تعددت التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان التي تتناول ما  يعانيه مسلمو افريقيا الوسطى فقد أقرت منظمة العفو الدولية أن ما يعانيه المسلمين هناك من نزوح بعشرات الالاف يرقى لمستوى الإبادة و التطهير العرقي  حيث يتعرض المسلمون لهجمات من جماعات مسيحية  و بعض القوات المحسوبة على الجيش الوطني انتقاما من جماعة  السيليكا المسلمة التي حكمت البلاد منذ مارس من العام الماضي حتى بداية العام الحالي على الرغم من تنازلها عن السلطة وتنحى زعيمها في يناير الماضي  و  لكن بدلا من أن يؤدي هذا إلى نزع فتيل الأزمة، زادت الجماعات المسيحية هجماتها  الانتقامية، ما أدى إلى نزوح المسلمين من العاصمة بانغي وغيرها من المناطق،  وجاء في تقرير المنظمة الدولية المعنية بحقوق الانسان أن ما تشهده البلاد من نزاعات ذات طابع ديني أدت إلى "نزوح جماعي للمسلمين بمعدلات تاريخية"، و ما يزيد في تفاقم الوضع ظهور أزمة في الغذاء على الرغم من محاولة برنامج الأغذية العالمي تسيير رحلات جوية لنقل الغذاء إلى هناك على الرغم مما تتعرض له هذه الشحنات من مخاطر الإعتداء  و النهب نتيجة حالة الفقر السائدة في البلاد حيث يعتبر أكثر من 90% من السكان ممن لا يتجاوز غذائهم اليومي الوجبة الواحدة إضافة إلى موجة غلاء الاسعار التي تسيطر على السوق جراء اندلاع النزاعات و هروب عدد كبير من التجار المسلمين من أسواق العاصمة بانغي .

 وأضاف التقرير الأممي إن خروج المسلمين من جمهورية افريقيا الوسطى هي مأساة ذات ابعاد تاريخية، ولن تتوقف آثار عملية التطهير العرقي عند الإضرار بجمهورية افريقيا الوسطى وحدها، بل انه سيتعداها ليصبح بمثابة سابقة لدول أخرى في المنطقة، تعاني هي الأخرى من صراعات طائفية وعرقية مشابهة.   وقد حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون  هو الآخر  من تهديد خطر انقسام دولة افريقيا لوسطى إلى مناطق للمسلمين وأخرى للمسيحيين مؤكداً حالات النزوح الكارثية التي تشهدها البلاد و ما يترتب عليها من تغير ديموغرافي يقود فعلا للانقسام .

 منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان  قالت ان بلدة يالوكي التي تمثل مركزا لتجارة الذهب كان في السابق بها 30 الف مسلم وثمانية مساجد قبل اندلاع النزاع المسلح. ولكن من بداية فبرايرالجاري لم يبق سوى مسجد واحد واقل من 500 مسلم في البلدة تحت حماية قوات حفظ السلام الفرنسية. وقال بيتر بوكارت مدير الطواريء في هيومن رايتس ووتش "سواء كان قادة الميليشيات المسيحية يتابعون سياسة متعمدة للتطهير العرقي او يوقعون عقابا جماعيا ضد السكان المسلمين، فان النتيجة واحدة و هي اختفاء التجمعات الاسلامية الراسخة".

ما تجدر الإشارة إليه أنه على الرغم من كل هذه التقارير التي لا تكاد تختلف في وصف الوضع الكارثي و الحالة المتردية التي صار إليها مسلمو افريقي الوسطى فإن هذه الجرائم تحدث و تتفاقم يوميا على مرأ و مسمع من قوات حفظ السلام الدولية التي تقف في عدة حالات موقف المتفرج  بل سجلت عليها حالات انسحاب متكرر من مناطق الصراع التي كان يستوجب وجودها الفصل بين طرفي النزاع، الأمر الذي يدعو المنظمات الراعية للسلام في القارة مثل مجلس الأمن و السلم الأفريقي إلى ضرورة إعادة النظر في مثل هذه القوات و مكوناتها و دورها خاصة وهي تتكون في عديد الحالات من قوى مرتبطة بأطماع استعمارية سابقة الأمر الذي يجعلها مثار شك و ريبة .