في الوقت الذي تروج فيه تركيا لنفسها على أنها من دعاة السلام في ليبيا وتنخرط في اجتماعات ودعوات دولية للبحث عن حلول سلمية تنهي الصراع في البلد الافريقي،تواصل عملياتها المشبوهة من خلال ارسال المزيد من المرتزقة والاسلحة الى الاراضي الليبية بحثا عن نفوذ اكبر يشبع أطماع الرئيس التركي التي عبر عنها صراحة في أكثر من مناسبة.
 الى ذلك،قال متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل،الثلاثاء، إنها أجرت محادثة هاتفية بالفيديو مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحثت فيها الوضع في ليبيا وفي شرق البحر المتوسط.وأضاف المتحدث، في بيان، أن "ميركل وأردوغان اتفقا على ضرورة تعزيز عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة؛ للوصول إلى حل سياسي في ليبيا".وفقا لرويترز.
وتأتي هذه المباحثات التركية ضمن سلسلة من المباحثات يقوم بها أردوغان مؤخرا مع عدد من القوى الدولية شملت أمريكا وروسيا وايطاليا،بزعم البحث عن حلول سياسية تنهي الصراع المستمر في ليبيا.لكن في الجهة المقابلة يواصل النظام التركي تحركاته العسكرية في الأراضي الليبي لتدعيم نفوذه هناك والذي يمثل حجر عثرة حقيقية أمام الوصول الى تسوية في البلاد.


وبينما تدعي دعمها للسلام،تواصل تركيا ارسال المرتزقة الى الأراضي الليبية لنشر المزيد من الفوضى في البلاد.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن مدير التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، العميد خالد المحجوب،رصد الجيش لهبوط طائرة تركية محملة بالمرتزقة في مدينة مصراتة، رغم وجود البعثة الأوروبية "إيريني".وقال المحجوب، إن "جلب تركيا للمرتزقة لم يتوقف رغم وجود البعثة الأوروبية إيريني".
وكانت تقارير صحفية تحدثت مؤخرا عن وصول طائرة تركية إلى مطار مصراتة، تقل على متنها عددا من المرتزقة السوريين لدعم المليشيات المسلحة.وأفاد مصدر مطلع في مطار مصراتة، لقناتي "العربية" و"الحدث"، الثلاثاء 16 يوليو 2020، بوصول طائرة من تركيا تحمل على متنها 134 مقاتلاً سوريا.ً
والأسبوع الماضي، رصد موقع "فلايت رادار" الإيطالي،اقتراب ثلاث طائرات شحن عسكرية تركية وسفينة على متنها أسلحة من غرب ليبيا.في حين أكد المرصد السوري لحقوق الانسان مراراً وتكرارا أن تركيا حليفة حكومة الوفاق مستمرة في نقل المرتزقة السوريين والارهابيين، الذين بلغ عددهم أكثر من 11 ألف مقاتل.
وتأتي هذه التحركات التركية في اطار مساعي اردوغان نحو مزيد من النفوذ في ليبيا بتواطئ من حكومة السراج التي يسيطر عليها تنظيم "الاخوان".وكشف مصدر تركي عن مساعي بلاده لاستخدام قاعدتين عسكريتين في ليبيا، مما يعني تثبيتا لوجود أنقرة في البلد الذي تمزقه الحرب، ويضع قدما لها في منطقة جنوبي المتوسط.
وذكر المصدر في تصريح لوكالة "رويترز"، الاثنين، مشترطا عدم ذكر هويته، إن تركيا تبحث مع حكومة طرابلس إمكانية استخدام قاعدتي الوطية الجوية ومصراتة البحرية.وقال: "استخدام تركيا لقاعدة الوطية على جدول الأعمال"، متحدثا عن أنه "من المحتمل أن تستخدم بلاده أيضا قاعدة مصراتة البحرية".
وحذر اللواء فوزي المنصوري، قائد قوة عمليات إجدابيا التابعة للجيش الليبي، من أن النظام التركي يتجه لاستغلال القواعد والإرهابيين في ليبيا كنقطة انطلاق لأطماعه بالشمال الإفريقي والمنطقة.ونقلت "العين الاخبارية" عن المنصوري قوله أن تركيا تسعى لاستثمار قاعدة الوطية الجوية لمصالحها العسكرية في الشمال الإفريقي،وأكد المنصوري أن حكومة السراج ليس بيدها القبول و لا الرفض وأن القاعدة البحرية في مصراتة أيضًا ستكون تابعة للأتراك الذين قد يرسلون المليشيات إن سيطروا على ليبيا للقتال خارجها  كما فعلوا بحلفائهم السوريين الذين حولوهم إلى مرتزقة ومخربين عابثين بوحدة الأوطان.
وساهم الدعم التركي لحكومة طرابلس، سواء عسكريا أو بإرسال مرتزقة من سوريا، في سيطرة الميليشيات المتطرفة على القاعدتين في الآونة الأخيرة بعد معارك مع الجيش الوطني الليبي.وقالت تركيا الأسبوع الماضي إنها قد توسع تعاونها في ليبيا بصفقات في مجالي الطاقة والبناء فور انتهاء الصراع.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة طرابلس فايز السراج، أبرما اتفاقيتين في أواخر نوفمبر 2019، واحدة لترسيم الحدودة البحرين بين الدولتين وأخرى لتعزيز التعاون العسكري والأمني بين الطرفين.وفي حين لقيت الاتفاقية الأولى تنديدا إقليميا ودوليا، أعلن الجيش الوطني الليبي ومجلس النواب الليبي رفضهما لاتفاق التعاون العسكري، الذي يكشف عمليا عن أطماع تركيا في السيطرة على البلاد وثرواتها الطبيعية.


