عبرت 32 منظمة تونسية اجتمعت أيام 8 و 13 و19 جانفي/يناير الجاري، في إطار مرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف، لتنسيق مواقفها بخصوص المسار الذي اقترحه رئيس الجمهورية في خطابه يوم 13 ديسمبر 2021، عن مخاوف حقيقية على الحريات، معتبرة أن الاستشارة الإلكترونية الوطنية لا يمكن أن تعوض حوارا عموميا بمشاركة القوى المدنية والاجتماعية والسياسية.
واعتبرت هذه المنظمات، في بيان مشترك اليوم الأحد، أن هذه الاستشارة بشكلها الحالي لا يمكن أن تعكس بأي حال حقيقة المواقف في تعدديتها ولا يمكن أن تعبر على تطلعات كل التونسيين، إذ أنها لا تراعي الفجوة الرقمية، ولا تحمي المعطيات الشخصية في صورة ضرورة الاستعانة بأشخاص آخرين لملء الاستمارة، ولا تضمن عدم استخدام البيانات المخزنة لاحقا، كما لا تضمن نفاذ ذوي وذوات الإعاقة إليها، إضافة إلى الأميين وغيرهم من الفئات، وهي تبدو، في شكلها الحالي، مجرد ذريعة لتوجيه المسار نحو خيارات محددة مسبقا، وفق نص البيان.
كما اعتبرت المنظمات المذكورة أن الاستشارة الوطنية الإلكترونية لا تركز على الخيارات الكبرى في المجالين الاقتصادي والاجتماعي في حين أنهما المسألتان الاستراتيجيتان الرئيسيتان لرسم ملامح المستقبل، كما لا توجد شفافية حول منهجية تحليل النتائج أو اللجنة المكلفة بالتقرير التأليفي وضمانات حياديتها وموضوعيتها ومهنيتها.
وقالت الجمعيات المشاركة في اللقاءات التنسيقية إنها ستعمل على المتابعة النقدية لهذا المسار لكشف أي انتهاكات أو تجاوزات تشوبه والمطالبة بأن لا يتم أي تعديل للقوانين أو الدستور بمعزل عن مشاركة حقيقية لمختلف الفعاليات المدنية والاجتماعية والسياسية، فضلا عن التشاور مع مختلف المبادرات المدنية والمواطنية بما يتيح العمل المشترك والتنسيق في مختلف مراحل هذا المسار.
كما ستتفاعل هذه المنظمات مع مختلف فئات المجتمع لتوعيتها بالمخاطر الموجودة، ومساعدتها على اتخاذ موقف واع بالمشاركة من عدمها، وستقترح جملة من النقاط المرجعية للراغبات والراغبين بالمشاركة بحيث يمكن أن تكون مرجعا لمساحة التعبير الحر، وستتابع مسار الاستشارات الشعبية في الجهات والاستفتاء، بالرغم من غياب أي معطيات حاليا عنها، وستتخذ ما يلزم لإنارة الرأي العام، وتنفيذ ما يتطلبه الوضع من أنشطة أو تحركات مواطنية وجمعياتية نضالية لضمان عدم الانحراف بالمسار.
واتفق ممثلو المنظمات المذكورة أيضا على أنه مهما كانت طبيعة النظام السياسي فإنه يجب توفر جملة من الضمانات ومن أهمها التوازن بين السلطات والفصل بينها وتركيز محكمة دستورية وهيئات دستورية مستقلة ولا يمكن انتخاب البرلمان إلا مباشرة من الشعب مع الالتزام بمسار اللامركزية والسلطة المحلية.
وأكدوا كذلك على أهمية التشديد على حماية الحقوق والحريات العامة والفردية، وخاصة حرية التعبير والإعلام والتنظم، وحرية الضمير، وتعزيز مبدأ التناصف في النظام الانتخابي، وتدعيم مشاركة الشباب وذوي الاحتياجات الخصوصية في الحياة العامة والسياسية.
وفي شهر أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد أنه سيتم إطلاق استشارة إلكترونية شعبية" منتصف يناير 2022، على أن تنتهي في 20 مارس 2022 (ذكرى الاستقلال)، وستتولى لجنة، يتم تحديد أعضائها وتنظيم اختصاصاتها لاحقا، التأليف بين مختلف الآراء والأفكار، قبل شهر جوان المقبل.
ودعت عدة أحزاب وشخصيات سياسية في تونس إلى مقاطعة الاستشارة الشعبية الإلكترونية التي أطلقها سعيد، من بينهم الحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي ومبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، كما عبرت منظمات مدنية رقابية عن احترازاتها الكثيرة بخصوص شفافية وجدوى هذه الاستشارة.
وفي هذا الصدد، أعربت منظمة "أنا يقظ"(منظمة مدنية رقابية) عن تخوفها "من استغلال موارد الدولة وإهدار المال العام من خلال استشارة إلكترونية صورية، خدمة لمشروع شخصي لقيس سعيد".