تولت مجموعة من شباب المسلمين مهمة حماية كنيسة في الحي الرئيسي الذي يسكنه مسلمون في بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى التي تجتاحها موجة من أعمال العنف والقتل الطائفي منذ أشهر.وعلى غير عادتها في موسم أعياد الفصح، بدت كنيسة ‘سانت ماتياس′، الكائنة في حي ‘الكيلومتر 5′ في بانغي، خالية من المصلين هذا العام.
وفي حديث لوكالة الأناضول، قال أحد سكان حي ‘الكيلومتر 5′ ، ويدعى ‘محمد شايبو’: ‘التحق المسيحيون بذويهم في مطار بانغي- مبوكو (حيث يتجمع عدد من مسيحيي الحي المسلم)، حيث جرى الاحتفال بالقداس تحت حماية قوات حفظ السلام الفرنسية (سانغريس)’.وأوضح ‘شايبو’ أنه ‘قبل هذا الصراع كان مسيحيو الحي، يحتفلون بأعيادهم ويقيمون شعائرهم في سلام هنا. اليوم، لا المسيحيون، ولا المسلمون يقيمون الشعائر في أمان’.وبعد مرور أشهر على اندلاع الصراع في أفريقيا الوسطى، تبدو ذكريات التعايش بعيدة المنال على الرغم من بعض بوادر حسن النوايا هنا وهناك، فإلى جانب مجموعة من شباب المسلمين حي ‘الكيلومتر 5′، بادر ‘شايبو’ معهم إلى حماية كنيسة ‘سان ماتياس′.
لكن يبدو أن المعتقدات الدينية اليوم، باتت تفرق أكثر مما تجمع، بحسب ‘شايبو’ الذي مضى قائلا: ‘في الماضي، كنا نعيش في سلام، وكل طائفة كانت تحترم معتقدات الطائفة الأخرى’.وأشار إلى أنه ‘حتى اليوم ما زال هناك في (الكيلومتر 5) مسيحيون لا يرغبون في المغادرة، أو أن يغادر المسلمون’.
وفيما كانت كنيسة ‘سانت ماتياس′ خالية من الناس، كان المسجد المركزي في بانغي يعج باللاجئين الذي فرّوا من أحيائهم، خشية من ميليشيات ‘أنتي بالاكا’ المسيحية.وعن ذلك قال ‘شايبو’: ‘لم يعد باستطاعتنا الالتزام بمواعيد الصلاة، حيث نضطر إلى أدائها قبل موعدها لدواعي السلامة’.وفي غضون سنة من احتدام الصراع بين ميليشيات سيليكا المسلمة و’أنتي بالاكا’ المسيحية، تعرض 79 مسجدا للتدمير، حيث ‘تم تحويل بعض المساجد في الأحياء المسيحية إلى خمارات أو متاجر لبيع الخمور’، بحسب ‘شايبو’.
وفي المقابل، تعرضت بعض الكنائس للتدمير، كما قتل أحد رجال الدين المسيحيين، فيما اختطف البعض الآخر قبل الإفراج عنهم الأسبوع الماضي.وفي غضون ذلك، تدفقت اليوم أعداد كبيرة من المصلين على كنائس الأحياء المسيحية في بانغي بمناسبة الاحتفال بعيد الفصح، تحت حماية ‘سانغريس′، وقوات حفظ السلام الأفريقية (ميسكا).من جهته، أدرج كبير أساقفة بانغي، ‘ديودوني نزابالينغا’، الاحتفالات بأعياد الفصح لهذا العام تحت شعار ‘الانبعاث’.وأثناء عظة دينية ألقاها على رعاياه في كنيسة ‘ليماكولي كونسيبسيون’، دعا شعب إفريقيا الوسطى إلى القيام بما يشبه عملية ‘انبعاث’ جديد.أما الأب ‘روني’ من كنيسة ‘كريست ريسوسيتي’ في حي ‘يانغاتو’، فتساءل باستنكار: ‘لماذا نريد حرمان المسلمين من إطار حياتي، هنا حيث يجرّون وراءهم تاريخا لا يمكن نفيه؟’.
‘هو يوم فرحة’، على حد تعبير ‘تويا فيكتورين’ إحدى رعايا كنيسة ‘يانغاتو’، فيما اعتبر أحد المسيحيين أن الأوضاع ليست بهذا السوء، وقال لوكالة الأناضول: ‘الحال أفضل اليوم، العام الماضي الاحتفالات جرت تحت قصف المدافع′.من جهته، علق رئيس منظمة ‘الشباب الإسلامي بأفريقيا الوسطى’، محمد بوماسا، على احتفالات المسيحيين بعيد الفصح، قائلا: ‘نحن على خطى ما قاله الرسول (صلى الله عليه وسلم) من وجوب مشاركة من اغتبط قلبه بالفرحة، واليوم لا يمكننا إلا أن نفرح مع المسيحيين الذين يحتفلون بعيد الفصح’.
ولكن تفاؤل ‘بوماسا’، لا يشاركه فيه ‘داساب بانغيسوا’ أحد مسلمي ‘الكيلومتر 5′، حيث أشار إلى أن ‘حرية الشعائر ليست مضمونة للمسلمين الذين تُدمر دور عبادتهم، والذين تنهار معنوياتهم إلى حد الاكتئاب’.وتعيش أفريقيا الوسطى منذ كانون الأول / ديسمبر الماضي، نزاعا طائفيا دمويا بين مسلمين ومسيحيين، استدعى تدخّل فرنسا عبر ما يعرف بعملية ‘سانغريس′، كما نشر الاتحاد الأفريقي بعثة لدعم أفريقيا الوسطى باسم ‘ميسكا’، ثم قرر مجلس الأمن الدولي، مؤخرا، نشر قوة حفظ سلام تحت اسم ‘مينوسكا’، مكونة من 12 ألف جندي، في محاولة لاستعادة الاستقرار في البلد المضطرب.