تحولت الطفلة ذات السنوات التسع ، مريم أمجون الى أيقونة المغرب بعد أن فازت بلقب الدورة الثالثة لبطولة تحدي القراءة العربي الذي إحتضنتها دبي ، بدولة الإمارات العربية المتحدة ، أواخر أكتوبر الماضي ، وحظيت بتكريم خاص من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، صاحب المشروع الذي شارك فيه خلال العام الجاري 10.5 مليون تلاميذ، يمثلون 44 دولة من الوطن العربي والعالم
وبعربية فصحى وثرية ، تحدثت مريم فأبهرت المتابعين سواء خلال حفل التكريم ، أو عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة التي تهافتت لإجراء مقابلات معها ، أوفي حفلات الإستقبال التي إنتظمت لها في بلادها عند عودتها بالتتويج الرائع ، وأثارت إعجاب الكبار قبل الصغار ، وهي التي ، ورغم صغر سنها ، إنتهت من قراءة 200 كتاب ، خضعت للإمتحان على 60 منها خلال المسابقة بأدوارها التمهيدية والإقليمية والوطنية في المغرب ثم على في النهائيات التي شهدتها دبي بمشاركة 44 تلميذا ممثلين لبلدانهم العربية والأجنبية
ولعل اللافت في الأمر ، أن مريم أمجون التي أرقصت حروف لغة الضاد على شفتيها ، وأطربت السامعين بقصائد عنترة بن شداد العبسي التي تلتها عن ظهر قلب ،وأدهشتهم وهي تعرّف القراءة بأنها مستشفى العقول ، تنتمي  في الأصل الى ثقافة غير العربية ، فهي أمازيغية  تنحدر من أسرة الهبوبن بدوار أيت أعمر من  بلدة إيموزار مرموشة من جهة فاس بولمان شمال وسط المملكة المغربية ، والتي توجد في قلب الأطلس المتوسط الشرقي ، على بعد 70 كلم من  بولمان  وعلى بعد 42 كلم عن مدينة ميسور، عاصمة الإقليم ،
وقد أنتقل والد مريم الحسن أمجون  أستاذ الفلسفة وزوجته مدرسة العلوم للعمل في مدينة  تيسة  الصغيرة التابعة  إقليم تاونات الساحلي، شمال شرق مدينة فاس، والتي يقطنها 9.566 نسمة (إحصاء رسمي 2004) ،وهناك  قما  بترسيم إبنتهما في المدرسة الابتدائية “الداخلة”  التابعة للمديرية الإقليمية تاونات التابعة بدورها  للأكاديمية الجهوية لجهة فاس مكناس،
وتعد مريم نموذجا لتفوق الأمازيغ في لغات غير لغتهم الأصلية ، حيث أنها  تهوى القراءة منذ كانت في الخامسة من عمرها،وتصفها أمها بأنها “تحب مطالعة القصص رغم صغر سنها، حيث تعمل على تلخيص الكتب التي تقرأها”.
ورغم أن أغلب وسائل الإعلام المغربية والعربية لم تنتبه الى حقيقة الإنتماء العرقي لمريم ، إلا أن ناشطين أمازيغ أعربوا عن سعادتهم بالفوز الكبير لمريم ، وإعتبروا نموذجا للثراء الثقافي والحضاري الذي تتمير بها بلادهم
و دون المهندس إدريس بوبكر من منطقة  ألميس مرموشة الأمازيغية على صفحته بموقع الفيسبوك «لا تنسي عزيزتي أنك أعطيت أكثر من درس للطفولة وللآباء وللأطر التربوية وللعالم بأن الكتاب الذي دفناه قد أهدى لك من تحت الرمس رسالة علّنا نجدد به العهد ونعود إلى الزمن الذي قيل فيه أن خير جليس في الأنام كتاب ، ولا تنسي بنيتي ونحن نتتبع لقاءاتك ونستمع إلى ردودك أن أعيننا تغرورق دمعا حيث حملناك مسؤولية تمثيلنا وسنّك غض في عمر الزهور، ولا تنسي عزيزتي وأنت تحملين علم بلدنا خفاقا في سماء