دقّ الهجوم الدموي الذي هزّ محافظة “الوادي الجديد” المصرية، ليلة السبت/الأحد، ناقوس الخطر إزاء تنامي تهديدات العناصر المتطرفة من جماعة الإخوان والتنظيمات المرتبطة بـ”القاعدة” الناشطة حاليا في ليبيا، وسط تزايد الأصوات المُطالبة بإعادة انتشار الجيش المصري على طول الحدود مع ليبيا للتصدّي لهذه التهديدات.

وقال مُحللون إن مقتل ضابط و5 جنود مصريين، في هذا الهجوم الذي جدّ بمنطقة جبلية بالواحات قرب الحدود المصرية الليبية شمال غرب البلاد، يؤكد مرّة أخرى خشية القيادة المصرية من تحوّل مناطق متفرقة من الحدود المصرية الليبية إلى حواضن فاعلة “للإرهاب” والإرهابيين الذين باتوا يهددون أمن مصر واستقرارها.

وردّ سلاح الجو الليبي الموالي للواء خليفة حفتر، أمس الأحد، بقصف مواقع لمتطرفين في شرق ليبيا غير بعيد عن الحدود المصرية، فيما وصف تنظيم “القاعدة” المشير عبدالفتاح السيسي بـ”المجرم”، متوعدا في نفس الوقت بمحاربة اللواء خليفة حفتر.

وقال العميد صقر الجروشي، آمر القوّات الجوية التابعة للواء حفتر، إن القصف استهدف “أحد أوكار الإرهاب”، التي يستخدمها أنصار الشريعة في بنغازي، لافتا إلى أن الهدف هو “قصر ولي العهد” بمنطقة الفويهات يستخدمه عناصر تنظيم “أنصار الشريعة” في تخزين أسلحتهم وعقد اجتماعاتهم السرية”.

ولم يربط الجروشي هذا القصف الجوي بالهجوم الدموي على الجنود المصريين، ومع ذلك لم يتردّد المحلل السياسي الليبي سامي عاشور في القول إن هجوم “الوادي الجديد” هو “ضربة استباقية لإرباك الجيش المصري في هذه المرحلة الدقيقة”، لاسيما أنّ الجماعات التكفيرية المتطرفة الناشطة في ليبيا لها علاقات وطيدة مع المجموعات “الجهادية” في مصر.

ولفت عاشور، في اتصال هاتفي مع “العرب”، إلى أن المُعطيات المتوفرة تُرجح أن تكون “جماعة من المتطرفين التكفيريين هي التي نفذت هذا الهجوم الدموي، لاعتبارات تكتيكية مرتبطة بخطط هذه الجماعات التي استطاعت إيجاد موطئ قدم لها في شرق ليبيا”،على حد تعبيره.

وتُشير تقارير استخباراتية إلى أن المئات من المتطرفين المنتمين إلى تنظيمات إرهابية قد تمركزوا في شرق ليبيا، حيث استفادوا من الانتشار الكثيف للسلاح لتشكيل معسكرات لتدريب المتطرفين العرب والأجانب المرتبطين بتنظيم “القاعدة”.

وقال عاشور لـ”العرب” إن هؤلاء المتطرفين “أمضوا نحو ثلاث سنوات في ترتيب أوضاعهم داخل ليبيا، لذلك فإنّ المرجح هو أن هؤلاء المتشدّدين هم الذين يقفون وراء هذا الهجوم، باعتبار أنّ المهربين ليسوا على استعداد للدخول في مواجهة مفتوحة مع الجيش المصري بهذه القسوة في هذا الوقت بالذات”.

وأعرب في هذا السياق عن اعتقاده بأنّ الهدف من هذا الهجوم هو “إرباك الجيش المصري، والحيلولة دون تدخله في شرق ليبيا لمطاردة العناصر الإرهابية التي لها علاقات مع جماعات متطرفة في مصر، خاصة وأنّ اللواء خليفة حفتر سبق له أن أعلن موافقته على تدخل القوات المصرية لضرب الإرهابيين في ليبيا”.

وكان اللواء خليفة حفتر الذي يقود عملية “كرامة ليبيا” لتطهير البلاد من الإخوان المسلمين والعناصر المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية المتطرفة منها “القاعدة”، قد أكد في وقت سابق أنه يؤيّد ضربة عسكرية مصرية لتأمين حدود مصر حتى داخل ليبيا.

وقال “أنا مع أيّة ضربة عسكرية تؤمّن حدود مصر حتى داخل ليبيا، نريد التخلص من هذه المجموعات الموبوءة في درنة وبنغازي وإجدابيا وسرت وطرابلس وعلى الحدود الجزائرية”.

وربط مراقبون هذا الهجوم الدموي بتسريبات أفادت، في وقت سابق، أن قوّات خاصة فرنسية وأميركية وجزائرية تستعد حاليا لمهاجمة بعض معاقل الإرهابيين في جنوب ليبيا، وأنّ القوات المصرية قد تتدخل لضرب بعض القواعد التابعة لشبكات إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة في شرق ليبيا.

وتُقر دوائر التحليل السياسي ومراكز البحوث الأمنية في مصر بأن المُتغيّرات التي تشهدها المنطقة، باتت تُرعب جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية، بعد أن وصلت الأوضاع في المنطقة إلى مفترق طرق خطير.

ولا تُخفي الأوساط المصرية خشيتها من أن تتحوّل الحدود مع ليبيا البالغ طولها نحو 1490 كيلومترا، إلى وكر للجماعات المتطرفة التي تُضمر الشر للبلاد، وتهدف إلى تفجير الأوضاع والعبث بأمن المصريين وأرواحهم ومكاسبهم الاقتصادية.

كما تشكو السلطات المصرية منذ مدة من تزايد النشاط التخريبي للجماعات المتطرفة من تنظيم “أنصار الشريعة” الموالي للقاعدة وسائر العناصر المتحالفة معها مثل جماعة "أنصار بيت المقدس" التي قتلت خلال الأشهر القليلة الماضية نحو 500 ضابط ومجند في اعتداءات استهدفت رجال الأمن والشرطة والجيش

*نقلا عن العرب اللندنية