ارتفاع حدة النزاع المسلح في ليبيا ساهم بشكل كبير في التأثير سلبا على الطفل الذي  تحول إلى ضحية للاقتتال الدامي. وتتجلى مظاهر انتهاك الطفولة خاصة من خلال تزايد التحذيرات من تنامي ظاهرة تجنيد الأطفال وإقحامهم داخل النزاع المسلح، إضافة إلى جملة من الانتهاكات الأخرى خاصة النفسية منها.

بوابة إفريقيا أرادت تسليط الضوء على ملف الطفولة في ليبيا فكان لها اللقاء التالي مع الممثل الخاص لمنظمة اليونيسيف في ليبيا غسان خليل.

يتزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن تجنيد الأطفال وإقحامهم في النزاع المسلح.كيف تتابعون الموضوع؟

نحن صراحة في منظمة اليونيسيف قلقون جدا من قضية  إقحام الأطفال في الاقتتال مع الميليشيات المسلحة، ولذلك أطلقنا في ماي الماضي حملة وطنية تحت عنوان معا من أجل الأطفال وهي حملة بشكل أساسي مع البلديات، وتهدف الحملة إلى عدم إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، وبلغ عدد البلديات المتجاوبة معنا منذ انطلاق الحملة إلى الآن 19 بلدية من أصل 90 حيث قامت هذه البلديات بالتوقيع على مذكرة تعاون مع اليونيسيف. ومؤخرا أصدرت بلدية الزنتان قرارا مهما جدا نتيجة لهذه الجهود التي بذلناها معا وهو قرار بعدم إشراك أي طفل في النزاعات المسلحة، كما أنشأت مركزا لتأهيل وإعادة إدماج الأطفال في المجتمع والمدارس، ويخدم هذا المركز أيضا الشباب الذين كانوا مقاتلين عندما كانوا أطفالا، ونحن نقف إلى جانب البلدية في اتخاذها لهذا القرار التاريخي وبدأنا بتدريب الفريق الذي سيعمل على إعادة تأهيل وإدماج الأطفال في المجتمع والمدارس، و ندعو جميع الجهات في ليبيا أن يحذو حذو مدينة الزنتان التي فهمت أن المكان الطبيعي للأطفال هو المدارس وليس جبهات القتال.

طيب البلديات الأخرى لماذا لم تتجاوب مع حملتكم؟

عندما تحدث أي مشكلة بحاجة إلى وقت لكي تحل، هذه المشكلة موجودة في ليبيا فكل إنسان لم يتجاوز 18 سنة هو طفل حسب اتفاقية حماية الطفل التي أمضت عليها ليبيا سنة 1993، هناك بلديات تجاوبت أسرع من الأخرى وبلدية الزنتان كانت سباقة. هذا التجاوب متفاوت وندعو الجميع للإسراع في اتخاذ قرار كهذا.

لماذا تواصلتم مع البلديات فقط ولم تتعاملوا مع القبائل أو الأجسام الممثلة لها خاصة وأننا نعرف أن طبيعة المجتمع الليبي قبلية بالأساس؟

نحن لدينا 3 شركاء أساسيين في ليبيا، الشريك الأول هو السلطات الحكومية، والثاني هي منظمات المجتمع المدني أما الجهة الثالثة فهي البلديات، ونحن نتواصل مع المجتمع  وجميع مكوناته الثقافية والاجتماعية من خلال المنظمات غير الحكومية ولدينا شراكات مع عديد المنظمات غير الحكومية من أجل إنشاء الدعم النفسي الاجتماعي للأطفال.

حسب متابعتكم ما هي الأطراف أو المدن التي ترتفع فيها هذه الظاهرة أكثر من أخرى؟

نحن اكتشفنا من خلال حوارنا مع شركائنا وجود هذه المشكلة في جميع أنحاء ليبيا، وكل الأطراف المتصارعة تقوم بتجنيد الأطفال، لكننا لا نستطيع أن نحدد أو نعطي أرقاما بشكل دقيق، ونحن نقول أن الليبيين هم المطالبين بتقديم أرقام واضحة بخصوص هذه الظاهرة، نحن ندعم الجهات التي تتخذ القرار بوقف إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة وندعو جميع الجهات للتوقف فورا عن تجنيد الأطراف.

