" ملف الاغتيالات ظل غامضا ولذلك فمن الوارد حدوث اغتيال ثالث...المال الأجنبي يضخ في حسابات الأحزاب...منظومة بن علي الأمنية وجهات أجنبية هي من تقف وراء تغلغل غول الإرهاب بالبلاد.. نحن رقم بارز في المشهد السياسي وهذه أسباب ترشحي للرئاسية... لا محيد عن القطع الكلي مع المنظومة القديمة لبناء الديمقراطية...الحوار الوطني انقلاب ناعم... أداء مهدي جمعة ضعيف جدا... في المقابل مواقف المرزوقي أصبحت أكثر اتزانا...قانون مكافحة الإرهاب يهدد الحريات وبن علي هو من يحكم تونس في الوقت الحالي..." وغيرها.

هذه نبذة مما جاء على لسان عبد الرؤوف العيادي رئيس حركة وفاء والمترشح للانتخابات الرئاسية بتونس في لقاء مع "البوابة" تطرق فيه محدثنا إلى كل تشابكات وتعرجات المشهد السياسي العام بالبلاد, كالانتخابات وملف الإرهاب والعدالة الانتقالية والتحالفات السياسية المقبلة, إضافة إلى تداعيات الأزمة الليبية على الأمن القومي التونسي وكل القضايا الحارقة التي تشغل التونسيين.

وفي ما يلي نص الحوار.

 

أشرتم بالأمس خلال ندوة صحفية إلى وجود تدخلات أجنبية في سير الانتخابات التي ستشهدها البلاد قريبا, لو توضحون ذلك؟

في الحقيقية هذا التدخل حدث قبل الانتخابات في ما يسمى ب "الحوار الوطني" الذي تم بإيعاز أجنبي, بمعنى أنه جاء في سياق معلوم بعد اعتصام الرحيل وهو سياق إقليمي تم فيه كذلك انقلاب في مصر. لذلك فالاتحاد الأوروبي وسفير أمريكا كان لهما دور فعال في دفع الفرقاء السياسيين في تونس إلى طاولة الحوار بهدف مراجعة المحاصصة التي تمت في انتخابات 23 أكتوبر 2011.  وعلى أساس أن أقلية الأصفار زائد نداء تونس تحصل على الحكومة وبالتالي حصر دور الترويكا على  التواجد بالمجلس التأسيسي مع تحجيم دور المجلس من حيث المبادرة التشريعية.

ما يحصل الآن هو محاصصة جديدة بما أن الأطراف التي ذكرتها لك تحكم الآن. وهذه الحكومة مرضي عنها خارجيا ووصلت إلى الحكم بدعم أجنبي لأن ما يسمى بالحوار الوطني لم يأت في حقيقة الأمر برئيس حكومة بل هذا الأخير فرضته الدوائر الأجنبية. هذا الأمر لن يتوقف في فترة الاستحقاق الانتخابي وسيتواصل دور هؤلاء لأن الأدوات موجودة مثل المال والإعلام. والدليل هبة السيارات الإماراتية التي منحت  للسبسي. ومن البديهي أن من يحمي شخص أو جهة ما هو في الحقيقة يسعى إلى إزاحة جهة مقابلة.

لذلك فالتدخل الخارجي في الانتخابات التونسية معطى لا جدال ولا شك فيه.  المال الأجنبي يدخل إلى البلاد ويتم توظيفه في محاولة شراء الأصوات والذمم وهذه ممارسات قديمة متجددة.

ما مدى تأثير المال السياسي الأجنبي على شفافية العملية الانتخابية بنظركم؟

هناك عملية استغلال للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد لشراء الأصوات. لكن نحن لدينا ثقة في الشعب وفي مستوى وعي التونسيين خصوصا في هذه الفترة بعد أن عاد العنف البوليسي والتجاوزات في حق المواطنين بتعلة فرض استتباب الأمن وإرجاع هيبة الدولة. وهذه الممارسات ستجعل المواطن يستشعر خطورة هذه المنظومة, فحتى من الجانب الاقتصادي هناك تفعيل للاقتصاد الإجرامي القائم على لعبة الولاء لطرف داخلي أو خارجي مقابل الحصول على منافع وامتيازات.

وما هي الحلول التي ترونها فعالة للحيلولة دون ذلك؟

على دائرة المحاسابات أن تقوم بدورها. وعلى كل الأطراف التي تتبنى الدفاع عن النموذج الديمقراطي أن تكون على درجة عالية من الوعي والفطنة.

