تحظى الأزمة الليبية باهتمام عميق من قبل مصر، التي تعد محطة محورية في أي محادثات للسلام بين الفرقاء الليبيين. وتسعى الدبلوماسية المصرية إلى جمع الليبيين على طاولة واحدة، بحثا عن الوئام السياسي وإنقاذ البلاد من مخاطر الإرهاب وحل الأزمات العالقة وخاصة مواجهة الأطماع التركية التي تهدد بمزيد من التصعيد والصراعات في البلاد.
وتواصل مصر تحركاتها الدبلوماسية لتطويق الأزمة الليبية من خلال الاجتماعات مع الأطراف الليبية والدول المعنية بالشأن الليبي. وفي هذا السياق، عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، اجتماعاً مع عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، وذلك بحضور اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة.
ووفق ما أوردت "اليوم السابع" المصرية، قال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس السيسي اطلع خلال اللقاء علي التطورات في ليبيا وجهود كافة الأطراف لتنفيذ وقف إطلاق النار الميدانى من جهة، وعلى الجهود الليبية لدفع عملية السلام برعاية الأمم المتحدة من جهة أخرى.
وكانت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي ، أكدت أمس الأربعاء ، إن أجتماعا هاما جمع القائد العام المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح ، برئيس جمهورية مصر العربية عبدالفتاح السيسي بالقاهرة ، وقد تباحث في آخر الأوضاع والتطورات السياسية في الشأن الليبي.
وتسعى مصر إلى التقريب بين قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ورئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، وهما الجهتان اللتان تدعمهما القاهرة، بحثاً عن حل سياسي للأزمة الليبية. وقال صالح، إن لقاءه مع حفتر برعاية مصرية كان لدعم الحل السياسى وتوحيد مؤسسات ليبيا، موضحًا أن إعلان القاهرة هو الأقرب لحل الأزمة الليبية بكل حيادية. وأضاف رئيس البرلمان الليبى، خلال حواره مع قناة العربية: نحن وخليفة حفتر فى مسار واحد لحل الأزمة الليبية، متابعا: اتفقنا فى القاهرة على دعم القوات المسلحة الليبية.
وفي 6 يونيو/حزيران الماضي، طرحت مصر مبادرة تضمن العودة للحلول السلمية في ليبيا، ولاقت تأييدا دوليا وعربيا واسعا. وتضمنت المبادرة المصرية التي أطلق عليها "إعلان القاهرة" التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والعمل على استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها الوطنية مع تحديد آلية وطنية ليبية ليبية ملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة.
وتأتي زيارة المسؤولين الليبيين إلى القاهرة في إطار التنسيق والتشاور في عدد من الملفات أبرزها مكافحة الإرهاب، هذا إلى جانب الجهود التي تقوم بها الدولة المصرية للحفاظ على أمن واستقرار ليبيا، ودعم سبل الحل السياسي في إطار حوار "ليبي- ليبي" يقود البلاد للخروج من الأزمة الحالية.
وكان وفد الغرب الليبي الذي يضم أعضاء من مجلس النواب والأعلى للدولة وشخصيات قيادية ليبية، قد أكد على التمسك بالقيم والمبادئ الوطنية المتمثلة في وحدة التراب الليبي واستقلال ليبيا وسيادتها وعلى حرمة الدم الليبي. وشدد الوفد الليبي، الذي التقى أعضاء اللجنة المصرية المكلفة بمتابعة الملف الليبي خلال زيارته لمصر استمرت 4 أيام في بيان له، الأسبوع الماضي، على ضرورة التوصل لآليات تثبيت لوقف إطلاق النار والدفع بالعملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأكد الوفد على الالتزام بقرارات مجلس الأمن والاعتماد على مسارات الحوار الثلاثة في الوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة في جوانبها السياسية والأمنية والاقتصادية مع وضع الاعتبار للاتفاق السياسي كإطار ثابت للحل والعمل من خلاله.
من جهة أخرى، تواصل القاهرة محادثاتها مع الدول المعنية بالملف الليبي ، حيث بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري ، اليوم الخميس، على هامش الاجتماع الوزاري الرباعي بعمّان، مع نظيره الفرنسي جان-إيف لودريان جملة من الموضوعات بينها الملف الليبي.
واستعرض شكري خلال اللقاء الجهود التي تبذلها مصر لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا، مؤكداً على ضرورة العمل المشترك لوقف التدخلات السلبية المزعزعة للأمن والاستقرار هناك. وفق ما صرح به المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ.
وتشدد القاهرة على أهمية وقف تدخلات تركيا السافرة، وإخراج المرتزقة والمتطرفين. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمة ألقاها أمام الدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء، أن بلاده ملتزمة بمساعدة الليبيين على"تخليص بلدهم من التنظيمات المتطرفة، والميليشيات، ووقف التدخل السافر من قِبل بعض الأطراف الإقليمية".
وأضاف السيسي في كلمته، إن "تداعيات الأزمة لا تقتصر على الداخل الليبى لكنها تؤثر على أمن دول الجوار والاستقرار الدولى وإن مصر عازمة على دعم الأشقاء الليبيين لتخليص بلدهم من التنظيمات الإرهابية والمليشيات ووقف التدخل السافر من بعض الأطراف الإقليمية التى عمدت إلى جلب المقاتلين الأجانب إلى ليبيا تحقيقا لأطماع معروفة. . وأوهام استعمارية ولى عهدها".
وجدد السيسي تحذيره من تجاوز الخطوط الحمراء في ليبيا، قائلا "أعلنا ونكرر هنا أن مواصلة القتال وتجاوز الخط الأحمر، ممثلا فى خط سرت والجفرة، ستتصدى مصر له دفاعا عن أمنها القومي وسلامة شـعبها". وأكد التزام مصر بدعم العملية السياسية في ليبيا لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد وإنهاء سطوة الميليشيات التي أدخلت البلاد في دوامة العنف.
ودفعت تركيا خلال الأشهر الماضية بآلاف المرتزقة والارهابيين الى الأراضي الليبية ما بات يهدد باشعال المزيد من الحروب في البلاد ويهدد أمن دول الجوار. ورفضت القاهرة التجاوب مع إشارات عدة بعثت بها أنقرة للتفاهم معها، متهمة اياها بالالتفاف على تعهداتها السابقة والاستمرار في التدخل في الشأن الليبي والدفع نحو مزيد من التصعيد.
ويرى مراقبون، أنه من الطبيعى جدا أن يكون لمصر دور فعال ومؤثر فى الأزمة الليبية باعتبار أنها تتشارك مع ليبيا فى مصالح كثيرة، إضافة إلى الامتداد التاريخى والجوار، وهناك أيضا مشاركة فى المسألة الأمنية والاقتصادية، وبالتالى كان من الضرورى تفهم الجميع سواء فى ليبيا أو فى مصر أن يكون للأخيرة دور إيجابى للمساعدة فى استقرار ليبيا.