تمر ليبيا منذ عقد ونيف من الزمن بظروف سياسية وأمنية قاهرة شكلت عائقاً أمام تحقيق أي تقدم يخدم الشعب الليبي، وقد كان أحد أهم وأكبر تلك المعوقات التدخلات الخارجية، التي ساهمت في إطالة أمد الصراع الليبي.
هذا وشهد ملف التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي تطورات متسارعة خلال الأشهر الماضي إثر ازدياد الأطماع الغربية على المستويين السياسي والعسكري في المنطقة، وذلك عبر الوصول للهيمنة الكاملة في ليبيا، خاصة وأن ليبيا تعتبر من أكبر الدول المنتجة للنفط والغاز الطبيعي في العالم، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي المهم، لذلك يراها الغرب بأنها هدف يجب السيطرة عليه.
وفي هذا السياق أعلن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في كلمته خلال الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، السعي لإنشاء مراكز أمنية من شأنها تسهيل التنسيق بين الدول في مكافحة الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى معالجة ظاهرة الاتجار بالبشر بطريقة منسقة، على حسب قوله.
وتعليقاً على ما قاله المنفي، أكد باحثون في الشأن الليبي، أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى تحقيق أهدافها في الداخل، باستخدام القوة الأمنية والعسكرية، بعدما عجزت عن تحقيق ذلك سياسياً، ناهيك عن حقيقة أن الهجرة غير الشرعية هي أحد أسلحة واشنطن الخفية لإبقاء دول القارة العجوز تحت قبضتها وهو ما يعيه الجميع.
فواشنطن تريد عبر إنشاءها للمراكز الأمنية في ليبيا، حشد قوات عسكرية جديدة في المنطقة، بغطاء أممي لاستخدامها لاحقاً لتحقيق أهدافها المتمثلة، بطرد القوات الروسية والتركية والإيطالية من ليبيا، بالإضافة إلى تخلصها من جميع الأطراف الليبية المعارضة لوجودها في البلاد، حيث أن واشنطن مازالت متمسكة بحلمها القديم في ليبيا بشأن إنشاء قاعدة عسكرية في جنوب ليبيا تمكنها من السيطرة على شمال إفريقيا بالكامل.
ويجمع معظم الليبيين أن الأهداف الأمريكية لن تصب في صالحهم، حيث سيتعمق الانقسام السياسي وتتعطل العملية الانتخابية لمدى غير معلوم، كما ستزيد القوى الدولية وحلفائها الإقليميين من نفوذها في ليبيا، ومن سيطرتها على القرار السياسي الليبي في الشرق والغرب، لتنعدم معها أي إرادة ليبية حقيقية، او إدراك استراتيجي لدي صانع القرار في الدولة الليبية، لتكون أقرب للاحتلال منها لمجرد ممارسة نفوذ.
والجدير بالذكر إلى أن موقع "أفريكا إنتلجنس" الفرنسي قد أكد في وقت سابق تواجد قوات من الشركة الأمنية الأمريكية الخاصة أمينتوم، ونشاطها هناك بالتنسيق مع حكومة الوحدة الوطنية، وأضاف الموقع أن مستشارين أمينتوم وعناصرها متواجدون في قاعدة معيتيقة بطرابلس، وهذا ما يدل على سعى واشنطن الكبير لإنشاء قواعد لها في ليبيا.