بدأ النيجيريون التكيف مع الواقع المأساوي لمعيشتهم في بلد حيث يقبع الانتحاريون والإرهابيون علي بعد بضعة أمتار منهم، وفي جميع أنحاء البلاد، وذلك بفضل سهولة إمدادات الأسلحة المتطورة المهربة عبر حدود نيجيريا السهلة الإختراق.
وحتي الآن، كانت التفجيرات وعمليات الاختطاف، والإغتصاب، وحرق قرى بأكملها، وقتل أهاليها، ضمن الوسائل العنيفة التي تستخدمها جماعة "بوكو حرام" المتطرفة، في حين يسود الإعتقاد بأنها علي صلة بتنظيم القاعدة والجماعات التابعة لها مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الشباب في الصومال.
وتنشط جماعة "بوكو حرام"المتطرفة أساسا في شمال شرق نيجيريا. ولكن إلى جانب هذه الجماعة، تنشط العديد من الميليشيات العرقية المسلحة الأخرى في وسط نيجيريا.
وانتقلت المجموعات المسلحة من استخدام أسلحة بدائية مثل العصي والمناجل والهراوات، إلي إستعمال أسلحة أكثر فتكا، مثل المدافع الرشاشة والقذائف الصاروخية.
فهناك إمدادات جاهزة من الأسلحة المهربة إلى نيجيريا عبر حدودها السهلة الإختراق. ويعتقد أن عددا من هذا الأسلحة قد دخل البلاد في أعقاب الصراعات المسلحة في بلدان مثل ليبيا ومالي.
وأفاد وزير الدفاع النيجيري السابق، اولوسولا أوباده، أن بعض الأسلحة المهربة نهبت من مخازن الأسلحة الليبية خلال أزمة عام 2011 التي أدت إلي الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي.
ويعتقد أيضا أن بعض الأسلحة، خاصة تلك التي تستخدمها "بوكو حرام"، قد دخلت نيجيريا عبر شبكة تنظيم القاعدة.
وقال ستيف اوبودوكوي، من "مركز البيئة وحقوق الإنسان والتنمية"، أنه "من غير المستبعد أن تكون بعض الأسلحة المستخدمة في نيجيريا قد وفرتها الجماعات الإسلامية في الصومال ومالي".
وأفادت منظمة منظمة العفو الدولية الحقوقية الدولية أن جماعة "بوكو حرام" قد قتلت 1،500 شخصا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، إضافة إلي عمليات "الانتقام العشوائي من قبل قوات الأمن في نيجيريا".
ويتردد أن التحول إلى إستخدام الأسلحة الحديثة قد ساعد على تصاعد الأزمة في البلاد.
هذا وأفاد الخبير ستيف اوبودوكوي، أن "أولئك الذين يستخدمون هذه الأسلحة الحديثة قد إكتسبوا جرأة لم يكونوا قد إكتسبوها لو كانوا يتعاملون مع الأسلحة التقليدية". وأضاف لوكالة إنتر بريس سيرفس أن هذه الجماعات "بأسلحتها الحديثة، أصبحت قادرة على جمع الشجاعة الكافية لمهاجمة ثكنات عسكرية".
وبفضل صلاتها بتنظيم القاعدة وإمدادات الجيدة التي تحصل عليها من الأسلحة، نجحت "بوكو حرام" في تنفيذ العديد من الهجمات الإرهابية الدامية في نيجيريا. وشمل هذه الهجمات قواعد عسكرية وتفجير معسكرات قوات الشرطة الوطنية ومقر الأمم المتحدة في أبوجا في عام 2011.
وصرح ايفياني أوكيشوكو -المنسق الوطني لشبكة غرب أفريقيا لبناء السلام التي تتعامل مع منظمات دولية لمنع نشوب الصراعات المسلحة- أن "عواقب هذه الهجمات الناجحة هو أن "بوكو حرام" قد نالت من قوة وسمعة الأجهزة الأمنية في نيجيريا".
وأضاف لوكالة إنتر بريس سيرفس، أن نجاح بوكو حرام قد شجع المجموعات الأخرى هنا علي الحصول علي السلاح إنطلاقا من أن الأجهزة الأمنية عاجزة عن وقفها.
هذا وتأتي الصراعات في نيجيريا بتكلفة بشرية باهظة.
فقد أفادت "مجموعة الأزمات الدولية" -وهي منظمة مستقلة تعمل على منع الصراعات الدامية- أن هجمات "بوكو حرام" وحدها، أسفرت عن عدد من "النازحين يقرب من نصف مليون شخص، ودمرت مئات المدارس والمباني الحكومية، ودمرت اقتصاد مدمر بالفعل في شمال شرق البلاد، واحدة من أفقر المناطق في نيجيريا".
وتخشى المنظمة عدم وجود نهاية في الأفق، وخطر إمتداد الهجمات المسلحة "إلى أجزاء أخرى من الشمال بل والإمتداد إلى النيجر والكاميرون والدول الضعيفة التي تفتقر للتجهيزات اللازمة لمحاربة الجماعة الإسلامية المسلحة المتطرفة".
هذا ولقد بدأ النيجيريون يفقدون الثقة في قدرة قوات الأمن علي وقف "بوكو حرام" وغيرها من الجماعات المتطرفة في البلاد، وذلك علي الرغم من جهود الحكومة للتأكيد للشعب أنها ستنتصر في الحرب ضد الارهاب.
وفي المقابل، شدد الرئيس النيجيري، جودلاك جوناثان، في اجتماع سياسي حاشد بعد يوم من تفجيرات الحافلات أبوجا منتصف هذه الشهر، أن "الإرهاب لن يشل حركة نيجيريا... الإرهابيون ومن يرعاهم لن يوقفوا أبدا هذا البلد عن التحرك... بل سوف نكتسب المزيد من القوة".
ومن المقرر أن تعقد نيجيريا إنتخابات عامة في العام المقبل.
ويجدر التذكير بأن يوم 14 من هذا الشهر شهد مذبحة غير مسبوقة، حيث قتل 75 شخصا قتلوا في انفجارين في محطة حافلات مزدحمة في ضاحية "نيانيا" في عاصمة نيجيريا، أبوجا، إضافة إلي مئات من الضحايا المصابين بجروح شديدة.
وفي ليلة نفس اليوم، عاشت نيجيريا الرعب مرة أخري، عندما تم اختطاف 129 من التلميذات من نزل إقامتهن في "شيبوك" في ولاية بورنو، شمال شرق البلاد.
وأعلنت جماعة "بوكو حرام" -التي تشن هجمات دامية لفرض الحكم الإسلامي في نيجيريا- عن تدبيرها لعملية التفجير في محطة الحافلات في العاصمة. ويشتبه في أن هذه الجماعة قد دبرت أيضا عملية اختطاف التلميذات في "شيبوك".(آي بي إس / 2014)