عمل الأطفال ظاهرة غالبا ما ترتفع حدتها  في ظل النزاع المسلح ،هل تعاني ليبيا اليوم من هذه الظاهرة؟

صراحة الأكيد أن ليبيا بما تعيشه اليوم من وضع اقتصادي صعب ساهم في خروج بعض الأطفال للعمل لكن لا أعتقد أن ذلك تحول إلى ظاهرة ولم تصلنا معلومات بخصوص ذلك، ولكن الانخراط في النزاع المسلح يعتبر شكل من أسوأ أشكال عمل الأطفال وتصنفه القوانين الدولية كجريمة ضد الإنسانية، وبالتالي كل شخص يجند الأطفال يصبح متهما بالضلوع في جريمة ضد الإنسانية وهي جريمة لا تسقط مع مرور الزمن.

 تعاني ليبيا اليوم من تدهور الوضع الصحي كيف تتعاملون مع هذا الوضع لضمان توفر العلاج للأطفال؟

الأسبوع الماضي أرسلت اليونيسيف إلى مطار إمعيتيقة طائرة محملة بمليون ونصف طعم ضد شلل الأطفال وذلك بسبب التعقيدات السياسية والإدارية التي تعاني منها ليبيا جراء الانقسام السياسي و أدت إلى نقص في الأدوية. نحن في الأمم المتحدة أطلقنا خطة الاستجابة الإنسانية من أجل تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية للمجموعات المعرضة للضرر في ليبيا بمبلغ يقدر ب166 دولار لكنه لم يتوفر منه سوى 10%  وهنا أكرر ندائي للدول المانحة بأن تدعم ميزانية خطة الاستجابة الإنسانية كي تستطيع وكالات الأمم المتحدة تلبية الحد الأدنى للاحتياجات الإنسانية.

تتعالى الأصوات المحذرة منذ فترة من تأثير الحرب على نفسية الأطفال في ليبيا. هل لديكم برامج موجهة لمعالجة هذا المشكل؟

سبق وأصدرنا تقريرا يوضح أن هناك حوالي 270 ألف طفل من بنغازي وطرابلس في حاجة إلى الدعم النفسي الاجتماعي وهذا الرقم تقريبي من خلال تعاملنا مع شركائنا وهذا الدعم يبدأ باللعب.

نحن لدينا شراكات مع جمعيات غير حكومية ونطبق برامج دعم نفسي واجتماعي لتحسين نفسية الأطفال وليشعروا أنهم أطفال أسوياء خاصة في ظل مشاهد العنف المتكررة أمامهم والتي يمكن أن ترسخ لديهم بأنها الحل الوحيد لفض النزاعات. نحن كمنظمة اليونيسيف أقمنا مساحات صديقة للطفل تؤمن فهم جيد لمفهوم حقوق الطفل ومقاربة سلمية لحل النزاعات.ودربنا أكثر من 50 جمعية على كيفية التعرف إلى حالات الأطفال التي تحتاج لعلاج نفسي متخصص أي عيادي وبالتالي يحالون إلى جمعية تهتم بهم وتقدم لهم العلاج النفسي المتخصص.

بالأمس وصل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق إلى طرابلس. ما هي خطتكم المستقبلية ومتى ستعودون لمكتبكم في طرابلس؟

ندعو الفرقاء الليبيين للتوصل إلى صغة توافقية توقف النزاع المسلح في ليبيا لأن أول المتضررين من الحروب هم الأطفال. وبخصوص عودتنا نحن على أتم الاستعداد للعودة ،أنتم تعلمون أننا غادرنا طرابلس في يوليو 2014 بسبب تنامي أعمال العنف التي وصلت حتى لأمام مكاتبنا ومقراتنا نحن نتطلع للعودة اليوم قبل غد إلى طرابلس ولكن عودتنا تبقى رهينة انتفاء الاقتتال المسلح في المدينة.