تبادلت أرمينيا وأذربيجان يوم أمس الثلاثاء الاتهامات بانتهاك هدنة تم التوصل إليها قبل ثلاثة أيام بهدف إخماد قتال على إقليم ناغورنو قرة باغ، فيما أشعل مخاوف مجموعات دولية من تفجر أزمة إنسانية في المنطقة.

وتتداعى الهدنة الإنسانية، التي توسطت فيها روسيا، رغم تصعيد النداءات من القوى العالمية لوقف القتال. وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ومجموعة مينسك بين الداعين لمزيد من الالتزام ببنود الهدنة.

وشاهد مصور تلفزيوني من رويترز قصفاً في بلدة مارتوني في إقليم ناغورنو قرة باغ، وهو جيب جبلي معترف به دولياً على أنه جزء من أذربيجان، لكن يحكمه ويسكنه الأرمن.

وقال صحافيون في تارتار بأذربيجان، إن وسط المدينة تعرض أيضاً للقصف في وقت سابق من اليوم الثلاثاء.

واتهمت أذربيجان القوات الأرمينية بارتكاب "انتهاكات فظيعة للهدنة الإنسانية" التي تم التوصل إليها يوم السبت بهدف السماح للطرفين بتبادل الأسرى وجثامين القتلى.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع فاجيف دارجالي، إن أرمينيا تقصف أراضي أذربيجان في غورانبوي وأغدام وتارتار مؤكداً أن قوات أذربيجان لا تنتهك وقف النار.

ونفت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمينية شوشان ستيبانيان الاتهام. وقالت إن القوات الأذربيجانية استأنفت عملياتها العسكرية بعد هدوء خلال الليل" مدعومة بنيران المدفعية الكثيفة من جهات الجنوب والشمال والشمال الشرقي والشرق".

والقتال الذي اندلع في يوم 27 سبتمبر (أيلول) هو الأسوأ منذ الحرب حول الإقليم بين عامي 1991 و1994 والتي سقط فيها حوالي 30 ألف قتيل.

وتضع العيون في الخارج الصراع تحت رقابتها الشديدة ليس فقط لقربه من خطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز من أذربيجان لأوروبا، ولكن بسبب المخاوف من استدراج روسيا وتركيا إلى الصراع.

وترتبط روسيا باتفاقية دفاع مع أرمينيا، وتركيا حليف مقرب من أذربيجان.

ودعت مجموعة مينسك الزعماء في أرمينيا وأذربيجان إلى التنفيذ الفوري لوقف إطلاق النار لتفادي "عواقب وخيمة على المنطقة".

وتضم المجموعة 11 عضواً بينهم روسيا وتركيا، لكن أنقرة ليست مشاركة في محادثات ناغورنو قرة باغ. واقترح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إجراء محادثات بمشاركة بلاده.

وقال جاويش أوغلو إن مطالب وقف إطلاق النار "منطقية"، لكنه أضاف أن من الواجب على المجتمع الدولي أن يطالب أرمينيا بالانسحاب من أراضي أذربيجان.

وقال للصحفيين "من المؤسف أنه لم يتم توجيه مثل هذا النداء".

وتحدث السياسي التركي واسع النفوذ دولت بهجلي بلهجة أشد عداء عندما طالب أذربيجان بتأمين ناغورنو قرة باغ "بمواصلة الضرب على رأس أرمينيا". ويدعم حزب بهجلي حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس طيب أردوغان في البرلمان.

وأبدى جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي السابق والمنافس الديمقراطي للرئيس دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) قلقه البالغ من "انهيار" الهدنة واتهم إدارة ترامب لكونها "سلبية إلى حد كبير وغير مكترثة".

وقال بايدن في بيان "يجب أن تكون الإدارة أكثر مشاركة على أعلى المستويات بدلاً من تفويض موسكو في الاضطلاع بالجهود الدبلوماسية".

وعلى الرغم من نفي تركيا تدخلها العسكري في ناغورنو قرة باغ، وصف الرئيس الأرميني أرمين سركيسيان لصحيفة بيلد الألمانية سلوك أنقرة بأنه مثير للقلق.

وقال "أشعر بالقلق أولا لوجود طرف ثالث معني. لو كان الأمر يتعلق بناغورنو قرة باغ وأذربيجان فحسب، لأصبحت أشد تفاؤلاً إزاء احتمالات احتواء الصراع".

وتواصل أعداد القتلى الارتفاع. وقال مسؤولون أرمن في ناغورنو قرة باغ إن إجمالي عدد القتلى في صفوف العسكريين بالإقليم بلغ 532 بزيادة 7 قتلى عن يوم الإثنين.

وقالت أذربيجان إن 42 مدنياً قُتلوا فيها وأصيب 206 منذ بدء القتال يوم 27 سبتمبر (أيلول). ولم تكشف عن خسائرها من العسكريين.

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، طارق جساريفتش، في إفادة للأمم المتحدة في جنيف، إن الصراع يسهم في انتشار مرض "كوفيد-19".

وأضاف أن الحالات الجديدة في أرمينيا تضاعفت إلى المثلين على مدى الأسبوعين المنصرمين حتى يوم الاثنين، فيما زادت الإصابات الجديدة بنسبة 80٪ تقريباً خلال الأيام السبعة الماضية في أذربيجان. وحذر من "التعطيل المباشر للرعاية الصحية وزيادة الأعباء على الأنظمة الصحية التي تتحمل بالفعل ما يفوق طاقتها خلال الجائحة".