أدانت مجموعة خبراء أممية فرنسا لفرضها غرامة عام 2012 على امرأتين كانتا ترتديان النقاب، مطالبة باريس بـ"تعويضهما" وإعادة النظر في القانون.
إلا أن هؤلاء الخبراء المستقلين المجتمعين ضمن لجنة حقوق الإنسان في جنيف، يدلون فقط برأي ولا يملكون أي سلطة على الدول.
وتلقت اللجنة المؤلفة من 18 خبيراً والتابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عام 2016 شكوى قدّمتها الفرنسيتان اللتان فُرضت عليهما الغرامة لارتدائهما النقاب في مكان عام.
وأقرّ البرلمان الفرنسي عام 2010 قانونا يمنع أي ملابس تغطي الوجه في الأماكن العامة تحت طائلة فرض غرامة تصل إلى 150 يورو.
واعتبرت اللجنة في بيان أن "منع (ارتداء) النقاب ينتهك حرية الديانة والحقوق الإنسانية" لهاتين المسلمتين.
وتابع البيان "اللجنة تقر بأن الدول يمكن أن تفرض على الأفراد تغطية الوجه في ظروف محددة في إطار عمليات تحقق من الهوية، لكنها تعتبر أن المنع الشامل للنقاب هو تدبير جذري جداً".
وأشار رئيس اللجنة الإسرائيلي يوفال شاني إلى أنه يعتبر شخصياً على غرار "العديد" من الخبراء الآخرين في اللجنة أن النقاب هو "شكل من أشكال القمع ضد النساء".
لكنّ اللجنة اعتبرت أن "المنع الشامل ذا الطابع الجنائي، انتهك بشكل غير متناسب حق هاتين الشاكيتين في التعبير بحرية عن دينهما". ولفتت اللجنة إلى أن هذا القانون "يهمّش" النساء "بحصرهنّ في منازلهنّ ومنعهن من الافادة من الخدمات العامة".
وأخيراً، طلبت اللجنة من فرنسا أن ترسل لها "تقرير متابعة" في مهلة 180 يوماً حول التدابير المتخذة لـ"تعويض الشاكيتين" و"تجنّب تكرار حالات مشابهة في المستقبل، بما في ذلك من خلال إعادة النظر في القانون".
والخبراء الـ18 المنتخبون لأربع سنوات مكلفون مراقبة احترام الدول الأعضاء للميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وقالت العضو في اللجنة إيلزه براندز-كيريس في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن النقاب "قضية كبيرة جدا تثير الكثير من المشاعر وردود الفعل، وبالتالي يمكن أن تصبح سياسية وأن يتم التلاعب بها".
وأضافت أن "هذا ليس دور اللجنة، نحن نقوم بتحليل قضائي بحت للوضع".
ولدى سؤالها عن غياب سلطة اللجنة على الدول، أشارت إلى أن فرنسا ورغم كل شيء، تجد نفسها "مرغمةً" على الالتزام بتوصيات اللجنة، إذ إنها من موقعي الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وبعكس خلاصات اللجنة، صادقت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية مرتين، في عامي 2014 و2017، على منع النقاب أو البرقع في فرنسا وبلجيكا. وقد أقرت الدنمارك والنمسا قانوناً مماثلاً.
وهي ليست المرة الأولى تتدخل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في النقاش حول العلمنة في فرنسا.
ففي أغسطس الماضي، أعطت اللجنة الحق لفرنسية مسلمة طُردت من عملها لأنها ترفض نزع حجابها في مكان العمل.
واعتبر الخبراء أن الأمر يتعلق "بانتهاك حرية الدين" وطلبوا من فرنسا تعويض الشاكية خلال 180 يوماً.
ورغم قانون العام 2010، إلا أن النقاب أو البرقع لم يختفِ في الأماكن العامة في فرنسا حتى أن نسبة ارتدائه ترتفع في بعض الضواحي.
وكان اللص الفرنسي رضوان فايد، الذي أصبح المطلوب الأخطر في فرنسا بعد فراره من السجن في الأول من يوليو، يرتدي برقعا عندما رصدته الشرطة بعد ثلاثة أشهر من هروبه في مدينة كراي، شمال باريس.