وبالنسبة  لحركة وفاء, هل أبرأت ذمتها من المال العمومي؟

نحن لم نحصل على أموال من الدولة. وتقريبا نحن الحركة الوحيدة التي لديها إنتاج وأدبيات ونصوص تحليلية للمرحلة التي تمر بها البلاد. نحن لا نملك أموالا بل نملك ما يسمى ب"المشترك السياسي" وهو ما جعل الحركة تستمر.

ماهي مصادر تمويلكم؟

تمويل حركة وفاء يتم من مساهماتنا الخاصة ولا سيما من نواب الحركة بالكتلة البرلمانية  في التأسيسي وأيضا من تبرعات بعض الأعضاء.

أعلنتم عن ترشحكم للرئاسة, فهل أن مشروعكم يختلف عن باقي المترشحين؟

 نحن حركة تقطع مع الاستبداد. نحن لم نسع في تاريخنا إلى إيجاد نوع من الوفاق أو التنازلات مع الدكتاتورية حتى نؤسس نظام ديمقراطي أو ديكتاتوري. وأغلب المرشحين للرئاسية جاؤوا من المنظومة القديمة ومن إرث الدكتاتورية أو أن موقفهم غير واضح تجاه القطع مع الدكتاتورية. في حين أن حركة وفاء مع القطيعة  الكاملة مع نظام الدكتاتورية و مع تطبيق القانون  في تفعيل وإرساء العدالة الانتقالية. وهذا الأمر هو في الحقيقة يتناغم مع دستور البلاد الديمقراطي.

ماهي الخطوط الكبرى لبرنامجكم الانتخابي؟

هناك برنامج اقتصادي واجتماعي يتمثل في تكريس اقتصاد وطني يحقق التنمية ويخلق القيمة المضافة ويعيد الاعتبار لقيمة العمل لتحقيق التوزان الجهوي والتنمية الحقيقية, بمعنى إرساء منظومة اقتصادية  تقطع مع الطور الاستهلاكي وتكرس طور الإنتاج. أما من الناحية السياسية فحركة وفاء تسعى إلى بناء دولة وطنية مستقلة ومؤسسات ديمقراطية.

وأية ضمانات تقدمونها للتونسيين في حال الفوز؟

سنعمل على ضمان استقرار البلاد لأننا ضد الأجندات الأمنية الخارجية. كذلك سنسعى إلى تكريس قضاء الدولة لا قضاء النظام وسنحافظ على استقلالية القرار الوطني. هذه أهم الضمانات التي نقدمها للتونسيين.

كم عدد التزكيات التي تحصلتم عليها للترشح للرئاسة؟

13 نائبا أمضوا على قرار تزكيتي. في حين أن المطلوب هو 10 إمضاءات لا غير.

حركة وفاء المنشقة عن حزب المؤتمر لم تتمكن من فرض نفسها كحزب فاعل في المشهد السياسي حسب ما يراه البعض, ما ردكم؟

هذا تصنيف مخابراتي نابع عن منظومة الفساد القديمة. نحن رقم في المشهد السياسي بالبلاد وقدمنا عديد المواقف الوطنية الواضحة. نحن من شرحنا للشعب أن الحوار الوطني هو انقلاب ناعم ولأجل ذلك لم نتورط بالمشاركة فيه ودافعنا عن الشرعية حتى نقي مؤسسات الدولة كالتأسيسي والرئاسة الفراغ المؤسساتي الذي قد يهدد استقرار البلاد. نحن عارضنا وضع القرارالوطني تحت الوصاية الأجنبية.

ما حقيقة الجدل حول تحويل مشروع قانون مكافحة الإرهاب من قانون أساسي إلى  قانون عادي حسب ما تؤكده بعض الجهات؟

القانون يناقش بالفعل كقانون أساسي. و الغاية من قانون مكافحة الإرهاب هي إنكار الحقوق والحريات. المعروف أن المنظومة القديمة عادت, وإلا ما معنى أن يتم إيقاف بعض الأشخاص وتصنيفهم كإرهابيين؟  من المفروض أن القضاء هو الجهة الوحيدة المخولة لتصنيف هؤلاء, هل هم إرهابيون أم لا؟. هناك إرهاب فكري, هذا ما يحدث الآن و القانون لا يضمن حقوق الإنسان.

ولكن ما الحل في حال ثبوت تهم الإرهاب ضد بعض الأشخاص؟

في حال ثبوت هذه الاتهامات لا بد من تطبيق القانون ومحاكمة من يحمل السلاح في وجه الدولة بعيدا عن تصفية الحسابات.

لمن تحملون مسؤولية تغلغل الإرهاب في تونس؟

الإرهاب في تونس صناعة أجنبية مع مساعدة أطراف من الداخل. والدليل حادثة "منزل نور" و"الروحية" و"سوق الأحد" بقبلي.