أرض شب فيها الأدب وترعرع مع فطاحل الشعر والخطابة منذ زمن طويل، أنك تمثلين المغرب بأطلسه وسهوله وصحرائه وكل مكوناته البشرية واللغوية والعقدية والسياسية. ولاتنسي يا فلذة من فلذات الكبد أن بلدك ومدرستك وأساتذتك ومدينتك وأقرانك وكل من له الحق عليك (والكل له الحق) ينتظرونك بشغف وحب كبيرلا تنسي بطلتنا بأن (الهاشتاغ) الحامل لصورتك قد غزا جميع الهواتف وكل المواقع داعين لك بالفتح والنصر المبين ،  ما قلته في حقك ما هو إلا غيض من فيض محبتكم إرضاء للغة عشقناها منذ الصغر وإلى الآن »
ويعتبر تفوق مريم أمجون في مسابقة تحدي القراءة العربي نجاحا للمشروع والواقفين وراءه ، نظرا لأنه إستطاع أن يعيد البريق الى لغة الضاد في نفوس الناشئة ، وأن يجمع على حبها عربا ومن الغير العرب ، كما هو الحال في قصة الطفلة المغربية التي أثارت إعجاب كل من سمعها أو قرأ عنها أو تابع مقابلاتها عبر التلفزيون ، حيث أعطت درسا بليغا في حب القراءة والتعلق باللغة العربية برمزيتها الثقافية والحضارية والروحية وكان العاهل المغربي محمد السادس قد  إتصل بمريم هاتفيا ليتقدم إليها بتهانيه الحارة ، وليقول لها : « أنت فخر للمغرب والمغاربة » كما هنأها رئيس الحكومة المغربية  سعد الدين العثماني،  في تدوينة على صفحته الخاصة بموقع التواصل الإجتماعي ، قال فيها :«فخر ومكسب للمغرب أن تفوز الطفلة مريم أمجون بمسابقة تحدي القراءة العربي، المنظمة بدبي بالإمارات العربية المتحدة »،وأضاف « أهنئها وأبويها على هذا الإنجاز، وأتمنى لها نجاحا مستمرا ومستقبلا زاهرا»
وقالت وزارة الثقافة والإتصال المغربية في بيان :« تمكّنت الطفلة المغربية مريم أمجون من حصْدِ المرتبة الأولى في مسابقة "تحدي القراءة العربي"، المُقامة بدولة الإمارات، التي تندرج ضمن مبادرات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وذلك بعدما تفوقّت على أكثر من 300 ألف تلميذ وتلميذة، مثلوا 3842 مؤسسة تعليمية مغربية وكانت منافسات "تحدي القراءة العربي" شهدت في دورتها الحالية مشاركة 10.5 مليون تلاميذ، يمثلون 44 دولة من الوطن العربي والعالم، وقد تمكّن 44 تلميذا من الوصول إلى التصفيات قبل النهائية ، وبهذه المناسبة، تحرص وزارة الثقافة والاتصال على تقديم تهنئتها الخاصة للتلميذة مريم أمجون على حصولها على هذه الجائزة الرفيعة، متمنية لها مسارا ثقافيا حافلا »
كما تقدمت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المغربية ، بخالص التهاني للتلميذة مريم أمجون، تلميذة التعليم الابتدائي بالمديرية الإقليمية تاونات، بمناسبة فوزها بالجائزة الأولى لمسابقة “تحدي القراءة العربي 2018” بدولة الإمات العربية المتحدة ، فالمسابقة “استضافتها إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في حفل حضره الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ،رئيس الوزراء بدولة الإمارات ،  حاكم دبي وسط حضور واسع من الشخصيات الرسمية وكذا الوفد المغربي المرافق لها برئاسة سفير المملكة المغربية بدولة الإمارات العربية المتحدة وذلك بمقر دار الأوبرا بدبي.
