للشهر السادس على التوالي تتواصل المعارك على تخوم العاصمة الليبية طرابلس، حيث يقوم الجيش الليبي بمجموعة من العمليات العسكرية لتحرير المدينة من المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية المسيطرة عليها منذ سنوات.ومع تسريعها لوتيرة عملياتها الجوية تواصل القوات المسلحة الليبية التقدم على الأرض وسط حديث عن اقتراب حسم المعركة.
وكثف الجيش الوطني الليبي خلال الأيام الماضية من ضرباته الجوية مستهدفا تمركزات القوات الموالية لحكومة الوفاق مع تقدمه في عدة محاور تزامن مع تأكيدات على قرب حسم المعارك.وأكد المتحدث باسم القيادة العامة للجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، أن حسم معركة طرابلس، بات قريبًا، مشيرًا إلى أن قوات الجيش تحقق تقدمًا في كل محاور القتال.
وقال المسماري في مؤتمره الصحفي الأسبوعي، إن "قوات الجيش تتقدم في كل محاور القتال، كما أن المساحة الغربية من البلاد والتي تمتد من سرت حتى زوارة وإلى غريان، تحت سيطرة عمليات المنطقة العسكرية الغربية".وأضاف أنه "تقدم القوات في محاور المنطقة الغربية، وتطارد قوات الجيش المتشددين في أقصى الجنوب وتحديدًا من سبها حتى مرزق أوباري وصولًا إلى القطرون عند الحدود الجنوبية".
وأكد أن "مساحة سيطرة الميليشيات والمتشددين في كافة جبهات القتال، بدأت تتقلص، بفضل ضربات السلاح الجوي".مشيرا إلى أن "قوات الجيش سيطرت تمامًا على منطقة أولاد تليس، وهي مركز إستراتيجي نظرًا لأنه الطريق الوحيد الذي يربط الجنوب الغربي بطرابلس، كما أن السيطرة على جسر الزهراء، والطريق التي تربطه بجسر 27، تعني السيطرة على الطريق الرابط بين طرابلس والزاوية".
ولفت المسماري إلى أن "معارك عنيفة دارت الأربعاء في مناطق القربوللي والسواني والخلة وطريق المطار بمساندة سلاح الجو".وأكد أن "كل الطائرات عادت سالمة"، ونفى ما أذاعته وسائل إعلام تابعة لحكومة الوفاق بإسقاط طائرة تابعة للجيش في "الوطية"، موضحًا أن الطائرة التي أعلنوا عن سقوطها شنَّت بعد ذلك 4 غارات على قوات الوفاق والميليشيات.
واستهدفت مقاتلات سلاح الجو الليبي قوات حكومة الوفاق بمقر اللواء الرابع في العزيزية ومناطق أخرى.وقالت غرفة عمليات الكرامة على صفحتها بموقع "فيسبوك": إن ضربات سلاح الجو مستمرة في العزيزية ومحيط غريان، مع استمرار تراجع الميليشيات.وتعد قرية العزيزية الواقعة على بعد 45 كم جنوب العاصمة طرابلس استراتيجية، كونها حلقة الوصل بين الشمال والجنوب ومدن غرب ليبيا وخصوصًا غريان.
وتحدثت تقارير اعلامية عن خسائر كبيرة في صفوف المليشيات القادمة من مصراتة،وقال مصدر صحي بمدينة مصراته، إن المعارك التي شهدتها المدينة الأربعاء، أسفرت عن مقتل أكثر من 20 شخصًا وإصابة 83.
ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن المصدر قوله، إن من بين القتلى قيادات في صفوف الميليشيات، آمر ميليشيا "كتيبة الأسد" محمد إسماعيل الصول الشهير بـ"تشاينا"، والقائد الميداني محمد عبدالقادر الرعيض الذي يتبع كتيبة "القرية الصوالح"، وإبراهيم مفتاح أبوشيبة الشهير بـ"فلفل"، إضافة إلى القائد الميداني والمسؤول عن التسليح في غرفة عمليات مصراته خالد عمر مادي والمعروف بـ"الباندا"، وهشام محمود عبجه، وهو أحد أهم مسؤولي تجنيد المتطوعين بالميليشيات.
