أكد جوزيه غرازيانو دا سيلفا، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "FAO"، أن تحقيق مشاركة مزيد من الشباب الأفارقة في قطاع الزراعة وزيادة الدعم لمزارعي الأسرة الضعفاء في إفريقيا هما عاملان جوهريان سيكتسبان أهمية مطردة في النهوض بالأمن الغذائي والرفاه الاقتصادي للقارة خلال السنوات المقبلة.وتطرق المدير العام لمنظمة "فاو" مخاطباً المؤتمر الإقليمي 28 لإفريقيا، المنعقد هذا الأسبوع في تونس العاصمة، إلى ندرة المياه والصراعات باعتبارهما من أخطر التحديات التي تواجه الأمن الغذائي على صعيد الإقليم؛ لكنه أعرب عن ثقته في أن إفريقيا "قادرة على بلوغ السلام والاستقرار والأمن الغذائي في المستقبل".

وأضاف غرازيانو دا سيلفا أن "معدل النمو الاقتصادي في القارة يفوق المتوسط العالمي، وأن معظم الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم تنتمي إلى بلدان إفريقيا"، متوجهاً بكلمته إلى وزراء الزراعة وأطراف التمويل الشريكة خلال المؤتمر الإقليمي. وقال أن "التحدي الماثل إنما يكمن في تحويل هذا النمو إلى اندماج اجتماعي... وهو هدف بالوسع أن يتحقق بالاعتماد على الزراعة والتنمية الريفية والشباب".

ويشغل الارتباط الوثيق بين الشباب، والصناعات الزراعية، والتنمية الريفية موقعاً بارزاً على جدول أعمال مؤتمر المنظمة الإقليمي لإفريقيا، نظراً إلى أن إفريقيا تعد القارة الأحدث سناً في العالم إذ أن أكثر من نصف سكانها دون 25 عاماً من العمر.وذكر المدير العام للمنظـمة أن "أحد عشر مليون شخص يدخلون سوق العمل في إفريقيا كل سنة، لكن رواتب القطاع الريفي تظل متدنية، ويغلب على القطاع الطابع غير الرسمي، ولا تعتبر الزراعة جذابة بالنسبة للعديد من الشباب بالإقليم، دع عنك أن الحماية الاجتماعية ليست متاحة على الدوام للأسر الريفية في الحالات الحرجة".

ويشير تقرير معد للمؤتمر الإقليمي إلى أن معدلات النمو البالغة الارتفاع لدى بعض البلدان الإفريقية على مدى العقد الماضي لم تحوَّل إلى فرص عمل أو دخل للشباب على النطاق الواسع. وتوجه منظمة "فاو" من خلال المؤتمر نداء لزيادة الاستثمار العام والخاص في الأعمال الزراعية، والتصنيع الزراعي، والخدمات المرتبطة بالسوق لجذب الأيدي العاملة من الشباب والاحتفاظ بهم في القطاع، وحفز فرص العمل الجديدة، ودفع عجلة التنمية في القطاع الزراعي.

وإذ لاحظ المدير العام أن السنة الإفريقية للزراعة والأمن الغذائي يجري الاحتفال بها في تزامن مع السنة الدولية للزراعة الأسرية هذا العام، دعا البلدان الإفريقية إلى "اغتنام هذه الفرصة لإدراج صغار المزارعين، وصيادي الأسماك، والرعاة، وجامعي ثمار الغابات، والمجتمعات التقليدية، والشعوب الأصلية على رأس جدول الأعمال المطروح أمامنا".وقال، "اسمحوا لي أن أؤكد لكم أنه من أجل تحقيق الأمن الغذائي ثمة حاجة إلى الجمع بين الزيادة المستدامة للإنتاج والحماية الاجتماعية، لتوفير وسادة للفئات الأشد ضعفاً"، لافتاً إلى أن نحو 90 بالمائة من الأسر الريفية الإفريقية تشارك في أنشطة ذات صلة بالزراعة

وأوضح غرازيانو دا سيلفا ان الإقليم خطا خطوة هامة باتجاه تعزيز القطاع الزراعي الإفريقي مع إنشاء صندوق الأمانة للتضامن مع إفريقيا. ويمول هذا الصندوق بالكامل من قبل البلدان الإفريقية، وبينما يتخذ من منظمة "فاو" مقراً، فإن الاتحاد الإفريقي يشارك في قيادته، وقد صيغ تماشياً مع الأولويات التي وضعتها خطة التنمية الزراعية الشاملة لإفريقيا (CAADP).

وفي وقت لاحق من الأسبوع الجاري، من المتوقع أن يشارك المدير العام لمنظمة "فاو" في توقيع اتفاقيات لإطلاق صفقات التمويل الأولي لست دول إفريقية (جمهورية إفريقيا الوسطى، إثيوبيا، ملاوي، مالي، النيجر، جنوب السودان) من أجل تنفيذ برامج وخطط عمل مدعومة في إطار صندوق الأمانة للتضامن مع إفريقيا. كما أعربت المنظمة عن دعمها للبلدان الإفريقية في طرح مقترحات لمزيد من مصادر التمويل، بما في ذلك البرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي (GAFSP) والذي أفاد بالفعل 15 بلداً إفريقياً بتمويلات تفوق في مجموعها 560 مليون دولار أمريكي.

وشدد الرئيس التنفيذي لمنظمة "فاو" على أهمية الشراكات التي تجمع بين جهود الحكومات، وشركات القطاع الخاص، والمجتمع المدني في تهيئة الخدمات المالية وغيرها من أشكال الدعم للمزارعين.وفي كلمته، عرض المدير العام لمحة عامة عن عمليات التغير التحولي الجارية داخل منظمة "فاو"، متحدثاً عن كيفية الاستفادة من نتائجه في حالة إفريقيا، بما في ذلك زيادة الكوادر التقنية في مكاتب المنظمة بجميع أنحاء الإقليم.

وللمنظمة ثلاث مبادرات إقليمية في مختلف أطوار التنفيذ تنسجم مع إطارها الاستراتيجي المتجدد، وتستجيب للأولويات التي حددتها البلدان الأعضاء على النحو التالي: دعم الجهود والمنهجيات المستجدة للقضاء على الجوع بحلول عام 2025؛ تعزيز التكثيف المستدام للإنتاج الزراعي والزراعي التجاري؛ بناء مرونة الاستجابة في المناطق الجافة من إفريقيا مع التركيز خصوصاً على إقليم الساحل، ومنطقة القرن الإفريقي، والبلدان المعرضة للفيضانات.

وبالفعل نجح نحو 60  بلداً نامياً بجميع أنحاء العالم في بلوغ هدف الحد من أعداد الجياع على النحو الذي حدده الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية، لخفض نسبة من يعانون الجوع المزمن خلال الفترة 1990 - 2015.وعلى مستوى إفريقيا، شملت البلدان التي نجحت في هذه المهمة كلاً من مصر، وليبيا، وتونس، وأنغولا، وبينان، والكاميرون، وغانا، وجيبوتي، وملاوي، والنيجر، ونيجيريا، وساوتومي وبرينسيبي، وجنوب إفريقيا، وتوغو.