحاجة لحماية حقوق المهاجرين قدر المستطاع، إلا أن استمرار وزيادة هذه التدفقات يرهق الإمكانات والقدرات الوطنية، وتصبح في بعض الأحيان غير قادرة على ضمان وكفالة تلك الحقوق".
وتابع "اعتقد جازماً بأنه لا مناص من توجه المجتمع الدولي نحو مساعدة البلدان المصدرة للهجرة، وتشجيعها على وضع وتنفيذ برامج ومشاريع تنموية حقيقية، وتحسين مستوى أداء قطاعاتها الإنتاجية والخدمية، والقيام بكل ما من شأنه أن يُسهم في القضاء على الفقر والبطالة وصعوبات المعيشة، ويصرف الناس عن التفكير في طلب الهجرة غير النظامية المحفوفة بالمخاطر".
وتابع "تولي بلادي اهتماماً كبيراً بقضايا نزع السلاح وتعزيز السلم والأمن الدوليين، وذلك من خلال مساهمتها الفاعلة في المداولات المكرسة لهذه المسائل ومشاركتها في دعم العديد من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، والتزامها بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وذلك وعياً منها لما يشكله إنتاج وتكديس أسلحة الدمار الشامل من تهديد للأمن والسلم الدوليين وما تسببه من رعب للبشرية جمعاء ، كما تُساهم ليبيا في الجهود الدولية المبذولة لنزع أسلحة الدمار الشامل، والحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وأود أن أذكر هنا أن بلادي وبعد انضمامها إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية قامت مباشرةً بالإعلان عن مخزونها الكيميائي، وأبدت كل التعاون والتنسيق مع أمانة الاتفاقية والشركاء الدوليين، وبذلت جهود متواصلة أفضت في نهاية المطاف إلى التخلص الكامل مما لديها من مخزون كيماوي".
وتابع "إننا نؤكد مجدداً دعمنا للجهود الدولية الرامية إلى إنشاء المزيد من المناطق الخالية من الأسلحة النووية، ونشدد على ضرورة أن تكون منطقة الشرق الأوسط بأكملها خالية من أسلحة الدمار الشامل، وأن تلتزم جميع دول المنطقة بتوضيح ما إذا كانت تملك أي نوع من هذه الأسلحة، أو لديها توجهات لحيازتها، وأن تسارع بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار النووي، ونؤكد مجدداً على حق الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وأن الدول التي تخلت عن أسلحة الدمار الشامل يجب أن تحظى بدعم وتشجيع سياساتها الهادفة إلى تأهيل الكوادر البشرية، والحصول على التقنيات اللازمة للاستخدام السلمي للطاقة النووية".
وأضاف سياله "لقد مضت ثلاث سنوات على اعتماد قادة الدول لخطة التنمية المستدامة 2030 التي تركزت على سبعة عشر هدفاً طموحاً، ولا زلنا في ليبيا نواجه تحديات جمة لبلوغ تلك الأهداف، ومن تلك التحديات حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني، وكما يدرك الجميع فإن التنمية ترتبط ارتباطاً وثيقا بالأمن، بحيث لا تنمية بدون أمن، ولا أمن بدون تنمية، ونتطلع إلى تجاوز ما نمر به من صعوبات حتى نتمكن من إطلاق خطط وبرامج التنميـة، وتدويـر عجلـة الاقتصـاد، بما يمكننا من الشروع الفعلي في بلوغ الأهداف التنموية".
وتابع "لقد أكدت خطة التنمية المستدامة ووثيقة أديس أبابا لتمويل التنمية على ضرورة حشد الموارد المالية للبلدان من أجل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وبلادي ليبيا من البلدان التي هُرّبت الكثير من أموالها إلى الخارج ولذلك ندعو الدول التي هُرّبت إليها تلك الأموال الكشف عنها والمساعدة في استعادتها لنتمكن من توظيفها في تنفيذ أهداف التنمية".
وقال سياله "وفي هذا السياق نود الإشارة إلى ما تتعرض له الأموال والأصول المجمدة للصندوق السيادي الليبي من خسائر نتيجة الجزاءات القائمة منذ عام 2011، والتي فرضها مجلس الأمن بموجب عدد من القرارات، إننا نؤكد على أن الهدف من تلك الجزاءات هو حفظ الأموال والأصول الليبية وليس استمرار تآكلها. إن ما يحدث فعلياً هو أن هذه الأموال والأصول تتعرض لخسائر كبيرة ومستمرة نتيجة تجميدها، وقد وافينا مجلس الأمن ولجنة العقوبات منذ شهر مارس 2016 ببيانات واضحة ومتتالية عن حجم هذه الخسائر، وناشدنا بالعمل على تعديل نظام العقوبات القائم لتفادي ما نتكبده من خسائر فادحة. وللأسف لم نلمُس بعد استجابة فعلية لمطلبنا العادل، ونحذر من أن الأمر إذا ما استمر على هذا النحو فسيُمثل إهداراً للموارد الليبية المجمدة، وحرماناً لليبيين من فرص استثمارها كاملةَ في المستقبل".
وأردف "يؤيد وفد بلادي الإصلاحات التي يجريها الأمين العام على بعض أجهزة الأمم المتحدة ونتطلع إلى أن ترقى هذه الجهود إلى مستوى ما تعهدنا به جميعاً في القمة العالمية 2005 وهو تعزيز سلطة هذه المنظمة، وضمان فعاليتها وقدرتها على التصدي بفعالية لكافة التحديات التي يطرحها هذا العصر، ورُغم ما أُحرز من تقدم في هذا الشأن إلا أن مجلس الأمن وهو الجهاز الأهم ظل بعيداً عن إي إصلاحات".
وأوضح سياله انه "بات من الضروري إدخال إصلاحات حقيقية على هذا المجلس الذي لم يعد يعكس الواقع الدولي المعاصر للقرن الحادي والعشرين، وما يشهده من تحديات خطيرة تهدد الأمن والسلم الدوليين، إن الواقع الجيوسياسي الحالي مهيأ لعملية الإصلاح، وإفساح المجال أمام التمثيل العادل في المجلس، ومن هذا المنطلق نطالب برفع الظلم التاريخي الواقع على القارة الأفريقية من حيث عدم تمثيلها بشكل عادل في فئة العضوية الدائمة والعضوية غير الدائمة، ونؤكد على المطلب الأفريقي الوارد في توافق أوزلويني وإعلان سرت وهو الحصول على مقعدين دائمين بجميع الحقوق والصلاحيات بما في ذلك حق النقض، ومقعدين إضافيين غير دائمين. إن هذا المطلب يتفق مع مقتضيات العدالة، والحق في أن يكون للقارة مشاركة فعالة فيما يتخذه المجلس من القرارات التي كثيراً ما تكون منصبة على قضايا أفريقية. إن المطلب الأفريقي يمثل الحد الأدنى الذي يعكس حق القارة في أن يكون لها تمثيل عادل بالمجلس، ويكفل تصحيح ما تعرضت له من تهميش وظلمٍ تاريخي، كما لا يفوتني أن أعبر في هذا الصدد عن تأييدنا لطلب المجموعة العربية حصولها على مقعد دائم بالمجلس".
وتابع سياله "إن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق ما دامت سلطات الاحتلال مستمرة في سفك دماء الفلسطينيين الأبرياء، واحتلال الأراضي الفلسطينية، وإقامة المستوطنات، وفرض الحصار الجائر على الشعب الفلسطيني، والسعي بكل الطرق لتهويد مدينة القدس، والضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية التي اتخذت في هذا الشأن. إننا نضم صوتنا للشعب الفلسطيني الرافض لإعلان سلطة الاحتلال أن إسرائيل دولة قومية يهودية، باعتبار ذلك يشكل تصعيداً خطيراً، وتوجهاً نحو تصفية القضية الفلسطينية، من خلال تفريغ الأراضي الفلسطينية من كل سكانها الأصليين، لصالح المستوطنين اليهود وهي ممارسة عنصرية مرفوضة، كما نجدد رفضنا لأي محاولة لتغيير الوضع القانوني للقدس المحتل، أو محاولة فرض سياسة الأمر الواقع الذي سعت إليها بعض الدول من خلال الإعلان عن نقل سفاراتها في إسرائيل لمدينة القدس، واعتبارها عاصمة لإسرائيل، وهو ما يناقض قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن".
وأردف سياله "إننا نؤكد وقوفنا إلى جانب الشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ونطالب بتوفير الحماية للفلسطينيين وإلزام سلطة الاحتلال بوقف جميع أعمال العنف والإرهاب وسياسة الاستيطان والاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطيني" "وليس ببعيد عن فلسطين المحتلة يشهد الشعب السوري ومنذ سنوات أوضاعاً إنسانية كارثية في بعض المناطق، نتيجة لصراع مدمر أدى إلى خسائر بشرية ومادية فادحة، ونزوح وتشرد الأبرياء".
وتابع "إننا نُدين جميع الأعمال الإرهابية الوحشية التي يتعرض لها الشعب السوري ونُعبر عن دعمنا لكل الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد تسوية سلمية تُبعد البلاد عن مخاطر التفكك والتقسيم، وتحقق طموحات الشعب السوري في العيش الكريم في ظل نظام ديمقراطي يحترم حكم القانون، ويصون ويحمي حقوق الإنسان".
وزاد "فيما يتعلق باليمن فإننا نعبر عن قلقنا الشديد إزاء الوضع الإنساني المتأزم ونحذر من استمرار الصراع الذي يهدد بكل تأكيد أمن واستقرار المجتمع اليمني ووحدته، وأمن المنطقة بشكل عام، وفي هذا السياق ندعم كل المساعي الرامية إلى وقف نزيف الدم في اليمن وكل ما من شأنه رفع المعاناة عن الشعب اليمني".
وختم بالقول " أود التأكيد على أن التحديات التي تواجه عالمنا اليوم، سواءً كانت أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها تستوجب منا جميعاً تعزيز دور الأمم المتحدة، بما يمكّنها من مواكبة المستجدات على الساحة الدولية، وحل ما نشهده من صراعات وأزمات بالطرق السلمية".