يُعرف تاريخ الرابع من يناير بأنه اليوم الذي يكون فيه المديرون التنفيذيون لكبريات الشركات البريطانية قد حصلوا على ما يعادل ما يكسبه العامل العادي في عام كامل.
لكن المديرين التنفيذيين البريطانيين ليسوا وحدهم من يتفوقون في دخلهم على موظفيهم بهذه السرعة الفائقة، حيث يُظهر تحليل أجرته مؤسسة "بلومبيرغ" عن فجوة الأجور بين المديرين التنفيذيين والموظفين في 22 بلداً أن المديرين التنفيذيين في الولايات المتحدة والهند يمكن حتى أن يحصلوا على ما يحصل عليه الموظف العادي في السنة بسرعة أكبر.
ففي الولايات المتحدة، تُظهر البيانات أن المديرين التنفيذيين الكبار يحتاجون لأقل من يومين فقط (1.52 يوم) للحصول على أموال تفوق متوسط الدخل السنوي للموظف. وفي الهند، يستغرق ذلك وقتاً أقل، فالمدير التنفيذي العادي يكسب في غضون حوالي ثلث يوم (0.35) أكثر مما يكسبه موظفه في 365 يوماً، وفق ما ذكرت "بي. بي. سي".
ويقول الصحفي الأمريكي سام بيزيغاتي: "في الولايات المتحدة، كانت الفجوة بين أجر العامل والمدير التنفيذي في العام 2016 أكبر بثماني مرات مما كانت عليه في العام 1980".
وأضاف بيزيغاتي، الذي أصدر كتابا في مايو من العام الماضي بعنوان "قصة الحد الأقصى للأجور" ويقدم فيه حججا لتخفيض رواتب المديرين التنفيذيين: "في غالبية الشركات الرئيسية، يحتاج الموظف العادي إلى العمل ثلاثة قرون ليحصل على الأموال التي يحصل عليها مديره التنفيذي في عام واحد. وفي مطاعم مكدونالدز، على سبيل المثال، يحتاج العامل العادي إلى العمل لمدة 3101 عام".
ويبدو أن أسبوعاً واحداً يكفي تماماً لمدير تنفيذي كبير ليكسب مبلغاً يعادل ما يكسبه موظف عادي في عام كامل بأماكن كثيرة من العالم، ففي جنوب أفريقيا يحتاج المدير التنفيذي إلى ثلاثة أيام فقط (2.99) مقابل (2.11) في الصين.
تتفاوت رواتب المديرين التنفيذيين من مكان لآخر في العالم، فالعديد من كبريات الشركات العالمية التي تميل إلى مكافأة المديرين الكبار بشكل أكبر تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، حيث يبلغ متوسط الدخل السنوي للمدير التنفيذي أكثر من 14 مليون دولار. وتلعب عوامل من قبيل تكلفة المعيشة دوراً في هذا الأمر، حيث تميل الدول المتقدمة إلى دفع رواتب أعلى بشكل عام، لكن حتى دول بمستويات معيشية أعلى يمكن أن تكون لديها فجوات كبيرة بين راتب المدير التنفيذي وراتب موظف عادي.
تبلغ النسبة في السويد، المعروفة بأن مجتمعها أكثر مساواة من غالبية المجتمعات الأخرى، 60 إلى 1، حيث يصل متوسط الراتب السنوي للمدير التنفيذي هناك إلى 2.79 مليون دولار.
ويحتاج المديرون التنفيذيون السويديون لنحو 5.5 يوم ليحصلوا على متوسط الدخل السنوي للموظف العادي، والذي يصل إلى 42,393 دولار، حسب أرقام منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي. أما في النرويج، فيتجاوز المدير التنفيذي معدل الدخل السنوي للموظف العادي خلال نحو 15 يوماً (14.6).
ووفقا لتقارير مالية فإن أعلى مدير تنفيذي دخلاً في نيجيريا هو أوستن أفورو من شركة "سيبلات بتروليم للتطوير"، إذ يتقاضى 1.3 مليون دولار سنوياً. ويبلغ معدل الأجور في نيجيريا نحو 16,700 دولار، حسب موقع SalaryExplorer.com. ويعني هذا أن المدير التنفيذي يمكنه الحصول على هذا الرقم خلال أقل من خمسة أيام.
يشير تصنيف مجلة فوربس لأعلى 25 مديرا تنفيذيا روسيا دخلاً في العام 2016 إلى أن معدل الراتب السنوي هو 6.1 مليون دولار. وبالنظر إلى أن متوسط الدخل السنوي في روسيا يصل إلى 8.040 دولار، فإن المدير التنفيذي يحصل على ما يعادل الراتب السنوي للموظف العادي خلال نصف يوم (0.46).
وفي البرازيل، التي تعتبر من الاقتصادات الناشئة الرئيسية، يحصل المدير التنفيذي على راتب صاف يعادل 322,000 دولار في العام، وفقا لمركز الأبحاث الاقتصادية البرازيلي. ويعني ذلك أن المدير التنفيذي لا يحتاج سوى ثمانية أيام فقط للحصول على ما يتقضاه الموظف العادي في عام.
وفي المكسيك، يتقاضى المدير التنفيذي في الشركات الكبرى نحو 1.29 مليون دولار في العام، حسب موقع "سالاري إكسبرت"، ويكون بحاجة إلى نحو أربعة أيام فقط لكي يحصل على ما يحصل عليه الموظف العادي في عام.
لكن هل هذا أمر مبرر؟ هناك انقسام في الرأي حول الإجابة عن هذا السؤال.
ففي مقال نشر على موقع كلية هارفارد لإدارة الأعمال في وقت مبكر من العام الماضي، حذر إيثان روين، أستاذ مساعد لإدارة الأعمال، من أن التفاوت في الرواتب يحتاج إلى توضيح وشرح لكل من الموظفين والجمهور.
وقال: "عندما تسمع عن المبلغ الذي يتقاضاه مدير تنفيذي، فسيبدو رقماً كبيرا وفظيعاً، وسيكون رد فعل الناس على ذلك قويا. ولهذا يتعين على كل شركة من الشركات التي تضطر للكشف عن هذه الأرقام أن تقدم بعض التفسيرات وترد بشكل مدروس لتبرير هذا التفاوت الشاسع في الأجور".
وأشار روين إلى مسح أجري العام 2014 خلص إلى أن المشاركين من عدة بلدان قالوا إنه لا ينبغي أن يحصل المدير التنفيذي على أكثر من أربعة أضعاف ما يحصل عليه الموظف العادي. لكن روين يرى أن الاختلاف في حجم الرواتب ينبغي أن يُنظر إليه في سياق أوسع من مجرد مقارنة أرقام متوسط الدخول هكذا ببساطة.
ويرى روين أن أبرز مثلا على ذلك هو شركة آبل، التي تشير تقارير إلى أنها تدفع لمديرها التنفيذي تيم كوك ما يزيد على 250 ضعف معدل الراتب السنوي للموظف في الولايات المتحدة. وقال: "بإمكانك أن تقول إن الفجوة في الرواتب في آبل تبدو فظيعة ومثيرة للسخط لأنها قد تصل إلى 200 إلى 1. هذا رقم يستوقف الناس ويعلق في أذهانهم، لكنه في الوقت ذاته ليس منصفاً."