ووسط استمرار الانتهاكات التركية في ليبيا، تجددت الادانات الدولية حيث وصفت الخارجية الفرنسية في بيان الدعم التركي المتزايد لحكومة الوفاق في طرابلس بأنه "غير مقبول ولابد أن ينتهي".وكان مسؤول بالرئاسة الفرنسية قد قال في وقت سابق اليوم الاثنين؛ إن فرنسا تريد إجراء محادثات مع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي لمناقشة دور تركيا "العدواني" و"غير المقبول" على نحو متزايد.
واتهم المسؤول الفرنسي، تركيا العضو بحلف شمال الأطلسي بـ"خرق حظر فرضته الأمم المتحدة على تسليح ليبيا وبزيادة وجودها البحري قبالة ساحلها".وقال المسؤول "أصبحت تلك التدخلات تسبب مشكلات كبيرة.. والوضع يتعثر على الرغم من جهودنا. هذا الموقف العدواني بشكل متزايد غير مقبول".وأضاف "من المفترض أن تركيا شريك في حلف شمال الأطلسي لذا لا يمكن استمرار ذلك".
من جانبه أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي في حوار مع وكالة الأنباء المصرية الرسمية، أن التدخل التركي في ليبيا وسوريا والعراق واستجلابها لمقاتلين وإرهابيين أجانب إلى الأرضي الليبية مرفوض ومدان عربيا.واعتبر أن تركيا تختبئ وراء اتفاقها مع حكومة الوفاق الليبية لتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية.
بدوره، ناشد رئيس مجلس النواب المصري علي عبدالعال الجامعة العربية أن تتخذ موقفا واضحا تجاه حكومة الوفاق الليبية التي "يعتبرها البعض شرعية لأنها فقدت شرعيتها ولم تلتزم باتفاقية الصخيرات، واستقال منها وزراء"، بحسب تعبيره.كما أكد أن القاهرة منفتحة على كل الأطراف والمصلحة الأولى والأساسية لمصر هي حل المسألة الليبية لتعود ليبيا واحدة وموحدة ومستقرة، لأنها تمثل عمق الأمن القومي المصري.
وكانت مصر طرحت مبادرة تضمن العودة للحلول السلمية في ليبيا حيث لاقت تأييدا دوليا وعربيا واسعا.وتضمنت المبادرة المصرية التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والعمل على استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها الوطنية مع تحديد آلية وطنية ليبية ليبية ملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة.
لكن حكومة الوفاق وبأوامر من تركيا أعلنت الأسبوع الماضي،رفضها مبادرة "إعلان القاهرة" لوقف إطلاق النار في البلاد،فيما تواصلت الجرائم والانتهاكات التي تمارسها المليشيات المسلحة ومرتزقة أردوغان في مدن الغرب الليبي وخاصة مدينة ترهونة التي شهدت عمليات قتل وحرق وتعذيب طالت أيضا عمالا مصريين بحسب ما أظهره فيديو متداول على مواقع التواصل وهو ما اثار تنديدا دوليا واسعا وغضبا كبيرا في الاوساط الشعبية والسياسية في مصر.


ويوما بعد يوم يتكشف الدور التركي المشبوه في ليبيا،والذي يمثل خطرا كبيرا يتهدد ليبيا والمنطقة ككل.ويجمع مراقبون أن الغزو التركي في ليبيا يسهم في اثارة التوترات الاقليمية وإطالة امد الحرب في وقت تتواصل فيه الجهود الدولية لحلحلة الأزمة الليبية.ويشير هؤلاء الى أن الصمت الدولي تجاه الخروقات والانتهاكات التركية تدفع أردوغان نحو ممارسة المزيد منها في ليبيا وهو ما سيكون عائقا متواصلا أمام انهاء الصراع والانقسام في البلاد.
ويعي الليبيون الخطر الذي تمثله أطماع أردوغان الاستعمارية التي عانى ويلاتها الشعب الليبي ابان الاحتلال العثماني والذي تلاه الاحتلال الايطالي وشهدت المدن الليبية مظاهرات شعبية تنديدا بالغزو التركي كما أكدت القبائل الليبية في بياناتها الوقوف ضد محاولات أردوغان تحويل ليبيا لايالة تركية.ويؤكد متابعون للشأن الليبي أن مزاعم أردوغان حول السلام في ليبيا لن تنطلي على الليبيين الذين سيقفون بالمرصاد ضد مخططاته ولن يسمحوا باحتلال أرضهم ونهب ثرواتهم.