كان مشروع إسقاط نظام العقيد معمر القذافي بمثابة الفرصة ذهبية لقطر وتركيا، لأنه مثّل للدوحة وأنقرة مدخلاً لدعم تنظيمات الإخوان وتحالفاتها المتطرفة مع بقية الجماعات الإرهابية، حيث ظهرت مؤشراته العنيفة والمتوحشة على يد تنظيم داعش في العراق وسوريا.
واحتفظت تركيا وقطر ببذرة المشروع لإعادة زراعته وحمايته في العاصمة الليبية طرابلس وما حولها. لأن مشروع دولة ميليشياوية متطرفة في ليبيا يجعل منها بشكل آلي ذراعاً في خدمة الممول القطري والحليف التركي، والطرف الأخير يسيل لعابه للسيطرة على الثروات في ليبيا، وكان يخطط لشرعنة سيطرته ونفوذه عبر اتفاقيات وبروتوكولات تعاون وهمية.
لكن المستجدات الأخيرة و مع تحقيق الجيش الليبي لخطوات هامة في طريقه نحو دخول طرابلس شهدت هذه الدول و حلفائها من الداخل موجة إرتباك واضحة ترجمت في مواقفها المهزوزة.
وتفاعلا مع الحملات الممنهجة ضد الجيش الليبي وجه الناطق الرسمي باسم قوات الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري يوم الأحد نداء لليبيين لأخذ الحيطة والحذر من حملة تضليل إعلامي على وسائل إعلام معادية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة، تستهدف تشويه عملية طرابلس وقلب الحقائق على الأرض، مؤكدا في الوقت ذاته أن "قطر تشن حملة إعلامية لتشويه العملية العسكرية ضد الإرهابيين في طرابلس". كما أشار إلى "اجتماعات للقاعدة والإخوان في قطر وتركيا تهدف لتوحيد صفوفهم".
وقال المسماري في مؤتمر صحفي "على أبناء الشعب الليبي أن ينتبهوا لعمليات التضليل الإعلامي التي تمارس عبر وسائل الإعلام المعادية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة والانتباه بشكل كبير جدا لفايسبوك وتويتر وحتى الإذاعات مثل الجزيرة التي تمارس التضليل الإعلامي".
واتهم قناة الجزيرة القطرية بممارسة الكذب، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام المعادية "أصبحت لديها خبرة في تمرير هذا التضليل على أنه حقيقة".
وقال المسماري إنها ليست المرة الأولى التي توجه فيها القوات المسلحة الليبية نداءات تحذير للشعب الليبي لأخذ الحيطة والحذر من وسائل الإعلام التي تروج للأكاذيب.
من جانب آخر،اعتبرت تركيا أن عملية "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر للسيطرة على طرابلس تزيد من زعزعة الاستقرار في ليبيا وتقوض جهود التسوية السياسية في البلاد.
وقالت الخارجية التركية، في بيان صدر عنها بهذا الصدد في وقت سابق من يوم الاحد: "إن التصعيد الخطير للأوضاع في ليبيا جراء العملية العسكرية ضد طرابلس يثير قلقا بالغا. ومثل هذه المحاولات لا تؤذي السكان المدنيين وتزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد فحسب وإنما كذلك تعرقل العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة".
واعتبرت الخارجية التركية أن من بالغ الأهمية في هذه الظروف أن يتفوق المنطق السليم والعقلانية من أجل خفض التوتر وضمان الهدوء.
في نفس الإطار، كشف تقرير بثته قناة "مباشر قطر" عن ضبط كميات من صناديق الأسلحة والذخيرة التابعة للقوات المسلحة القطرية، فى أيدى المليشيات المسلحة فى طرابلس، حيث تمكنت قوات الجيش الليبى الوطنى بقيادة المشير خليفة حفتر، من ضبط كميات من الأسلحة والذخيرة، تحمل عبارات "دولة قطر" و"القوات المسلحة القطرية"، وأرقام متسلسلة خاصة بوزارة الدفاع القطرية مع المليشيات المسلحة بليبيا.
وأكدت تقارير أمنية تورط قطر وتركيا في تمويل الحركات المسلحة، لإشعال فتيل الحروب الأهلية في القارة الأفريقية، من خلال وثائق كثيرة تدين المخابرات القطرية التي شكلت 10 ألوية في ليبيا لمواجهة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.
وتشير التقارير إلى أن قطر استخدمت الجمعيات الإنسانية في ليبيا لتكون حاضنة للإرهاب، كما تتهم الدوحة بتمويل جماعات على علاقة بالقاعدة وأنصار الشريعة من أجل محاصرة الموانئ النفطية، وتضيف التقارير أنه بالإضافة إلى زعزعة استقرار البلاد تسعى كل من الدوحة وأنقرة لدعم الجماعات المتطرفة وتمويلها وتزويدها بالسلاح للسيطرة على مقدرات البلاد وثرواته.
وكانت سلطات الجمارك الليبية، أعلنت فبراير الماضي، مصادرة شحنة أسلحة في ميناء الخمس البحري مصدرها تركيا، وقالت الجمارك الليبية إن الشحنة تتكون من 9 سيارات هجومية مصفحة من نوع " تيوتا سيراليون" مع مدرعات قتالية تركية الصنع، وصلت إلى ميناء الخمس، قادمة من أحد الموانئ التركية بدون أي مستندات أو جهة تسليم شرعية في ليبيا كوزارة الدفاع أو الداخلية، وهو ما يعني أنها كانت موجهة إلى إحدى الميليشيات المسلحة.
وقال جوني جيراك أستاذ السياسة بجامعة باريس لـصحيفة البيان، إن تحركات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، في الواقع خيار مُر، فرضته المليشيات والجماعات المتطرفة التي تدعمها تركيا وقطر، ومولتها بالسلاح والمال، وتم ضبط جزء منه خلال الشهور الماضية قبل وصولها إلى المليشيات المسلحة والجماعات المتطرفة، خاصة في الجنوب الليبي، وقد نجحت القوات الليبية الوطنية في تطهير منطقة غريان جنوب طرابلس مؤخراً، وتراجعت المليشيات والجماعات الإرهابية صوب طرابلس، لذلك، فإن الأطراف الليبيين عليهم العمل معاً تحت إشراف الأمم المتحدة، لمحاربة هذه المليشيات وطردها من طرابلس.