شهدت طرابلس مواجهات دامية ليلة البارحة، موجة من قصف صواريخ غراد المحرمة دوليا التي استهدفت المدن بعد منتصف الليل.
وسقطت الصواريخ على مناطق مدنية ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى من المدنيين، فيما وجهت المستشفيات نداءات للمواطنين للتبرع بالدم، حيث تدافعوا في مشهد عبّر عن تضامنهم مع الضحايا المدنيين.
وعقب القصف مباشرة نشرت حكومة الوفاق صورا لرئيس المجلس الرئاسي فائز السراج في جولة له في المناطق التي تعرضت للقصفعقب زيارة لوزير داخليته فتحي باشاغا وآمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة الجويلي.
واتهم رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق الوطني فايز السراج قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر بالمسؤولية عن قتل وإصابة مدنيين في هذا القصف، اتهمت القيادة العامة للجيش ما وصفتها بـ"المليشيات المسيطرة على العاصمة" بالرماية العشوائية بصواريخ "غراد" على ضواحي المدينة، وتوعدت بمحاسبة مرتكبيها.
من جانب آخر، اتهم بيان للمكتب الإعلامي التابع للجيش الليبي قوات تابعة لقائد المنطقة العسكرية الوسطى في حكومة الوفاق الوطني أسامة الجويلي بأنها اقتحمت "مقر السفارة الأمريكية في طريق مطار طرابلس على رأس قوة تابعة له من ضمن قوات المهربين وقطاع الطرق الذين يقودهم".
وتابع البيان قائلا: "تخلي القوات المسلحة مسؤوليتها عن هذا العمل الإجرامي ممثلا في الاعتداء على حرم تمثيلية دبلوماسية معتمدة لدى ليبيا إذ أن قواتنا لم تصل بعد إلى نطاق موقع السفارة، وتحذر هذا المدعو من مغبة استمراره في استخدام المهربين وقطاع الطرق لقتال القوات المسلحة ودعمهم بمعدات مسروقة من السفارة الأمريكية".
في سياق متصل،نُشرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي من داخل العاصمة الليبية طرابلس تظهر فيها أعلام تنظيم "داعش" الإرهابي معلقةً على جسور المدينة، وأثارت هذه الصور الجدل مجدداً حول ماهية الكتائب المتحالفة تحت راية "حكومة الوفاق" الليبية والتي يُتهم الكثير منها بتبعيته لتنظيمي "داعش" و"القاعدة" الإرهابيَين وفق تقارير صدرت عن مصادر رسمية وصحافية، ليس داخل ليبيا فقط بل حتى خارجها أيضاً.
ومن أكثر الكتائب التي تقاتل في صفوف قوات "حكومة الوفاق" إثارةً للجدل وشبهة الإرهاب، "سرايا الدفاع عن بنغازي" المصنفة عربياً على لوائح التنظيمات الإرهابية المرتبطة بـ "القاعدة" في شمال أفريقيا.
وأعلنت تلك "السرايا" على لسان آمرها مصطفى الشركسي في بيان مصور الانضمام إلى قوات "حكومة الوفاق"، مؤكدة العزم كـ "قوة دفاع" على التصدي لـ "الجيش الوطني" في المنطقة الغربية، في وقت يُعدّ إسماعيل الصلابي، القائد الميداني الفعلي لهذه المليشيا، وهو مطلوب داخل ليبيا وخارجها بتهمة الإرهاب.
واتخذت "السرايا" هذا الموقف بعد بيان صدر عن مفتي ليبيا السابق الصادق الغرياني، المعزول بقرار من البرلمان الليبي، حضها فيه على "أن ينفروا خفافاً وثقالاً للجهاد ضد الجيش والدفاع عن عاصمة البلاد". ويُعرَف عن الغرياني دعمه للجماعات المتطرفة وعداؤه لـ"الجيش الوطني"، كما يرد اسمه على قائمة الإرهاب العربية.
في نفس الإطار،دعا المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة إلى وقف الهجمات على طرابلس فورا، من أجل ثلاثة ملايين مدني يعيشون في العاصمة. وقال سلامة في تغريدة له على صفحته الرسمية على تويتر إن المدنيين عاشوا ليلة مروعة من القصف العشوائي على المناطق الآهلة بالسكان.
وكان سلامة قد أكد لصحيفة لوموند الفرنسية أن المسار السياسي في ليبيا قد تلقى ضربة قوية مع هجوم قوات حفتر على طرابلس وتأجيل الملتقى الوطني الليبي الذي كان من المزمع عقده في الرابع عشر من الشهر الجاري.
يرى مراقبون أن أزمة الثقة التي تعيشها البلاد و ضعف مؤسسات الدولة هو ما جعل الوضع يتعفن لتتعمق الأزمة الإنسانية و يبقى المواطن الليبي يعيش رهن حسابات لا مصلحة له فيها.