نبّه المعهد الوطني التونسي للدراسات الاستراتيجية في وثيقة تحليلية أعدّها، مؤخرا، من حدوث "صدمة اقتصادية عنيفة من شأنها أن تؤدي إلى اضطرابات اجتماعيّة خطيرة، إذا لم تأخذ تونس في عين الاعتبار الاضطراب الكبير الناجم عن الوباء وإذا لم تتكيف مع ظهور اقتصاد عالمي جديد".
واعتبرت الوثيقة،حسب وكالة تونس إفريقيا للأنباء "وات"، الواردة تحت عنوان "ضبط انطلاقة جديدة واقتصاد عالمي جديد: المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية يدعو إلى اعتماد نموذج اقتصادي واجتماعي جديد" أن نموذج التنمية الاقتصادية التونسي بلغ منتهاه قبل 17 ديسمبر 2010 /14 يناير 2011 وعفا عنه الزمن ولا يتلاءم بالمرة مع ما هو مطروح من تحديات داخلية ومع الاقتصاد العالمي الجديد تبعا للقطيعة البالغة جرّاء جائحة كوفيد-19.
وشدد مدير الدراسات والأبحاث بالمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية ومعد الدراسة، مهدي تاج، أنّه غالبا ما كانت الأوبئة محرّكا للتاريخ ومدعما للتوجهات المؤدية إلى تغيرات مستديمة وغالبا جذرية.
وأضاف تاج "يجب على السلطات التونسية أن تعمل بشكل معمق بخصوص ملامح هذا الاقتصاد العالمي الجديد واستباق تاثيراته على التوازنات الاقتصادية العالمية والإقليمية، وتوجهاته الكبرى الثقيلة المحددة له وتشخيص القطاعات المستقبلية وتلك التي سيقع التخلّي عنها.
وتابع قائلا "إمّا أن نستبق هذه الديناميكية ونحدد استراتيجية قصيرة ومتوسطة المدى تسمح لنا بالتأقلم معها والاستفادة منها أكثر ما يمكن وإما أن تلقي صدمة القطيعة مع هذا الاقتصاد الجديد ونجد انفسنا خارج التاريخ".
وستتأثر قطاعات اقتصادية تقليدية بشدة وبصفة دائمة والاقتصاد التونسي المجاح، من ذلك النقل الجوي وصناعة مكوّنات السيّارات والفلاحة وخاصة السياحة. وسشهد السلوكيات تغييرا جذريا وستكون مجبرة على تفضيل القرب في ظل تنامي الجانب الرقمي بشكل هام.
وأضافت الوثيقة التحليلية "إن الاعتقاد بأنه من الممكن العودة إلى الاقتصاد التونسي لما قبل كوفيد-19 هو وهم ، فبصرف النظر عن الأثر المدمر على هذه القطاعات فإن الوباء لن يكون ظرفيا بل هيكليا". وأضافوا "إنه ليس كابوسا سينتهي ولكنه ديناميكية عالمية جديدة في العمل ستستمر في التطور".