وأضاف بيان الوزارة « يهدف مشروع ” تحدي القراءة العربي”، الذي انخرطت فيه الوزارة منذ سنة 2015، والذي يأخذ شكل منافسة للقراءة، إلى تنمية حب القراءة لدى جيل الأطفال والشباب في العالم العربي، وغرسها كعادة متأصلة تعزز ملكة الفضول وشغف المعرفة لديهم، وتوسع مداركهم بما يساعدهم على تنمية مهاراتهم في التفكير التحليلي والنقد والتعبير ، كما يتوخى هذا المشروع الثقافي والتربوي، تمكين الأسر في العالم العربي من الإسهام في تحقيق هذه الغاية وتأدية دور محوري في ترسيخ حب القراءة في وجدان الأجيال الجديدة، فضلا عن سعيه إلى تطوير مناهج تعليم اللغة العربية في الوطن العربي بالإفادة من نتائج تقويم البيانات المتوافرة في المشروع»
وقالت الوزارة في بيانها أنها « عملت هذه السنة على تعميم هذه المسابقة على جميع المؤسسات التعليمية، كما اتخذت إجراءات تنظيمية خاصة بتنظيمه حيث شارك في تصفياتها الثلاثة الأولى المنظمة على صعيد جميع المؤسسات والمديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية، 597 ألف و434 تلميذ وتلميذة يمثلون 2612 مؤسسة تعليمية؛ بالإضافة إلى الإقصائيات الوطنية التي تم تنظيمها أيام 11و12 و13 أبريل 2018  بمدينة وجدة، تحت إشراف لجنة تحكيم من فريق التحدي من دبي، والتي تبارى فيها 92 تلميذا وتلميذة يمثلون مختلف الأكاديميات الجهوية»
وأبرز  وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المغربي ، سعيد أمزازي، إن التلميذة مريم أمجون أصبحت "مصدر فخر للمغرب وللمدرسة المغربية" ،وأكد  في كلمة خلال حفل تكريمي على شرفها إنتظم بمقر الوزارة ،  أن تتويج أمجون بطلة النسخة الثالثة من المسابقة الدولية لـ"تحدي القراءة العربي" سيسمح للمغاربة "باستعادة الثقة في النظام التربوي"، معربا  عن أمله في أن تشهد الدورات المقبلة للمسابقة  مشاركة تلاميذ مغاربة آخرين يمكنهم بدورهم تمثيل المملكة بشكل مشرف.
 من جهتها، أعربت مريم أمجون عن سعادتها الكبيرة بالفوز بمسابقة "تحدي القراءة العربي"، قائلة إن الفضل في بلوغ هذا الإنجاز يعود الى أسرتها لاسيما والديها اللذين يعملان في مجال التدريس.
وأوضحت  إنها سعيدة بهذا التتويج الذي يعود الفضل فيه إلى والديها الذين يشتغلان في حقل التدريس بمنطقة تيسة، والذين حرصا على تنوير طريقها وصقل موهبتها وإشباع نهمها في القراءة.
وأردفت  أن هذا اللقب، “سيعطيها نفسا جديدا لتحقيق المزيد من النجاح وسيجعلها تقبل أكثر على القراءة بشغف ونهم كبيرين”، مشيرة إلى ان القراءة بالنسبة إليها تعني صناعة المجد وهو ما تحقق لها بفضل مشروع تحدي القراءة العربي، داعية الاطفال والشباب العربي إلى الاقبال على القراءة والإبداع لكونهما السبيل الاوحد إلى المضي نحو العلا.
وبدوره، أعرب الحسن أمجون والد مريم، عن سروره ببلوغ ابنته المراحل النهائية لمسابقة ” تحدي القراءة العربي، مبرزا أن تتويج طفلته بلقب التحدي، المشروع المعرفي الأكبر من نوعه في الوطن العربي، يشكل مفخرة له ولأسرته وللمغرب البلد الذي يزخر بالطاقات الواعدة.
وقال إن مريم متفوقة جدا في دراستها، ومهووسة بقراءة الكتب والقصص والمجلات الفكرية، لافتا إلى أن هذا الهوس مكنها من قراءة 200 كتاب في مختلف المعارف والعلوم وفي وقت جد وجيز.
وأشار إلى أن هذا التتويج، هو احتفاء بكل المغاربة الشغوفين بالقراءة، مشيدا بالجهود التي بذلتها مريم وكذا مؤطروها في مجال القراءة الذين رافقوها طيلة مراحل المسابقة.
وكشفت الأم  ، إن  إبنتها  “بدأت قراءة الكتب في عمر 5 سنوات، وتحب القراءة وتلخيص الكتب، لذلك فضلت المشاركة في تحدِّي القراءة العربية”.
