أجرى رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي، في 23 مايو 2021 زيارة إلى العاصمة الليبية طرابلس، على رأس وفد كبير يضم 4 وزراء، ومحافظ البنك المركزي، ورؤساء المنظمات الوطنية، إضافة إلى 100 رجل أعمال، في زيارة تحمل طابعا اقتصاديا، وتعكس حالة التقارب بين البلدين. وقال المشيشي في ختام زيارته لليبيا، :"إن الزيارة التي أداها على رأس الوفد التونسي إلى ليبيا كانت مثمرة خاصة في إطار العلاقات الاستثنائية التي تجمع البلدين، وأنه تم خلالها الاتفاق مع رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة على دفع الاستثمارات الليبية في تونس من خلال تذليل جميع الصعوبات أمام المستثمرين". ولمزيد من التفاصيل حول زيارة وفد الحكومة التونسية لليبيا ودلالاتها وانعكاساتها على المشهد الليبي كان لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع الباحث والمختص في الشؤون الليبية والمحلل الاقتصادي عيسى رشوان، وإلى نص الحوار:

-زيارة الحكومة التونسية لليبيا سببها الرئيسي الأزمة المالية العاصفة في تونس.

-الجانب التونسي يسعى لإيجاد مصادر تمويل مالية للدولة التونسية.

-التكامل الاقتصادي الصحيح المنصف للطرفين يتم بتطبيق معايير الحكومة الرشيدة في التبادل التجاري.

-تونس المستفيد الأكبر من عملية إعادة الإعمار وليس الجانب الليبي.

- مشروع المنطقة الحرة للتبادل التجاري من الصعب أن يرى النور.


كيف تابعتم زيارة رئيس الحكومة التونسية إلى ليبيا.. الأهداف وأبرز النتائج؟ 

زيارة الحكومة التونسية إلى الحكومة الليبية الآن سببها الرئيسي الأزمة المالية العاصفة التي تهدد بالانهيار المالي للدولة التونسية، أي أنها زيارة طارئة نتيجة ظرف خاص، مهما كانت الاخراجات الإعلامية لها من الطرفين. اما الأهداف كانت محاولة إيجاد مصادر عاجلة لتمويل موازنة الحكومة التونسية من خلال الحكومة الليبية.  

وأبرز النتائج هي: -قرض، أو إعانة، أو وديعة، أو أي مسمي أخر يتم استخدامه أو توظيفه بقيمة أربعة مليار دينار ليبي سوف تقدم للحكومة التونسية كما وعدت الحكومة الليبية. تسهيل الإجراءات المصرفية بين البنك المركزي الليبي والبنك المركزي التونسي بالإفراج الأول على قيمة الاعتمادات المستندية المالية للتجار التوانسة الطرف الثاني والحكومة التونسية مقابل البضائع التونسية، أي دفع القيمة المالية لهذه البضاعة التونسية بشكل مستعجل وإتمام باقي الإجراءات لاحقا من خلال التثبت في أصل البضاعة ومدى مطابقتها للمواصفات. كذلك رفع القيود على الاعتمادات في دخول البضائع من تونس عبر الحدود البرية. كذلك البنك المركزي الليبي سيسمح بفتح اعتمادات للتجار التونسيين في ليبيا بعد أن كانت مغلقة، وهو ما سيساعد على نمو الصادرات التونسية وتدفق العملة الصعبة إلى الدولة التونسية بأكثر سلاسة من ليبيا. كذلك وجود توافق ورغبة مشتركة في تسوية المشاكل الآنية بين الدولتين وأولها المشاكل المتعلقة بالعبور والأموال المجمدة في الحسابات البنكية التونسية وحق التملك لليبيين في دولة تونس.


ماذا عن توقيت الزيارة -في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس- وما دلالات ذلك؟ 

التوقيت كان حاسم وإجباري لهم بمجرد قبول حكومة الدبيبة لهذه المقابلة تحت الاتصالات المكثفة بين حزبي الاخوان في كلا الدولتين، لأن العجز في سداد الحكومة التونسية للالتزامات النقدية التي عليها قد تطال مرتبات موظفيها وعدم قدرتها على سدادها في موعدها، مما قد يسبب نتائج كارثية على حزب الاخوان التونسي.


ما أبرز الملفات التي طرحتها الزيارة؟

أبرز الملفات الملف الاقتصادي، والمصرفي، والإجراءات المالية بين البلدين، وملف العمالة التونسية في ليبيا، إضافة إلى ملف الاعمار ونصيب الشركات التونسية منه أو المساهمة فيه.