ومن هي هذه الأطراف الداخلية التي تعتبرونها متواطئة مع الإرهاب؟

المنظومة الأمنية لنظام بن علي.  وهذه المنظومة مخترقة من جهات أجنبية وقد اعترف كل من علي العريض ولطفي بن جدو بوجود اختراقات صلب المؤسسة الأمنية.

ولكن هناك أيضا من تحدث عن اختراقات تعمل لفائدة حركة النهضة صلب المؤسسة الأمنية؟ بماذا تجيبون؟

لا أدري. الشعب التونسي حتى و إن كان في مواقع المسؤولية يجيب دوما بلفظة "ممكن". و السبب يكمن في أن الدولة لم تسترجع وظيفتها وهي ما زالت ضعيفة و مقسمة ومخترقة أيضا. كما أن وضع المرحلة المؤقتة زاد الطين بلة.

هل تتوقعون تحالف النهضة والنداء بعد الانتخابات؟

بعد لقاء فرنسا والجزائر ربما يحدث زواج توافقي بين النهضة ونداء تونس. وهذا الأمر هو استجابة لرغبات وأجندات خارجية في تحقيق توازنات تعتبر رقما في المعادلة الأمنية لهذه الدول. هناك أطراف خارجية تعمل في هذا الاتجاه.

ما رأيكم في مقترح حركة النهضة حول الرئيس التوافقي؟

نحن ضد هذا المقترح ولهذا أعلنا الترشح للرئاسة. نحن نعارض فرض الوصاية على الناخب.

هل تدخل هذه المبادرة في نطاق ما يسمى ب "البيعة"؟

هي تسويات خدمة لمصالح أجنبية.

ماهي خارطة تحالفاتكم المقبلة؟

تحالفاتنا  القادمة ستكون على أساس الاشتراك في البرامج, لا على أساس المحاصصة الحزبية.

وكيف تقرؤون تعرجات المشهد السياسي المقبل؟

هناك أحزاب ستنقرض. وحتى الأحزاب التي تحسنت أوضاعها بعد الانقلاب ستضعف شعبيتها.

كيف تقيمون المعالجة الأمنية لملف الإرهاب؟

هذا الملف لا يجب أن يعالج عبر القوة والعمل المسلح فقط. لا بد من إصلاح القضاء والأمن وهذا سيساهم في مكافحة الإرهاب.  كذلك لا يجب أن ننسى الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للظاهرة. أيضا نمط العمالة مع الخارج ينشط الإرهاب.

داعش على أبواب تونس: هل هذا الأمر  حقيقة أم فزاعة لترهيب التونسيين؟

لا أعتقد أن لهذا التنظيم امتدادا في تونس أو ليبيا. يوجد توظيف سياسي للظاهرة التي تستعمل كفزاعة.

 كيف تقيمون أداء رئيس الدولة المؤقت ؟

المرزوقي بدأ يراجع مواقفه السابقة, ومواقفه الحالية أصبحت أكثر اتزانا.

وبالنسبة لأداء رئيس الحكومة؟

أداء ضعيف جدا ولم يحقق أية نتائج, بل كرس الخيارات السابقة.

هل من الوارد حدوث اغتيال ثالث ,لا قدر الله في تونس, كما اعتبرت بعض الأطراف؟

كل شيء وارد لأن جميع الملفات ظلت غامضة. الاغتيالات السياسية عمل مخابراتي ووراءها دول بأكملها لا مجرد أفراد.

كيف تنظرون إلى نزيف الاستقالات الذي شهدته بعض الأحزاب مؤخرا؟

بالنسبة لحركة النهضة فمن الطبيعي أن يحدث بداخلها تشتت لأنها دخلت في مسار تنازلات وهزائم, والهزيمة الجديدة بالنسبة لها هي التشتت. أما الأحزاب الأخرى فهي عبارة عن شركات ومصالح و بناء على ذلك فمن لا يحقق مصالحه ينسحب.

ترى بعض الأطراف أن ما يسمى ب "القائمات المستقلة" فخ انتخابي لتشتيت الأصوات خدمة لأحزاب معينة, وبالتالي إعادة نفس مشهد أكتوبر 2011؟

هناك أحزاب صنعت من هذه القائمات رصيدا احتياطيا لتتحالف معها بعد الانتخابات.

أية انعكاسات محتملة للأزمة الليبية على أمن تونس؟

ليبيا هي عمقنا الاستراتيجي. والوضع هناك يهمنا ويؤثر علينا مباشرة. كل ما نرجوه هو أن تعمل  قوى الثورة الليبية على رص صفوفها لأننا ضد كل الأطراف التي تشكل الثورة الليبية المضادة.