ونجح الجيش الوطني الليبي في السيطرة على الأجواء ومحاصرة عناصر قوات حكومة الوفاق في ضواحي العاصمة طرابلس.وقال الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات الجيش الوطني خالد المحجوب ـ في تصريح أوردته قناة الحرة الإخبارية،السبت،إن الجيش يتفوق في معركته ضد قوات الوفاق ويمتلك السيطرة التامة على الأجواء من خلال الغارات المستمرة التي يشنها على مواقع قوات الوفاق في ضواحي العاصمة طرابلس.وأكد المحجوب استمرار الجيش في محاصرة عناصر قوات الوفاق والعمل على إخراجهم من العاصمة من أجل التعامل معهم واستهدافهم خارج طرابلس.
وفي غضون ذلك،مازال الدور التركي يلقي بظلاله على الساحة الليبية،حيث حذر الناطق باسم الجيش الوطني اللواء أحمد المسماري،من إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد يعمل على إرسال الإرهابيين المتواجدين في سوريا إلى ليبيا عبر موانئ ومطارات طرابلس ومصراتة وزوارة.مؤكدا أن ذلك يشكل خطرا كبيرا على مستقبل البلاد.
وجاء ذلك في تعليق خلال مؤتمر صحافي مساء الأربعاء ببنغازي،على بدء تركيا عملية عسكرية في الأراضي السورية،وأكد المسماري أن تركيا تقوم بغزو في سوريا وتقتحم أراضي عربية، مشيرا إلى أن أعدادا كبيرة من الإرهابيين تم إطلاق سراحهم من السجون وباتوا بأيدي الأتراك.
ومن جهتها،دانت الحكومة الليبية المؤقتة الهجوم التركي على الأراضي السورية معتبرة أن الهجوم يهدف لفتح ممر آمن للإرهابيين المحاصرين هناك تمهيدا لاستجلابهم إلى ليبيا.وأكدت الحكومة المؤقتة في بيان لها "أن هذا الهجوم الهدف من ورائه الضغط على القوات السورية لفتح ممر آمن للإرهابيين المحاصرين هناك تمهيدا لاستجلابهم إلى ليبيا".معتبرة "إن هذا الهجوم يؤكد للعالم مجددا التدخل السافر لتركيا في الشؤون الداخلية لليبيا ودعمها للجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة والخارجين عن القانون عبر الطائرات المسيرة والدعم العسكري في انتهاك صارخ لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وهو ما جعلها تقدم على مثل هذه الفعلة مع سوريا، دون أي حسيب أو رقيب".
وتعتبر تركيا أبرز الداعمين للمليشيات المسلحة في طرابلس ومنذ بدء المعارك في أبريل/نيسان الماضي تدفقت شحنات السلاح التركي الى ليبيا رغم الحظر الدولي.وتحدثت تقارير ليبية وعربية عن مخطط تركي لنقل العناصر الارهابية من سوريا الى ليبيا،وأكدت خلال الأشهر القليلة الماضية؛ أنّ "السلطات التركية كثفت من عمليات تجميع العناصر الإرهابية الفارة من المعارك في سوريا، خاصة أفراد تنظيم "جبهة النصرة"؛ حيث شرعت في نقلهم جواً إلى الأراضي الليبية لدعم الميليشيات المسلحة المنتشرة في العاصمة طرابلس".
وكان وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الهادي حويج،أكد في تصريح لصحيفة "العرب" اللندنية أنّ تركيا تسيّر رحلات جوية مباشرة إلى مدينة مصراتة لنقل مقاتلين من جبهة النصرة في سوريا.فيما كشف اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي،خلال مؤتمر صحفي وجود "خط جوي وبحري مفتوح بين تركيا ومصراتة لنقل العتاد العسكري والإرهابيين إلى ليبيا".
وفي محاولة للتغطية على تحركاتها العسكرية في ليبيا،تحاول تركيا الايهام بدعمها للحل السياسي خاصة في ظل الحديث عن استبعادها من المؤتمر المزمع عقده في برلين حول الأزمة الليبية.ودفع ذلك بأنقرة الى محاولة استمالة بعض الدول وعلى رأسها الجزائر التي تعتبر احدى أبرز دول الجوار الليبي.
وتصدّر الملف الليبي المحادثات التركية الجزائرية خلال زيارة أداها الوزير التركي مولود جاويش أوغلو للجزائر،حيث التقى مع نظيره الجزائري، صبري بوقادوم،وأكد أوغلو اصرار تركيا على تشريك الجزائر في الاجتماعات الدولية،مؤكدا على أن الجزائر تأثرت كثيرا بالتطورات الحاصلة في الدولة المجاورة لها ليبيا ووصفها باللاعب الهام في هذه الأزمة العربية.
