حِراك البيانات هذه الأيام داخل سجون المعتقلين المدانين بقانون "مكافحة الإرهاب" معيّةَ زعمائهم، مِمّن يوصفون برموز "السلفية الجهادية"، غير عادٍ، إذ توحدت الأقلام فجأةً على التبرؤ من تنظيم "داعش" الجهادي وسياسته الدموية في منطقة العراق وسوريا، على أنه تنظيم "مخترق من إيران ومدعم من الغرب".

فبعد بلاغات كل من نور الدين نفيعة، أشهر منظري التيار السلفي الجهادي وأكبر قادة الجهاد الأفغاني العرب، وكذا عمر معروف، الذي سبق له أن أدين بالإعدام لتورطه ضمن خلية "يوسف فكري"، الذي يُنعَتُ بـ"أمير الدم"، وهي البلاغات التي وصفت "دولة الخلافة" بأنه "من فِتَن هذا الزمان"، خرج الرجل الثاني في تنظيم ما يعرف بـ"خلية أنصار المهدي"، محمد بنعياد، ليعلن "داعش" جماعة منحرفة و"عصابة الخوراج".

وكانت السلطات المغربية قد فكّكت صيف 2006 خلية "أنصار المهدي"، متهمة حسن خطاب بزعامتها، (مدان بالمؤبد) المعتقل قبل ذلك على إثر تفجيرات 16 ماي 2003 بالدار البيضاء، وقالت إنها شبكة أصولية متشددة تستعد لـ"قلب نظام الحكم" في المغرب وتضم إلى صفوفها "عسكريين".

وقال البلاغ الجديد الموقع بإسم بنعياد، المعتقل بسجن تيفلت المحلي، "اتضح لي كما اتضح لغيري انحراف ما بات يسمى بالدولة الإسلامية (داعش)عن منهج الأنبياء وإن ادعوا ذلك زورا وبهتانا"، واصفا إياها بـ"عصابة من خوارج حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام"، على أنهم "مخترقين من الروافض (إيران الحاقدين على أهل السنة) والنصيرين وبدعم غربي القصد منه إضعاف أهل السنة عموما والمجاهدين خصوصا".

وأردف المصدر ذاته أن من يوصف بكونه أمير "دولة الخلافة"، أبو بكر البغدادي، "كذاب" و"ممهد للدجال"، مضيفا "دابر هؤلاء مقطوع.. وكل من اعترض وحارب هذا الدين فمزبلة التاريخ بانتظاره"، قبل أن يختم رسالته بقوله "نبرأ إلى الله من داعش وأفعالها ونعتقد أنها طائفة منحرفة ومخترقة..".

وفي تعليق منه على موجة "التبرّؤ" من "داعش"، التي تجتاح تيار المعتقلين السلفيين في المغرب، اعتبر ادريس الكنبوري، الكاتب الصحفي والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن موجة الانتقاد والرفض العالمي الموجهة ضد التنظيم دليل على أنه " فاشل"، موضحا أن تبرؤ أولئك المعتقلين، وغيرهم في باقي المناطق، يؤشر على أن "داعش" "لم تفلح في مهمة استقطاب السلفيّين في العلم العربي وخاصة المنطقة المغاربية".

ويضيف الكنبوري، في تصريح أدلى به لهسبريس، أن تنظيم "داعش" كان يراهن على سحب البساط من تنظيم القاعدة وجدب أكبر عدد من الجهاديين من كل المنطقة، "إلا أنه فشل في هذا الرهان".

بلاغات المعتقلين المدانين تحت طائلة قانون "الإرهاب"، رأى فيها الكنبوري دليلا على أن التيار السلفي الجهادي في المغرب "مختلف وينقسم إلى سلفيّات متعددة وليس فقط جهادية"، وهذه التيارات، وفق الكنبوري، سارعت إلى توضيح مواقفها ردا على ما رأت من موجة العنف والكم من الدماء التي تسفك على يد "داعش".

ويذهب المتحدث بالقول إن واقع التنظيم ونهجه سياسة الدماء والعنف هي نقطة بداية نهايته "لا مستقبل لها النموذج الدموي في المنطقة"، داعيا إلى ضرورة إعادة التفكير في مراجعات جذرية داخل التيار السلفي، خاصة في مبدأي "العنف والدماء".

 

*نقلا عن هسبريس المغربية