الى ذلك ، أكد فؤاد شفيقي مدير المناهج بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، والمنسق الوطني ل”مشروع تحدي القراءة العربي” أن مريم أبانت عن مستوى متميز طيلة مراحل المسابقة”، مبرزا أن فوزها باللقب سيشجع التلاميذ على مزيد من القراءة لما لها من أثر ايجابي في مجال اكتساب اللغة والرفع من مستواهم الثقافي والمعرفي.
وأشار الى أن مشروع “تحدي القراءة العربي” يخدم أهداف المدرسة بشكل مكمل، كما ان تتويج الطفلة مريم يشكل تثمينا للمدرسة العمومية، مذكرا بأن الوزارة قامت في إطار مواكبة المشروع خلال السنتين الماضيتين بتوزيع 550 ألف كتاب في مجالات العلوم والتاريخ والادب وغيرها لتحفيز النشئ على القراءة.
وتولت وسائل الإعلام المغربية المرئية والمسموعة والمقروءة والألكترونية تغطية الحدث بإهتمام كبير ، وإعتبرت فوز مريم أمجون بلقب بطلة تحدي القراءة العربي فخرا للشعب المغربي ، ودرسا يستحق أن يطلع عليه جميع التلاميذ والمربين والأولياء والمسؤولين
الى ذلك ، احتفت عمالة  ( محافظة ) إقليم تاونات،  بالبطلة المغربية  وسط حضور شعبي ورسمي كبير غصت به القاعة الكبرى لملحقة عمالة تاونات تزامنا مع الإحتفال بالذكرى الـ43 لتنظيم المسيرة الخضراء.
وتميز هذا الحفل، الذي سبقه استقبال البطلة مريم أمجون، رفقة أبويها، من قبل كل من عامل إقليم تاونات، سيدي صالح داحا، بمقر العمالة، والمدير الإقليمي للتعليم بتاونات، عبد الحق الناصري، بمقر المديرية، (تميز) بتسليم التلميذة المتميزة  عدة هدايا احتفاء بحصدها المرتبة الأولى في مسابقة "تحدي القراءة العربي".
وأعرب الحاضرون عن إعتزازهم وفخرهم بالفوز الباهر  الذي حققته إبنة المنطقة ، وعن شكركم العميق لدولة الإمارات العربية المتحدة ، وللشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، صاحب مشروع « تحدي القراءة العربي » الذي بات يمثل دافعا للجيل الصاعد في كل البلاد العربية للإقبال على القراءة والمطالعة والتمسك بلغة الضاد كرمز للهوية والإنتماء ، وعنوان للحضارة العربية بماضيها التليد وقدرتها على ملاحقة العصر  وسبر أغوار المستقبل برؤية متقدمة في التفاعل مع العلم والتقنيات ، وإحتواء الفنون والأداب والإنسانيات
وألهمت مريم أمجون التي أطلق عليها ناشطون لقب « أيقونة  الأمل المغربي » الفنانين والشعراء المغاربة ، عددا من الإعمال الإبداعية ، حيث أنجز  الفنان العالمي المغربي  عبد القادر بلبشير لوحة زيتية  تجسد  لحظة تكريمها من قبل  الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ،نائب رئيس دولة  الإمارات ،رئيس مجلس الوزراء ، حاكم دبي ، وقال أنها إختار أن يهديها للطفلة التي مثلت حلما جميلا ينبيء بمستقبل أفضل
كما دون عدد  من الشعراء المغاربة ، جملة من القصائد البليغة ، التي حملت عبارات التهاني مع التأكيد على أهمية النجاح ، ووظيفة القراءة والتعليم في بناء أجيال تواقة للغد الأرقى والأنقى والإجمال ، ومن ذلك قصيدة كتبها  شاعر مراكش عبد المجيد آيت عبو تحت عنوان « طوبى لبرعمة الكتاب » جاء في مطلعها :
طُوبَى لِبُرْعُمَةِ الكِتَابِ تَرَنَّمُ
بِصَدَى الحُرُوفِ اليَانِعَاتِ تُتَمْتِمُ
طُوبَى لِشَمْعَةِ جَهْلِنَا إِذْ نَوَّرَتْ
فَلَكِ الـمَفَاخِرُ وَالثَّنَا يَا مَرْيَمُ
حَيُّوا بِتِيجَانِ الـمَهَابَةِ مَرْيَمًا
فَبِمِثْلِهَا أَوْطَانُنَا تَتَقَدَّمُ