ماذا لو قرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إرسال قوة عسكرية قتالية من جيشه الى ليبيا ، « من أين ستدخل تلك القوات الى العمق الليبي وكيف ؟ »
الإحتمال الأول هو البحر ، بمعنى أن تقوم سفن حربية تركية بنقل الجنود والعتاد نحو موانيء الساحل الغربي الليبي الخاضع لسيطرة الميلشيات وخاصة مصراتة وطرابلس والخمس وزوارة ، لكن رئيس أركان البحرية في الجيش الوطني الليبي، اللواء فرج المهدوي،كان أعلن إن ليبيا واليونان اتفقتا على سدّ الممر البحري الرابط بين جزيرة "كريت" اليونانية والحدود البحرية الشرقية لليبيا، أمام السفن التركية، خاصة القادمة إلى غرب ليبيا والمحملة بالآليات والأسلحة والدواعش ، مشيرا الى أن "هناك تنسيقاً كبيرا بين اليونان وليبيا من أجل مراقبة حركة السفن التركية، وسيتم التدخل من الطرف اليوناني لاحتجاز أيّ سفينة تركية تخترق السواحل اليونانية، ومن طرفنا لضربها وإغراقها إذا ما حاولت تخطي المياه الليبية للوصول إلى موانئ غرب ليبيا خاصة ميناء مصراتة".
ويخشى المراقبون أن يشهد البحر الأبيض المتوسط إنفلاتا أمنيا بسبب التهور التركي ، حيث قرار أنقرة بنشر الجنود والسلاح في غرب ليبيا ، يتعارض مع قرارات مجلس الأمن ، ويمثل تحديا لدول الإتحاد الأوروبي ومنها اليونان وقبرص الداعمتين للجيش الوطني الليبي ، ومصر التي أقرت "عددًا من الإجراءات على مختلف الأصعدة لمواجهة تهديدات الأمن القومي المصري الناتجة عن التدخل العسكري التركي في ليبيا"، وفقًا لما أعلنته الرئاسة المصرية في بيان لها ، وحذرت من مغبة أي تدخل عسكري تركي في ليبيا وتداعياته، وأكدت أن "مثل هذا التدخل سيؤثر سلباً على استقرار منطقة البحر المتوسط، وأن تركيا ستتحمّل مسئولية ذلك كاملة".
وكان المتحدث بإسم القيادة العامة للجيش الليبي أحمد المسماري قال أن "الأوان أن لتدخل تركيا مباشرة المعركة بجنودها وضباطها، والمناطق المرتقبة لإنزال الأتراك نعرفها. يحاولون جعل مصراتة منطقة هبوط وإبحار رئيسية، واستغلال ميناء الخمس البحري المدني لاستقبال السفن التركية والقوات التركية، وتحويل مطار معيتيقة وميناء طرابلس لاستقبال القوات التركية، ومطار زوارة وبعض مرافئ الصيد غرب طرابلس".
وتوعد المسماري برد قوي في حال تمت أية عمليات إنزال، قائلا: "قواتنا الجوية تقوم بالاستطلاع المسلح في كامل المنطقة. تم تدمير مجموعة من الميليشيات، وقمنا بشن ضربات في مصراتة، وهذا الموقف الجوي بالكامل يهدف لتدمير قدرات الميليشيات ومحاولاتهم للمناورة والتحرك، ومنعهم من استقبال قوات تركية".
ويبدو نقل الجنود والسلاح عبر البحر الى موانيء غرب ليبيا مغامرة غير مأمونة العواقب بالنسبة للأتراك ، خصوصا وأن كافة تلك الموانيء موجودة في مرمى أهداف سلاح الجو الليبي ، كما قد يمثّل حرجا بالغا لحكومة السراج أمام ما تبقى لها من أنصار في مناطق نفوذها ، حيث أن الأغلبية الساحقة من الليبيين ترفض وبشدة أن تقف على مشهد سفن أجنبية ترسو على سواحل بلدها بقوات إحتلال جديد ، وهو ما دفع بعدد من المحللين الى الحديث عن إمكانية أن تكون تونس محطة أولى لرسو السفن التركية ، قبل أن يتم نقل شحناتها والجنود الموجودين على متنها عبر البر أو المراكب الصغيرة الى غرب ليبيا ، ورغم أن الرئيس التونسي قيس سعيد نفى أن يكون الرئيس التركي رجب طيب أدروغان قد تطرق معه خلال زيارته الأخيرة الى تونس الى هذا الأمر ، إلا أن أردوغان أكد أنه وجد موافقة لدى السلطات التونسية لدخول تحالف معه ومعه الحكومة السراج ، وهو ما دفع بقوى المعارضة في تونس والناشطين في جنوبها الى اعلان الإستعداد لمنع تحويل البلاد الى معبر للجنود والأسلحة من تركيا الى طرابلس كما حدث في العام 2011
هناك إحتمال آخر ، وهو أن يتم نقل الأفراد والسلاح من تركيا الى ليبيا عبر الجو ، وتحديدا نحو مطاري الكلية الجوية مصراتة وقاعدة معيتيقة بطرابلس ، الذين سبقا أن تعرضا لعشرات الغارات الجوية من قبل طيران الجيش خلال الأشهر الماضية ، كما أكدت القيادة العامة للقوات المسلحة أن سلاح الجو مستعد لقصف أية طائرة عسكرية أجنبية تحط في الأراضي الليبية ، وهو ما جعل عمليات نقل المرتزقة والأسلحة خلال الفترةالماضية تتم عبر رحلات مدنية سواء للخوط الجوية الليبية أو الخطوط الإفريقية أو لشركة « الأجنحة » التي يملكها الإرهابي عبد الحكيم بالحاج
وكان سلاح الجو الليبي أعلن سيطرته على الأجواء في المنطقة الغربية ، وهو ما يعني قدرته على التصدي للطائرات التركية في حال هبوطها بمطاري مصراتة وطرابلس ، لكن حكومة السراج أعلنت أن من بين العتاد التركي الذي يصل الى مناطق نفوذها أسلحة دفاع جوي متطورة ، ترجح بعض المصادر أن تسبق وصول الطائرات التركية
وما عدا ذلك ، فإن الحدود البرية الليبية مع مصر والسودان وتشاد والنيجر والجزائر تعتبر مؤمنة كرنها أول خاضعة لسيطرة الجيش الوطني ، بينما تبقى الحدود مع تونس وحدها الخاضعة لسيطرة الميلشيات