ما التحديات التي قد تعرقل التعاون الليبي التونسي؟

التحديات التي قد تعرقل التعاون الليبي التونسي هي صعوبة تطبيق كل ما تم ذكره فالحكومة لم يتبق لها في الوجود الا بضعة أشهر وهي غير مخولة قانوناً بكل ما وعدت به الجانب التونسي.


برأيك.. ما أبرز المكاسب الليبية والتونسية من هذه الزيارة؟

بالنسبة للجانب الليبي لا توجد مكاسب حقيقية واضحة الا إلى من هم في السلطة كدعاية سياسية وتسويق إعلامي دولي، أو الفاسدين من رجال الأعمال ومن هم في السلطة لتدريب أكبر قدر من العملة الصعبة خارج البلاد، بالنسبة للجانب التونسي إيجاد مصادر تمويل مالية للدولة التونسية.


كيف يمكن تحقيق التكامل الاقتصادي بين ليبيا وتونس بما يعود بالنفع على البلدين؟ 

التكامل الاقتصادي الصحيح المنصف للطرفين يتم عبر تطبيق معايير الحكومة الرشيدة في التبادل التجاري بين الطرفين بشكل شفاف وواضح بعيدا عن المساومات السياسية الحزبية أو المصالح الشخصية لبعض الشخصيات ورجال الأعمال، وتتم على أساس اقتصادي صرف، وسياسات العرض والطلب الصحيحة. 

كذلك معالجة ملف تهريب الوقود والمحروقات الليبية إلى الأراضي التونسية بعلم الحكومة التونسية، ومعالجة التجاوزات المالية في ملف علاج الليبيين في المستشفيات التونسية... الخ. 

وهناك نقاط أساسية جوهرية، عالقة يتم تجاوزها أو التغاضي عنه، بسبب استفادة طرف من الأطراف منها بشكل مجحف بسبب ضعف وهشاشة الدولية الليبية الحالية. وما نراه الآن هو مجموعة من رجال الأعمال والتجار، هم من يحركون المشهد تحت اسم التكامل الاقتصادي. وعندما تتم معالجة النقاط الجوهرية السابقة، في شكل من أشكال التعاون الاقتصادي والتجاري سينجح تلقائيا بدون أي عقبات تذكر.


برأيك.. من المستفيد الأكبر من عملية إعادة الإعمار ليبيا أم تونس؟ 

طبعا تونس، فيتم تشغيل العمالة التونسية في الأراضي الليبية مما يخفف الضغط الأمني على أجهزة الأمن التونسية بسبب الشباب العاطل عن العمال. كذلك هناك موارد مالية بالعملة الصعبة تدخل إلى الجانب التونسي من الحوالات المالية للعمال التونسيين، بالإضافة إلى عمل الشركات التونسية المختلفة خارج الأراضي التونسية مما يجلب الكثير والكثير من الإيرادات غير المباشرة. 

اما الجانب الليبي فهو المستفيد الأقل من هذه العملية مقارنة إذا تم التعاون مع شركات عالمية أقوى ومتقدمة في أغلب المجالات وقادرة على التنفيذ والالتزام بمواعيد التنفيذ.


ماذا بشأن مشروع المنطقة الحرة للتبادل التجاري وانعكاسها على البلدين؟ 

هذا المشروع من الصعب جدا أن يرى النور بسبب تضرر الجانب التونسي منه، فلا يعقل أن تتنازل الجمارك التونسية عن إيرادات إعادة التصدير إلى ليبيا بسهولة.


كلمة أخيرة...

شدتنا هذه الاقتباسات العميقة من تصريحات الطرفين وهي "أكد المشيشي خلال اللقاء الصحفي المشترك الذي جمعه مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة التزام بلاده بتحرير المبادلات التجارية وتنقلات الأشخاص ورؤوس الأموال من وإلى ليبيا". 

"وأكد الدبيبة أن ليبيا ستقف إلى جانب تونس في المجال الاقتصادي خاصة على أثر جائحة كورونا، واعدا إياها بتوفير كمية هامة من اللقاحات ستوجه إليها فور الحصول عليها، إلى جانب إرسال كميات هامة من المستلزمات الطبية للمستشفيات التونسية في الجنوب التونسي." 

ونقو إن هذه التصريحات من الطرفين لا يمكن أن تكون منطقية وتكشف بشكل واضح حقيقة هذا الاحتفال الإعلامي، فتونس تحرر تنقل الأموال من ليبيا إليها بدون عقبات، والدبيبة يعدهم بإعطائهم لقاح ضد الكورونا -الشعب الليبي نفسه لم يتحصل عليه- ولذلك نسأل الله عز وجل أن يكون القادم أفضل للشعبين الليبي والتونسي كمواطنين -وليس كحكومات- وبأن يجدوا خيرا من هذا التبادل والتعاون وأن يتم بطريقة صحيحة.