تتوقّع مجموعة الأزمات الدولية أن تلعب مصر دورا جوهريا في الأحداث الخطيرة الدائرة في ليبيا اليوم والتي ستنعكس سلبا على دول الجوار؛ وستكون مصر من أكثر البلدان المعنية نظرا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تخطّط للانتقام من مصر انطلاقا من ليبيا.

في ظل انعكاس الأحداث السياسية في الدول المجاورة لليبيا وخاصة مصر على الداخل الليبي خاصة بعد فوز المشير عبدالفتاح السيسي في الانتخابات، لا تستبعد المجموعة الدولية حول الأوضاع في ليبيا أن تشهد الحدود المصرية الليبية تطبيقا وترجمة لـ"نظرية التحدي والاستجابة للمؤرخ البريطاني أرنولد توينبي"، فالجماعات الجهادية تتحدى ومصر ليس أمامها سوى أن تستجيب للتحدي ومواجهته، خاصة مع التصعيد الأخير على حدود البلدين بعد الهجوم على دورية مصرية في الصحراء الغربية ومقتل 6 من الجنود وهو تطور خطير غير مسبوق، حسب ما أشار إليه المراقبون.

وتبيّن الدراسة، التي نشرها “مركز الناطور للدراسات الاستراتيجية” وحملت عنوان “مصر والحركات الإسلامية في ليبيا التحدي والاستجابة”، أن التحدي أطلقته وصدرته إلى مصر حركة أنصار الشريعة وحلفاؤها كتيبة شهداء 17 فبراير التي تأتمر بأوامر حركة الإخوان المسلمين، في المقابل لا تستبعد أن تكون هناك استجابة مصرية من العيار الثقيل على ضوء إخضاع كل ما صدر عن السيسي من تصريحات ومواقف منذ انطلاق الحملة العسكرية في سيناء في صيف 2013 للدراسة والتحليل . وخلاصة ما تم الانتهاء إليه هو أن الجهد العسكري المصري سيركز منذ الآن على الحدود المصرية الليبية .

ويرى محللون أمنيون وسياسيون أن الوضع على الحدود بين مصر وليبيا يجذب الاهتمام ويخطف الأضواء أكثر من الوضع في شمال سيناء وذلك لأسباب عديدة أهمها:

◄ وجود مؤشرات على تبلور اتجاه من الجماعات الجهادية في ليبيا وعلى رأسها حركة أنصار الشريعة لفتح جبهة على الحدود المصرية أي إنتاج للسيناريو السوري على الحدود مع كل من تركيا والأردن مما سيؤدي إلى تحويل الحدود إلى ساحة صراع ومواجهات بين السلطات المصرية وبين هذه الجماعات.

◄ انطلاق عملية كرامة ليبيا، بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر في المنطقة الشرقية من ليبيا والموجهة إلى التنظيمات الإرهابية الجهادية. والثابت أن المعركة التي يخوضها حفتر هي معركة مزدوجة ضد التنظيمات الجهادية وضد السلطة الحالية ممثلة في المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان) الذي يسيطر عليه تيار الإسلام السياسي والميليشيات. هذه المعركة إن لم يتم حسمها سريعا ستتسع وتتمدد ليس فقط داخل الأراضي الليبية بل إلى دول الجوار بعبورها الحدود إلى مصر وإلى تونس والجزائر ومالي.

وتطرح الدراسة سؤالا جوهريا وهو: هل مصر في عهد السيسي ستكتفي بخوض مواجهة ضد الجماعات الجهادية في ليبيا بالوكالة أو الإنابة أم أنها ستتولى المهمة بشكل مباشر؟

وتجيب أن البعض ينظر إلى أن هذا الاحتمال سيكون واردا بل مؤكدا إذا ما تكررت الهجمات ضد مصر انطلاقا من ليبيا وإذا ما عجزت عملية كرامة ليبيا عن تحقيق أهدافها. ويرى الخبراء أن هذا التوجه لدى السيسي قائم وتطبيقه ليس مستبعدا ولكنه مقترن بتشكيل بيئة تتماهى وتتفاعل مع تنفيذ هذا التوجه.

في هذا الصدد يقول خبراء إن من مظاهر التنبه الجديد لخطورة الوضع في ليبيا وعودة الاهتمام بدور مصر، أن أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي من الجمهوريين والديمقراطيين باتوا أكثر حماسا لاسترداد مصر دورها الإقليمي المؤثر في ظل حديث عن إجراءات أميركية لتمكين مصر من المساعدات العسكرية والمالية. ورغم أن مصر لم تعلن أو تفصح عن أي دور لها في ليبيا وعن دعمها لعملية كرامة ليبيا التي يقودها اللواء حفتر إلا أن احتمالات تدخلها على هذا النحو أو ذاك لا يمكن نفيه واستبعاده.

 

*نقلا عن العرب اللندنية