بضواحي مدينة العراش الأطلسية المغربية، ودع جمهور مهرجان "ماطا" دورة هذه السنة لإحتفال سنوي بات موعدا لإحياء تقاليد ضاربة في الأصالة المغربية.

أكثر من 220 فارسا يمثلون 22 فريقا، جاؤوا من مختلف مداشر المنطقة للاستفراد بدمية خاصة "العروسة"، وحملها إلى أبعد نقطة من فضاء المنافسة، في تقليد بات مثيرا للإقبال من طرف الجماهير التي تحج لمتابعة فقرات المهرجان.

فرجة فروسية تراثية فريدة من نوعها، تلك التي يصنعها مهرجان ماطا بالعرائش، وتحديدا بمدشر زنيد بجماعة أربعاء عياشة، وقد تميز الحفل الاختتامي لهذه التظاهرة، المنظمة تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، وإشراف الجمعية العلمية العروسية للعمل الاجتماعي والثقافي، بشراكة مع المهرجان الدولي للتنوع الثقافي لليونيسكو، تحت شعار "الرأسمال اللامادي محرك للتنمية"، بتنافس عشرات الفرسان.

وبالنسبة لقواعد المنافسة الرياضية التقليدية الشعبية "ماطا"، كتظاهرة تجمع بين الفرجة والتسلية تنفرد بها قبيلة بني عروس على الصعيد الوطني وترتبط بفترة الحصاد، تقوم على تصارع الفرسان، الممتطين لجياد غير مسرجة، من أجل الحصول على عروسة "ماطا" وما ترمز إليه من قيم العفة والتماسك العائلي.

ووفق قواعد المهرجان، يتم في بداية المنافسة اختيار ثلاث نساء لهن دراية بصنع دمية "ماطا" وتزيينها لتسلم لأحد شباب مدشر زنيد الذي يمتاز بالشجاعة والتجربة ومهارات فروسية خاصة وجواد قوي قادر على التحمل والجري في الأرض المنبسطة والتضاريس الوعرة، شريطة المحافظة عليها خلال المنافسة الرياضية، التي تجري في الهواء الطلق، ويسعى الفارس المختار إلى الحيلولة دون سقوط الدمية في يد منافسيه من المداشر المجاورة وفق العادة المتوارثة.

التظاهرة الرياضية المتوجة للمهرجان، حضرها القنصل العام لفرنسا بطنجة موريل سوري، وممثلو السلطات المحلية وجمهور عريض من ضيوف المهرجان، شهدت منافسة شديدة بين فرسان القبائل للظفر بالدمية وبالتالي إحراز اللقب الشرفي للمنافسة كلعبة روحية تحمل قيم التنافس الشريف والتضامن.

وبحسب إحصائيات الجهات المنظمة، فقد دورة هذه السنة، حضور أزيد من 200 ألف شخص للتعرف عن قرب على التقاليد العريقة للمنطقة والاطلاع على مكنونات التراث المحلي، الذي يحمل أبعادا ثقافية وفنية وروحية، فيما تضمن برنامج المهرجان، الذي شاركت فيه وفود تمثل الأقاليم الجنوبية للمملكة لتجسيد قيم الوحدة والروابط الثابتة بين شمال وجنوب الوطن، على أمسيات في فن السماع الصوفي والفولكلور الموسيقي المحلي، إضافة إلى ندوات علمية لامست قضايا ثقافية تعكس التنوع الثقافي والروافد الحضارية التي يزخر بها المغرب، وندوة للتحسيس بأهمية المحافظة على الماء، بتأطير من وكالات الحوض المائي اللوكوس وأبي رقراق والشاوية.