تشهد الحملة الانتخابية لرئاسيات الجزائر مع دخول أسبوعها الأخير أحداث عنف شكلت مصدر قلق وخوف للمواطنين، مما أدى لبروز دعوات تطالب بضرورة الاحتكام لمبادئ المنافسة النزيهة ومواجهة البرامج بعضها ببعض بدل الاعتماد على العنف والاستفزاز.

واللافت منذ انطلاق الحملة الانتخابية في 23 مارس الماضي هو استهداف الموالين للمرشح والرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة ومحاولة منعهم من عقد تجمعاتهم الانتخابية في العديد من المحافظات.

ويعتبر ما حدث السبت الماضي بمحافظة بجاية التطور الأبرز في هذا السياق، حيث قام معارضون لترشح بوتفليقة بمنع مدير حملته عبد المالك سلال من عقد تجمع انتخابي، مما أسفر عن مواجهات عنيفة بين عناصر الأمن ومتظاهرين.

الأمر نفسه تكرر الأحد بمحافظة تيزي وزو، حيث شهدت هي الأخرى مشادات بين عناصر الأمن ومتظاهرين حاولوا منع سلال من عقد تجمع انتخابي.

وتواجه إدارة حملة بوتفليقة مشاكل كبيرة في تنظيم لقاء جماهيري بمحافظة باتنة شرقي الجزائر، حيث ألغي عدة مرات لعدم توافر أجواء آمنة.

ويعود هذا الوضع لرفض السكان تواجد أي مسؤول بمحافظتهم على خلفية تصريحات اعتبروها "مهينة" بحقهم، صدرت عن سلال في وقت سابق.

وعلى خلفية أحداث بجاية اتهمت إدارة الحملة الانتخابية لبوتفليقة حركة "بركات" الشبابية المعارضة وحركة الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل بالوقوف وراء الأحداث.

لكن الناطق الرسمي باسم حزب جبهة التحرير الوطني (حزب الأغلبية) السعيد بوحجة اتهم الداعين لمقاطعة الانتخابات بالوقوف وراء أعمال العنف لشعورهم بالإحباط تجاه التعبئة الشاملة والمساندة التي يحظى بها المترشح بوتفليقة، على حد قوله.

وقال إن الحملة الانتخابية تفضح دعاة المقاطعة وتضعهم في مأزق، مما يفسر لجوءهم إلى اختلاق العنف لشغل الرأي العام الدولي، حسب تقديره.

وأكد أن هذه الأحداث لا تخص بوتفليقة فقط، إنما تستهدف الجزائر وكل المرشحين للرئاسيات. وقال إن اللجوء للعنف ليس ديمقراطيا ولا أخلاقيا.

ولم يبدِ بوحجة تخوفا من حدوث انزلاق أمني مع اقتراب موعد الرئاسيات في 17 أبريل/نيسان الجاري "لأن الشعب الجزائري واعٍ".

واعتبر ما حدث في بجاية "فعلا معزولا" بدليل أن سلال استقبل بعد ذلك بيوم بترحاب كبير في محافظة تيزي وزو التي لها الخصائص المميزة نفسها لمحافظة بجاية.

وفي تصريح مكتوب تسلمت الجزيرة نت نسخة منه، تأسف المترشح علي بن فليس من "الجو المضطرب الذي تجري فيه الحملة الانتخابية"، لكنه بالمقابل أكد أنه "لا شيء وضع كي تتم الحملة في جو هادئ وآمن".

وانتقد بشدة بعض وسائل الإعلام التي قال إنها وجهت له اتهامات خطيرة وغير مؤسسة على خلفية تحميله بعض القنوات الفضائية مسؤولية أحداث العنف ببجاية.

وأكد بن فليس أنه حريص على عدم استدراجه إلى "مساوئ الجدل العقيم". ودعا إلى ضرورة الاعتماد خلال المنافسة الانتخابية على حوار الأفكار ومواجهة البرامج بعضها ببعض.

من جانبها، تبرأت حركة "بركات" من أحداث العنف ببجاية، مؤكدة في بيان أنها ليست تمردية ولن تدعو أبدا إلى أعمال شغب أو عصيان.

وحول قراءته لأسباب وتداعيات ظاهرة العنف خلال الحملة، رصد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر عبد العالي رزاقي ثلاثة أسباب لذلك، أولها أن القائمين على حملة بوتفليقة استخدموا في وقت سابق ألفاظا تحمل الكثير من الاستفزاز وتمثل إهانة للأمازيغ.

واعتبر رزاقي الطريقة التي يتنقل بها مؤيدو بوتفليقة بأنها استفزازية من خلال الهالة التي يضفونها على تحركاتهم الميدانية، حيث يتنقلون ببرتوكولات رسمية وليسوا كأشخاص عاديين مثلما ينص عليه القانون.

وفي تقدير رزاقي، فإن السبب الثالث يتعلق بالاحتقان الشعبي في الشارع بسبب الأزمة السياسية والذي يمكن أن يستغله أي طرف.

ولم يستعبد في هذا الإطار أن تكون أطراف داخل السلطة ترفض ترشح بوتفليقة هي التي تقف وراء أحداث العنف.

وتوقع رزاقي ارتفاع وتيرة الاحتجاجات مع اقتراب موعد الانتخابات، وتصاعد نبرة الخطاب المستفز سواء بالنسبة للمنافسين لبوتفليقة أو للمروجين له.

وقد نددت العديد من الأحزاب المساندة لبوتفليقة بأعمال العنف التي تستهدف اللقاءات الانتخابية على غرار حزب تجمع أمل الجزائر والتحالف الوطني الجمهوري، إضافة إلى العديد من الجمعيات.