احتضن فندق باب البحر بالعاصمة طرابلس، أمس الثلاثاء، فعاليات الندوة التي أقامتها مصلحة الضرائب العامة تحت عنوان " النظام الضريبي بين الواقع والطموح ".
وحضر الندوة التي تتضمنت كذلك التشريعات الضريبية والهيكل التنظيمي والموارد البشرية .، العديد من النخب والخبراء في المجال الضريبي العام والليبي خاصة .
و تناولت فعاليات الندوة استعراض عدة أوراق بحثية ألقاها عدد من الخبراء والأساتذة ، منها مناقشة التحديات التي تواجه تطبيق ضرائب الدخل في ليبيا والهيكل الضريبي الليبي ، و مناقشة قانون ضرائب الدخل رقم ( 7 ) لسنة 2010 والإصلاح الضريبي .
كما تم أيضاً استعراض البرنامج الأوروبي لدعم القطاع الخاص في ليبيا والنظام الضريبي الليبي والتوصيات التي تهدف في مجملها إلى تطوير النظام الضريبي في ليبيا.
وقدم المشاركون في اعمال الندوة ورقات عمل حول الواقع الضريبي في ليبيا والسلبيات والمشاكل التي بينت بأن النظام الضريبي الليبي الحالي لا يتلائم والمتغيرات الاقتصادية المتسارعة للاقتصاد الوطني ، مشيرين الى أن الضرائب والتي تعد إحدى أدوات السياسة المالية يتوجب أن تدفع نحو التكامل لسياسات الاقتصاد الكلي (المالية ، النقدية، التجارية) وبالتالي فهي لم تحقق الأهداف المطلوبة منها كما أنه لا يتوفر فيه الشروط والقواعد المتعارف عليها في النظام الضريبي الجيد. (
فقد شارك الدكتور مسعود أمريود بورقة تحمل عنوان التحديات التي تواجه تطبيق ضرائب الدخل في ليبيا فيما شارك الدكتور محمود الشاوش بورقتين بحثيتين عن الهيكل الضريبي الليبي ودراسة تحليلية نقدية لقانون ضرائب الدخل رقم 7 لسنة 2010. وعن الإصلاح الضريبي فقد قدما الباحثين الدكتور خالد النخاط والأستاذ عمر الزروق ورقتين عن هذا الموضوع.
كما تحدث في الندوة الاستاذ محمد الأسود عن البرنامج الأوروبي لدعم القطاع الخاص في ليبيا .
واختتم الاستاذ أبراهيم سنوقة فعاليات الندوة بورقة عن النظام الضريبي الليبي (الماضي، الحاضر، المستقبل ( ـ ( مصلحة الضرائب حقوق وواجبات ).
وأكد سنوقة أن تطبيق التشريع الضريبي يجب أن يبنى على ثقة بين الممول والمصلحة بمعنى أن يتمتع الممول بالحقوق التي له ويؤدي الواجبات التي عليه ، مشيرا الى أن مفهوم الحق والواجب متلازمان في جميع المجالات فيضمن الممول حصوله على حقوقه بالتزامه بالواجب الذي عليه، فالحقوق تمكنه من الحصول على كافة الخدمات الضريبية التي يطلبها وأداء الواجبات تعبر عن احترام الممول للقانون.
ومن جهته اوضح تقرير للمنظمة الليبية للسياسات والاستراتيجيات على هامش الندوة ان الإنفاق العام والضرائب يشكل أهم أدوات السياسة المالية التى تتفوق أهميتها فى الدول النامية على السياسة النقدية، وذلك بسبب ضعف تأثير الأخيرة في تلك الدول.
وبحسب التقرير فان السياسة المالية تهدف كأي سياسة اقتصادية إلى دعم استقرار الدخل والنمو الاقتصادي والتخلص من التشوهات ومعالجة مشكلات التضخم النقدي والركود الاقتصادي وتحقيق العدالة فى توزيع الموارد والكفاءة فى توزيع النفقات.
ووفقا للتقرير فتأتي الضرائب على رأس أدوات السياسة المالية المهمة التي تستطيع الدولة من خلالها توفير الإيرادات المالية اللازمة لتمويل نفقاتها العامة، فضلاً عن استخدامها لتوجيه الاقتصاد بالشكل الذي تستهدفه الدولة بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
ويشير التقرير الى انه بالرغم من كون الاقتصاد الليبي من الاقتصادات المنتجة للنفط، إلا أنه يعد أفقر الاقتصادات النفطية، الأمر الذي يتطلب البحث عن مصادر بديلة آمنة ومستدامة للدخل القومي.
وقد عرفت ليبيا الضرائب منذ القرن الماضي وتنوعت مابين الضرائب المباشرة على الدخل والضرائب غير المباشرة ، وبالرغم من قدم ذلك النظام الضريبي الذي اتسم بتنوع الضرائب المختلفة، إلا أنه يعاني من العديد من المشكلات والتحديات التي جعلته الأقل تطورًا وكفاءةً في منطقة الشرق الأوسط، حيث يعاني النظام الضريبي الليبي من بعض المشكلات الهيكلية التي اكتسبها بمرور الوقت، والتي أثرت سلبًا على حصيلة الإيرادات الضريبية التي اتسمت بالانخفاض مقارنة بمصادر الإيرادات المالية الأخرى، الأمر الذي أفقد الاقتصاد الليبي مصدرًا هامًا ومستدامًا للإيرادات المالية التي كان من الممكن الاعتماد عليها في وضع خطط تنموية متوسطة وطويلة الأجل لإعادة إعمار ليبيا ولوضع الاقتصاد الليبي على مساره الصحيح ليصبح أحد الاقتصادات الناشئة الذاخرة بفرص النمو الضخمة.
وفي حوار صحفي اجراه مراسل بوابة افريقيا الاخبارية مع عدد من الاساتذة والمختصين فقد قال الدكتور " محمود الزروق الشاوش " أحد المشاركين في الندوة لقد هدفت الدراسة إلى إبراز أهمية الضرائب بشكل عام، وضرائب الدخل بوجه خاص في تحقيق أهداف الدولة المالية والإقتصادية والإجتماعية، واستعراض التطور التاريخي لضرائب الدخل في ليبيا ونقدها، ومحاولة معالجة أو تصويب نواحي الضعف أو القصور فيها.
واضاف الدكتور محمود الشاوش انه ومن خلال دراسة قوانين ضرائب الدخل المتعاقبة خلال العقود الخمسة الماضية بينت الدراسة أن الفترة التي سبقت اصدار قانون ضريبة الدخل رقم (21) لسنة 1968م أخلت بقاعدة عمومية الضريبة ومبدأ العدالة الضريبية بين الليبيين، إلى جانب خلو التشريعات الضريبية النافدة حينذاك من الكثير من قواعد ومبادئ الضريبة الحديثة،.
وأشار الدكتور الشاوش بحسب الدراسة الى أن قانون ضريبة الدخل رقم (21) لسنة 1968م هو البداية الحقيقية وفقاً للتشريع الضريبي الحديث، وما تلاه من قوانين ضريبة الدخل في محاولة من المشرع الليبي لمواكبة التغيرات الإقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد، وذلك للوصول إلى قانون يساعد على تحقيق مبدأ المساواة بين المواطنين في تحمل أعباء النفقات العامة، ومراعاة ما استقر عليه التشريع الضريبي الحديث من مبادىء وقواعد وأصول وتحقيق بعض الأهداف الإقتصادية والإجتماعية للضريبة إلى جانب هدفها التمويلي.
وأوضح الدكتور محمود الشاوش في دراسته انه بالرغم من وجود الكثير من الإيجابيات في القوانين المعنية، وإن اختلفت درجة ايجابياتها النسبية، إلا أن كل منها يعاني من بعض الأحكام المعيبة، وآخرها قانون ضرائب الدخل رقم (7) لسنة 2010م. نظراً لأهمية الضرائب وأثرها على تحقيق الأهداف المالية والإقتصادية والإجتماعية في المجتمعات الحديثة، فإن الأمر يستلزم بالضرورة مراجعة وتقييم التشريعات الضريبية وإعادة صياغتها أو تعديلها، بما يتوافق مع المتغيرات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية المستجدة في المجتمعين المحلي والدولي، دونما إخلال بتحقيق أهداف التشريع الضريبي (الأوجلي، 2003).
وبحسب الدراسة فان ضرائب الدخل تعتبر أحد أبرز أنواع الضرائب في أي دولة، إذ تعتبر الأداة الرئيسية في تحقيق أهداف الدولة المالية والإقتصادية والإجتماعية، الأمر الذي يجعل من عملية مراجعة وتقييم قانون ضرائب الدخل في ليبيا من الضروريات التي من شأنها الإسهام في إحداث الإصلاح الضريبي اللازم.