وقال وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، إنه قد "لمس دعما وتأييدا من الطرف التركي لمواقف الجزائر في جوارها الإقليمي، وبالأخص الحل السياسي وليس العسكري للأزمة في ليبيا".وأكد الوزير الجزائري أنه قد شرح لأوغلو موقف الجزائر من الوضع الراهن في دول الجوار، وبالأخص في ليبيا ومالي.
وتأتي هذه التحركات التركية بالتزامن مع أنباء عن نية المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة إقصاء قطر وتركيا من مؤتمر برلين المزمع عقده بشأن الأزمة الليبية،وهو ما أثار مخاوف رئيس حكومة الوفاق فايز السراج بالنظر إلى الدور الذي تلعبه الدوحة وأنقرة في دعم حكومته والقوات التابعة لها.
وطالب السراج خلال لقاء جمعه بغسان سلامة، مساء الثلاثاء، بدعوة جميع الدول المعنية بالملف الليبي وهو ما عزز الشكوك بوجود نية لإقصاء قطر وتركيا من المؤتمر.وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي لحكومة الوفاق أن السراج طالب بـ"ضرورة دعوة كل الدول المعنية بالشأن الليبي دون أي إقصاء في مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا".
وكان موقع "المغرب كونفدينسيال – أفريكا إنتلجنس" المقرب من عدة دوائر مخابراتية غربية،نقل في تقرير له عن مصادر إستبعاد قطر من الحضور الأمر الذي أغضب رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج الذي قال التقرير بأنه مدعوم من الدوحة.وأضاف التقرير بأن السراج قد شدد شروطه ، وأصر على انسحاب الجيش الوطني الليبي من طرابلس ورفض الاتفاق الذي توصل إليه مع حفتر في أبو ظبي أواخر فبراير الماضي.
وأشار الموقع إلى أن قواته – أي السراج – تقاوم الجيش الوطني الليبي لكن السراج نفسه معزول دبلوماسيا مشيراً إلى إن وجوده في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في 25 سبتمبر لم يكسبه أي دعم أمريكي جديد.
وسبق لأعضاء بمجلس النواب الليبي أن أعلنوا رفضهم لمحاولة المجلس الرئاسي إقحام تركيا وقطر في الأزمة الليبية، مؤكدين رفضهم لحضور أي ممثل للبلدين في الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر برلين.وقال عضو مجلس النواب علي السعيدي، في تصريحات لصحيفة اليوم السعودية أن السراج يحصل على تمويل قطري ضخم تتولى تركيا تمريره لأنصاره وللميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية التي تحارب الجيش الوطني لذا فهو يسعى لوجود أنقرة والدوحة على طاولة مؤتمر برلين القادم الذي يشارك فيه ممثلون لكافة الدول المعنية بالأزمة الليبية.
وشدد السعيدي على ضرورة إقصاء تركيا وقطر من المشهد الليبي لدورهما الواضح في الفوضى التي تعيشها البلاد، لافتا إلى أن الجيش الليبي يسقط بشكل شبه يومي طائرة مسيرة تركية ما يكشف عن حجم الدعم القادم للميليشيات من أنقرة.
وكان الناطق باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري أكد في أكثر من مناسبة حصول الجيش على معلومات تفيد بتمويل قطر لشحنات الأسلحة التي ترسلها تركيا للميليشيات في طرابلس.وشدد في يوليو الماضي،على أن الدعم التركي والقطري للميليشيات "يثبت للعالم ما قلناه خلال السنوات الماضية بأن أنصار الشريعة وكتائب شهداء بوسليم وبقايا تنظيم القاعدة ما هي إلا أقنعة لتدخل أجنبي في ليبيا تمثله قطر وتركيا".
وتحتضن تركيا وقطر أهم رؤوس الإرهاب في ليبيا الذين يرتبطون معها بعلاقات كبيرة، وأبرز المطلوبين من قبل القضاء الليبي بتهم التورط في جرائم عنف وإرهاب والإضرار بالأمن القومي الداخلي، الإرهابي السابق في تنظيم القاعدة عبد الحكيم بلحاج، كما تؤوي عددا من قيادات الصف الأول لجماعة الإخوان المسلمين الذين كانت لهم أدوار مشبوهة في قيادة الفوضى بليبيا منذ العام 2011، على غرار علي الصلابي، إلى جانب عناصر من مجلس شورى بنغازي المصنف تنظيما إرهابيا.