بعد أسابيع من إطلاق الجيش الليبي لعملية تحرير طرابلس، مازال المجتمع الدولي لم يتفق حول موقف موحّد من الأحداث الأخيرة. وتتعامل بعض القوى الدولية بحذر مع ما يجري في ليبيا الآن، وتكتسي غالبية مواقفها بدرجة من الغموض.
وتبدو الدول الرافضة لدخول قوات الجيش الليبي طرابلس محتفظة لنفسها بقدر من الليونة دفاعا عن مصالحها مستقبلا. كما أن الدول المؤيدة ضمنيا تصمت أحيانا أو تتجه لكبح مناورات القوى الرافضة، حيث ذكر دبلوماسيون في الأمم المتحدة أن مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا حول ليبيا وعرضته على الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لم يلق إجماعاً، ويطالب بوقف لإطلاق النار والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق القتال.
وفي وقت لاحق عبّرت كل من الولايات المتحدة وروسيا في جلسة مغلقة بشأن ليبيا، إنه لا يمكنهما تأييد القرار في الوقت الحالي، فروسيا تعترض على القرار لأنه يلقي باللوم على خليفة حفتر في التصعيد الأخير، في حين لم تبين الولايات المتحدة سبب موقفها من القرار.
جدير بالذكر أن صدور أي قرار من مجلس الأمن، البالغ عدد أعضائه 15 دولة يتطلب موافقة 9 دول على الأقل شريطة ألا تستخدم أي من الدول الخمس دائمة العضوية (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) حق النقض.
قال سفير ألمانيا بالأمم المتحدة كريستوف هويسغن الذي يرأس مجلس الأمن خلال شهر أبريل/ نيسان، إن "المجلس دعا قوات الجيش الوطني الليبي إلى وقف كل التحركات العسكرية".
وأضاف هويسغن الذي كان يقرأ بيانا اتفق عليه المجلس بعد جلسة مغلقة تم اطلاعه خلالها على آخر التطورات، إن المجلس "دعا أيضا كل القوات إلى إنهاء التصعيد ووقف كل النشاط العسكري. لا يمكن حل هذا الصراع عسكريا".
من جانبه كان موقف مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة أكثر وضوحاً، إذ اتهم الجيش الليبي بشكل مباشر بأنها تحاول تنفيذ انقلاب على الحكومة الشرعية ولا تسعى لمواجهة الارهاب كما تدعي واعتبر أن إصدار حفتر أوامره لاعتقال رئيس حكومة الوفاق الدولي فائز السراج ومسؤولين آخرين دليل على رغبته في تنفيذ انقلاب عسكري.
وربط المبعوث الأممي البدء بتنفيذ الحل السياسي في حال اقتنعت جميع الأطراف بفشل الحل العسكري. لكنه في الوقت ذاته أكد أن دولاً عديدة تدعم حفتر منذ أكثر من ثلاث سنوات بحجة مواجهته للإرهاب، غير أن هدفه في الحقيقه هو السيطرة على العاصمة طرابلس.
في نفس الإطار، أعلن البيت الأبيض الجمعة أن ترامب تحدث هاتفيا مع حفتر يوم الاثنين الماضي (15 أبريل نيسان) وتناولا "الجهود الجارية لمكافحة الإرهاب" فيما يقود حفتر هجوما لانتزاع السيطرة على العاصمة من الحكومة المعترف بها دوليا.
وجاء في بيان البيت الأبيض أن ترامب "أقر بالدور الجوهري للمشير في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية، وتناولا رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي ديمقراطي مستقر". ولم يتضح سبب انتظار البيت الأبيض عدة أيام قبل الإعلان عن الاتصال الهاتفي.
ويشير المحلل السياسي الأميركي كلود صالحاني لصحيفة العرب إلى أن قائد الجيش الليبي يستمد قوته من دعم شعبي حيث يميل العديد من الليبيين للمراهنة على حفتر لغياب البدائل الأخرى، آملين في أنه لن يعيق العملية السياسية المؤدية إلى تسوية نهائية إذا فاز.
ويضيف صالحاني أن الدبلوماسيين الفرنسيين والروس يراهنون على فوز حفتر في المواجهة العسكرية أو على استنزاف الحرب لقوى الميليشيات وحكومة الوفاق ما سيؤدي إلى سعيه لإيجاد حل سلمي، فيما يذهب المحلل الأميركي جون سي.كا. دالي إلى القول إن أجندة حفتر نالت استحسان الحكومات الأجنبية في قتالها ضد القوى الإسلامية المتشددة، وخاصة تلك المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية.