مازالت ليبيا تبحث عن الأمن والاستقرار، منذ إندلاع الأزمة فيها في العام 2011، وسط حالة من الفراغ السياسي والفوضى والانقسام التي عمت البلاد، وذلك بسبب الصراع على السلطة والتناحر وانتشار المليشيات المدعومة من الخارج والأطماع في هذه الدولة صاحبة احتياطيات النفط الأكبر في قارة أفريقيا.

وتعد الأزمة الليبية إحدى أولويات السياسة الدولية نظرا لتأثيراتها الكبيرة إقليميا ودوليا، وهو ما يدفع العديد من الدول للتدخل في محاولة لمساعدة الليبيين على العبور ببلادهم إلى بر الأمان وتجاوز هذه المرحلة العصيبة من تاريخهم.

ومؤخرا،شهدت العاصمة الأردنية عمان،زيارة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج،والقائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، في مؤشرعلى إمكانية تدخل الأردن من أجل إنهاء الأزمة بين الفرقاء وتوحيدهم. 

دعم 

إلى ذلك،تناولت المباحثات، التي جرت في قصر الحسينية، بالعاصمة الأردنية،بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني،مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فايز السراج، تطورات الأوضاع على الساحة الليبية.

وقالت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، إن الجانبين "اتفقا على بذل الجهود للاستفادة من الفرص الواعدة لتطوير مستويات التعاون بين البلدين"، إضافة إلى "تشكيل لجان لبحث عدد من الملفات المتعلقة بمجالات التعاون ومنها المحفظة الاستثمارية الليبية في الأردن والقضايا المتعلقة بالتجارة والاستثمار والتنسيق الأمني.

وأكد الملك عبدالله الثاني "دعم الأردن للجهود الرامية إلى التوصل لحل سياسي في ليبيا، وبما يحقق الأمن والاستقرار فيها والمستقبل الأفضل للأشقاء الليبيين".وأشار الملك إلى "استعداد المملكة لتقديم الدعم لليبيين في جميع المجالات، خصوصًا في توفير الخبرات الأردنية للمساعدة في بناء المؤسسات الليبية"، وفق وكالة الأنباء الأردنية.

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط"،عن مصادر ليبية قولها، إن محادثات السراج مع العاهل الأردني بشكل منفرد استغرقت أقل من 20 دقيقة، بينما أجرى لاحقاً اجتماعاً على مأدبة غداء مع رئيس الحكومة الأردنية عمر الرزاز الذي أكد خلال المباحثات تطلع بلاده إلى وجود اتفاقية تجارة حرة وتبادل تجاري مع ليبيا بهدف التكامل الاقتصادي.

ومن جهته، قال السراج في بيان وزعه مكتبه، إنه "تم خلال هذه الزيارة معالجة موضوع الالتزامات المترتبة على علاج الجرحى والمرضى الليبيين في المستشفيات الأردنية والملفات العالقة الأخرى"، مشيراً إلى "الاتفاق على البدء بالتحضير لاجتماع اللجنة المشتركة". ولفت إلى أن "ليبيا تمر بظروف استثنائية، ونحن نتطلع إلى علاقات متميزة مع الأشقاء العرب، وفي المقدمة مع المملكة الأردنية".

و قبل زيارة السراج إلى الأردن،الأحد، كان القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، قد أدى زيارة مماثلة إلى عمان.ونشر السفير الليبي في عمان، محمد البرغثي، صورة على حسابه بموقع "فيسبوك"، جمعته مع المشير خليفة حفتر الأربعاء الماضي، حيث علق عليها بالقول: "لقاءٌ مع المشير خليفة بالقاسم حفتر، القائد العام للجيش الليبي، وحديثٌ حول الوطن وبناء الدولة".

ووفق البرغثي، فإن حفتر أكد حرصه على وحدة الوطن، والحفاظ على أمنه، والتزامه بإجراء الانتخابات واحترامه للتداول السلمي للسلطة، مشيرًا إلى أن تلك "أمورٌ بالغة الأهمية يجب البناء عليها، لكونها تُمثل الأسس التي ينبغي أن تُبنى عليها الدولة الوطنية المأمولة".

دور إيجابي

ورأى مراقبون أن اللقاءات التي احتضنتها العاصمة الأردنية عمان، تؤشر على جهود أردنية عالية المستوى لحل الأزمة الليبية، استنادًا إلى العلاقات الطيبة التي تتمتع بها الأردن مع الأطراف الليبية.

وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني الدكتور منذر حوارات:" أن زيارة رئيس حكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، للأردن تأتي في ظل العلاقات الأردنية الإيجابية مع كافة الأطراف الليبية مما يعطي فرصة للتدخل الإيجابي في محاولة إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية التي طالت، مؤكدا أنه يمكن حل الأزمة الليبية عبر الحوار السياسي والسلمي".

وأضاف حوارات خلال لقاء له على فضائية "الغد"، أن الأردن يتمتع بعلاقات جيدة مع قائد الجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، ومع حكومة الوفاق ومع أغلب الأطراف في ليبيا، وهو ما يؤهله لطرح مبادرات لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء والقيام بدور كبير.

وأوضح حوارات أن الأردن بدأ يمارس دورا سياسياً في المنطقة المشتعلة بالحروب، وهذا الدور مقبول من قبل جميع الأطراف، مشيرا إلى أن محاولات الأردن الحثيثة للمبادرة لإيجاد حلول سلمية سوف يحالفها التوفيق، خاصة أنه لا توجد لديه خلافات مع أي طرف، ويمكن أن يكون الطرف الذي يبادر بإيجاد صيغة مشتركة للقاء على الأقل.

مجلس رئاسي جديد

وفي غضون ذلك، أعلن مستشار رئيس مجلس النواب الليبي، فتحي المريمي، مساء الأحد، عن موعد تشكيل المجلس الرئاسي الليبي الجديد، مشيرًا إلى أنه قد يتم الإعلان عنه قبل نهاية كانون الأول/ ديسمبر الحالي.وأضاف المريمي ، في تصريحات صحفية، أن "كافة الأطراف دعت إلى ضرورة إنهاء العملية قبل حلول كانون الثاني/ يناير المقبل. و أضاف "الأمر أصبح بيد لجنتي الحوار لتحديد الموعد للإعلان عن التشكيل الذي يضمّ رئيسًا ونائبين، بحيث تمثل الأقاليم الثلاثة في المجلس.

وكان رئيس مجلس النواب "عقيلة صالح"، قد حثّ، خلال لقاء له السبت الماضي، لجنتي الحوار عن مجلسي النواب والدولة، على المسارعة في البدء بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية، بعد إقرار مجلس النواب تعديل بنود في الاتفاق السياسي تتعلق بالسلطة التنفيذية، وتقضي بتقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي من تسعة إلى رئيسٍ ونائبين..

وأقر مجلس النواب الليبي،مؤخرًا، تعديلًا دستوريًا عاشرًا للإعلان الدستوري بشأن اعتماد مجلس رئاسي جديد يتكون من رئيس ونائبين.

يذكر أن مجلسي النواب والدولة الاستشاري كانا قد اتفقا في الـ 31 من أكتوبر/ تشرين الأول، حول إعادة هيكلة السلطة التنفيذية لمجلس رئاسي جديد مكون من رئيس ونائبين ورئيس وزراء منفصل يشكل حكومة وحدة وطنية تعمل في كامل أنحاء ليبيا.