تحتضن طرابلس أكبر مؤسستين تحركان عجلة الاقتصاد الليبي الريعي المعتمد على النفط، وهما المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، إضافة إلى أكبر مؤسسة استثمارية وهي المؤسسة الليبية للاستثمار النفطي لذلك تعتبر طرابلس عصب الإقتصاد الليبي بالتالي فإن الأحداث الأخيرة في طرابلس أثرت بشكل مباشر في المؤشرات الإقتصادية.
وبعد أن كانت ثالث أكبر منتج للنفط في إفريقيا، تعاني ليبيا من صراع بين فصائل مختلفة منذ سقوط معمر القذافي عام 2011 وباتت مقسمة بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر والحكومة في طرابلس، في الغرب، يقودها رئيس الوزراء فائز السراج.
إذ تعتمد طرابلس في معظم دخلها على إنتاج النفط والغاز وقروض بدون فوائد من البنوك المحلية إلى المصرف المركزي بالإضافة إلى رسوم نسبتها 183% على تحويلات العملة الأجنبية بالأسعار الرسمية.
وفي ظل تراجع شديد في جباية الضرائب مركزيا، تراكم الدين العام ليصل إلى 68 مليار دينار في الغرب ويشمل ذلك التزامات لم تسددها الدولة مثل التأمينات الاجتماعية.
ووفقًا لبيانات من صندوق النقد الدولي تبلغ نسبة دين الحكومة إلى الناتج المحلي الإجمالي 143%، وهو ما يجعلها إحدى أكثر الحكومات المدينة في العالم وفقا لذلك المقياس.
من جانب آخر،تأثر الوضع المعيشي للمواطنين بشكل كبير، وتتزايد المخاوف من أزمة إنسانية نتيجة استمرار النزوح من مناطق الاشتباكات وسط غياب الأرقام الدقيقة حول الأعداد.
يرى متابعون أن الحرب سوف تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الليبي من عدة نواح، فاستمرار الاشتباكات سينعكس انخفاضاً بالنمو، والدمار سيرفع حجم النفقات إن كان على كاهل الأسر أو الخزينة.
في سياق متصل،حذر رئيس "المؤسسة الوطنية للنفط" في ليبيا، مصطفى صنع الله، من أن تجدّد القتال في البلاد "قد يقضي" على إنتاج البلاد من الخام، وفقاً لمقابلة أجراها مع صحيفة "فايننشال تايمز"، فيما اتجهت أسعار الخام نحو الصعود.
وقال صنع الله: "أخشى أن الوضع قد يكون أسوأ بكثير من عام 2011 بسبب حجم القوات المشاركة الآن بالقتال"، متحدثاً إلى "فايننشال تايمز" عبر الهاتف من مكتبه في طرابلس، على بعد بضعة كيلومترات من ساحات القتال.
واعتبر أنه "ما لم تُحَل المشكلة سريعاً، أخشى من أن يؤثر ذلك في عملياتنا، بحيث لن نتمكن قريباً من إنتاج النفط أو الغاز"، مشيراً إلى أن فقدان الإمدادات الليبية من شأنه أن يدفع سعر النفط إلى الصعود في الأسواق العالمية.
وكشفت شبكة بلومبيرغ الاقتصادية في تقرير لها أن الأوضاع الأمنية في ليبيا، في إشارة إلى التوتر الأمني الأخير بطرابلس، أثرت بشكل مباشر على الإنتاج العالمي للنفط وسط إشارات من منظمة أوبك وحلفائها على الاستمرار في خفظ الإنتاج إذا ما استمر النزاع في ليبيا ما يزيد مخاطر الاتجاه للإمداد من إيران وفنزويلا.
في نفس الإطار،فعلى الرغم من تقلص الفارق بين سعري صرف العملة، لا تزال السوق السوداء نشطة، وكانت هناك عشرات من تجار العملة في موقعهم المفضل خلف مقر مصرف ليبيا المركزي في طرابلس أثناء زيارة مراسلين من رويترز للموقع الأسبوع الماضي.
لكنّ متعاملين في السوق قالوا إن تسجيل عوائد الرسوم الإضافية لسعر الصرف قد يستغرق وقتًا من حكومة السراج لأن القنوات المصرفية الرسمية تستغرق ما يصل إلى ستة أشهر للموافقة على تمويل الاستيراد، وهو ما يدفع التجار إلى السوق السوداء.