عاد مجددا فتح ملف لوكربي الذي أغلقته ليبيا  مع السلطات الأمريكية عام 2008 بتوقيع اتفاقية رسمية بالعاصمة طرابلس، في الرابع عشر من أغسطس 2008، تقضي بإنهاء كل الملفات القضائية المشتركة بين البلدين، وتقضي في أهم بنودها بأن لا يتم ملاحقة أي مواطن ليبي أو مؤسسة تابعة للدولة الليبية في هذه القضية وغيرها، واعتمد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الاتفاقية في أكتوبر من نفس العام، لتصبح بذلك ليبيا محصنة تماما من أي تبعات للقضية باعتبارها أقفلت بشكل نهائي

إلا أن الموضوع طفى على سطح الأحداث مجددا بعد أنباء عن اختفاء متهم آخر "أبو عجيلة مسعود المريمي" الذي كان يعمل مسؤولا بجهاز المخابرات في النظام السابق ووجهت إليه نهاية عام 2020 عدة تهم في الولايات المتحدة حول "ضلوعه في التخطيط وتصنيع القنبلة" وطالبت واشنطن بترحيله إليها لمحاكمته.

أسرة المريمي

اختفاء المريمي أثار ردود فعل غاضبة واتهامات للدول الغربية بالابتزاز السياسي خاصة وأن هناك أنباء عن تسليمه من قبل حكومة الوحدة الوطنية وهو ما عززه بيان لعائلة المريمي عبرت فيه عن استهجانها لصمت السلطات الليبية عن حادثة الاعتداء والاختطاف اللتين تعرض لهم ابنها واختفائه منذ يوم 16 نوفمبر الماضي.

وقالت العائلة إن مسلحين بملابس مدنية في سيارتين هاجموا منزل العائلة في منطقة بوسليم في طربلس، اختطفوا "المريمي" واقتادوه إلى جهة غير معلومة.

وأضافت أن بعض الأطراف السياسية استغلت حالة الارتباك السياسي والانقسام من أجل إعادة فتح ملف قضية لوكربي بعد أن تم إقفالها قانونيا بعد اتفاقية أبرمت مع الولايات المتحدة منذ 2008، وهذا يعتبر استثمار سياسي غير محسوب العواقب.

وحذر البيان حكومة عبد الحميد الدبيبة من أي خطوة غير محسوبة العواقب في صورة تسليمه إلى أي جهة خارجية، محملة مخطفيه المسؤولية الكاملة عن سلامته الجسدية في ظل معاناته من عديد الأمراض.

حكومة الوحدة

من جانبها لم تنفي حكومة الوحدة الوطنية تسليم المريمي واكتفت ببيان على لسان وزارة العدل قالت فيه إن قضية لوكربي أغلقت بشكل نهائي من الناحية السياسية والقانونية، سنة 2008 ولا يمكن إثارتها من جديد.

مجلس الدولة

المجلس الأعلى للدولة من جانبه ما وصفها بالمحاولات التي تقوم بها بعض الأطراف الداخلية من أجل إعادة تحريك قضية لوكربي التي أقفل ملفها بالكامل من الناحيتين القانونية والسياسية.

وقال المجلس في بيان له إنه بقدر إدانته لما سماه جريمة إسقاط طائرة لوكربي، إلا أن القضية أقفلت حسب اتفاق بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية، في 14 أغسطس 2008، رافضا إعادة الملف إلى الواجهة لافتقاره لأي أسس قانونية.

وأكد أنه سيتخذ كل الإجراءات القانونية بما تفرضه التزامات الدولة الليبية في هذا الإطار داعيا مجلس النواب والمجلس الرئاسي والنائب العام للتعاون معه لإقفال الملف وإنهاء ما سماها حالة العبث.

ودعا المجلس الجهات الأمنية إلى العمل على التعرف على ملابسات اختفاء المواطن الليبي "بو عجيلة مسعود المريمي" في ظروف غامضة باعتبار وجود اسمه في ملف لوكربي.

منظمة حقوقية

من جانبها عبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن إدانتها الشديدة لاختفاء المريمي في ظروف غامضة بحجة إعادة تحريك  ملف قضية لوكربي

وقالت اللجنة في بيان لها إنها رغم إدانتها لكل الجرائم ومن بينها جريمة إسقاط طائرة لوكربي، إلا أن القضية "أُقفلت بمُوجب إتفاقية تسوية دعاوى ومطالبات التي أُبرمت بين دولة ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية خلال سنة 2008، بعد مفاوضات عسيرة وتم التصديق عليها من السلطات المختصة في البلدين، وبذلك حازت على القوة القانونية اللازمة... في الدرجة والقوة في الإلزام على القوانين الوطنية، وهذا ما قررته المحكمة العليا الليبية، الأمر الذي يمتنع معه على أي جهة قضائية في البلدين العودة إلى القضية وفتح ملفها، طبقًا لنص المادة الأولى من الاتفاقية المذكورة سلفاً".

وأضافت أن واقعة "اختفاء مواطن ليبي تم خطفه أو تسليمه بإجراءات رسمية أو غير رسمية في ظروف غامضة، هذا ما يتنافي مع كافة قواعد القانون الوطني والدولي... وإعادة فتح الملف في الوقت الحالي في ظل التحديات التي تواجه الدولة الليبية سيخلق لها تحديات والتزامات واستحقاقات جديدة".

وطالبت اللجنة حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة والأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية توضيح موقفها من ملابسات وظروف واقعة إختفاء "المواطن / أبو عجيلة مسعود المريمي"، محملة كل الأطراف التي تُحاول إعادة إحياء هذا الملف بإخفاء أحد المواطنين الليبيين، المسؤولية القانونية والوطنية والأخلاقية، وفي مقدمتها رئيس حكومة الوحدة الوطنية ووزيرة الخارجية والتعاون الدولي

كما دعت اللجنة مجلس النواب والمجلس الرئاسي والنائب العام، للتدخل للمحافظة على سيادة الدولة الليبية ومصالحها الوطنية العُليا، وحماية حقوق مواطنيها وسلامتهم والدفع بحصانة الدولة الليبية ورعاياها، وإيقاف هذه التجاوزات والمخالفات الجسمية، ووقف الأطراف التي تُحاول إحياء هذه القضية وفتح تحقيق حول ملابسات إختفاء المواطن الليبي المذكور باعتبارها قضية رأي عام ذات أهمية خاصة .