رغم الدعوات المتكررة والملحة إلى إقالته من منصبه، يصرّ الصادق الغرياني مفتي ليبيا المتشدد، على التدخل في الشؤون السياسية وتوظيف الدين ضدّ أي جهاز حكومي شرعي يناهض المتطرفين، فقد أصدر بيانا دعا فيه إلى وقف الحوار مع البرلمان المنتخب متّهما إياه “بالانحراف عن ثوابت الدين”.

ذكرت وكالة الأنباء الليبية أن دار الإفتاء التي يديرها الصادق الغرياني المعروف بتشدده دعت إلى تعليق الحوار مع البرلمان المنتخب المنعقد بطبرق في الوقت الحاضر وتأجيله إلى أن يقول القضاء كلمته في التجاوزات الدستورية.

وأوضحت دار الإفتاء في بيان لها أن “مجلس البحوث والدراسات الشرعية التابع لدار الإفتاء ومجلس أمناء هيئة علماء ليبيا يؤكدان على أن مبدأ الحوار بين المختلفين معتبر شرعا، ويجب أن يكون مؤسسا على الثوابت الوطنية بمرجعية شرعية”.

وأكد البيان أنه “ليس من حق أحد أن يتحاور مع هذا الجسم الذي انحرف عن ثوابت الدين والوطن، حتى يفصل القضاء في أمره، ويقول كلمته”.

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أعلنت أن عددا من البرلمانيين من مجلس النواب الليبي التقوا يوم الاثنين في مدينة غدامس غرب ليبيا لإجراء نقاشات تمهيدية حول سبل التغلب على القصور في الثقة داخل صفوف البرلمانيين ولحل الجمود السياسي الراهن في البلاد.

ووفقا لموقع البعثة فقد ضم الاجتماع 22 نائبا من مجلس النواب في طبرق، بالإضافة إلى النواب الذين تغيبوا عن جلسات البرلمان.

واتفق المجتمعون على عقد جولة ثانية من المباحثات بعد عيد الأضحى لمعالجة كل الخلافات العالقة في إطار عملية سياسية وعلى الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في كافة أنحاء البلاد.

يشار إلى أنه سنة 2012 أصدر المستشار مصطفى عبدالجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي آنذاك القانون رقم 15 بشأن تأسيس دار الإفتاء الليبية وهو القانون الذي ثارت حوله انتقادات عديدة حول شرعيته الدستورية وما احتواه من مواد، ليصبح الصادق الغرياني رئيسا لها أي المفتي الرسمي لليبيا.  

وحسب القانون فإن مهام دار الافتاء تقتصر على وضع سياسة الإفتاء في ليبيا، والإشراف على الشؤون العلمية للإفتاء بالتعاون مع علماء الشريعة، إضافة إلى تحديد ثبوت الأهلة وبداية الأشهر القمرية التي تتعلق بها أعياد المسلمين وعباداتهم، كما يتمتع المفتي استنادا إلى القانون برتبة رئيس وزراء.

وتدور حول دار الإفتاء تساؤلات في الشارع الليبي بعد التدخلات غير المبررة التي قام بها المفتي الصادق الغرياني في العديد من أمور الدولة، كما حدث في جمعة إنقاذ ليبيا، حيث دعا الناخبين إلى العدول عن انتخاب من وصفهم بالعلمانيين في انتخابات المؤتمر الوطني العام، ومحاولة التدخل في عملية كتابة الدستور الليبي الجديد بعد ثورة 17 فبراير.

ويعتبر الصادق الغريانى، من أبرز المدافعين عن تنظيم أنصار الشريعة المتشدد، وأحد المنددين بقوات اللواء خليفة حفتر المناهضة للإرهاب، حيث استغل كل الفرص لمهاجمة قوات حفتر وإصدار الفتاوى التحريضية والتكفيرية ضدّها، ورغم الدعوات المتكررة إلى إقالته من منصبه، مازال الغرياني ينشط بقوة ويعبر عن مواقفه الانفصامية والتحريضية في موقعه الخاص على شبكة الإنترنيت دون أن تقوم الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة والضرورية لتحجيمه ووقفه عند حدّه.

ويسعى المفتي المنحاز إلى المتشددين إلى تبرئة أنصار الشريعة على وجه الخصوص من كل الأعمال الإرهابية، حيث قال في تصريحات سابقة “لا يوجد إرهاب في ليبيا، ويجب ألاّ تطلق كلمة الإرهاب على أنصار الشريعة فهم يَقتُلون ولهم أسبابهم، من مات منهم فهو شهيد"، حسب صحيفة العرب.

وقد أثار موقفه حفيظة الليبيين، فدعوا إلى إقالته من منصبه، وعلّق الناشط السياسي والكاتب سليم الرقعي، على ذلك قائلا “هذا والله شيخ متطرف وصاحب هوى سياسي ويوما بيوم يفضحه الله ويفضح أمره، ولابد من محاكمته عندما تتحرر ليبيا من قبضة مليشيات التطرف والإخوان ويكفي الشريط دليلا على أنه طرف في اللعبة السياسية وليس مجرد مفتي الديار”.

ولم يكتف المفتي الليبي بتصريحاته المنحازة إلى المتطرفين حيث أصدر فتوى تقول “إن من ينضم إلى اللواء خليفة حفتر ويموت معه، يخشى أن يموت ميتة جاهلية، وكل من يقاتله ويموت فهو شهيد وفي سبيل الله”، حسب قوله.

وأمام دعواته التحريضية والتكفيرية أصبحت مسألة إقالته مطلبا ملحّا في كامل التراب الليبي، فقد قام سكان مدينة تاجوراء (شرق طرابلس) بمنعه من إلقاء الدروس والمواعظ قبل صلاة كل جمعة متهمين إياه بـ “تسييس الدين، وتطويع دروسه ومواعظه لخدمة إيديولوجيا سياسية لا تخدم الوحدة الوطنية وتهدد النسيج الاجتماعي”.