في شهر ابريل من عام 1994، جنحت رواندا نحو جحيم الحرب الأهلية، بين قبيلتي التوتسي والهوتو، اللتين تنتمي إليهما الغالبية العظمى من الشعب الرواندي. وكانت حصيلة تلك الحرب ما يزيد على 800000 ضحيّة. وبعد عشرين سنة من تلك المجزرة، يقدّم المغني والمؤلف الموسيقي الرواندي، بنجامان روتابانا، الذي ينتمي إلى قبيلة التوتسي.

والمقاتل السابق في صفوف «الجبهة الوطنية الراوندية» التي يتزعّمها الرئيس الراوندي الحالي، بول كاغام، شهادته حول ما عاشه وشاهده من رعب وقتل، خلال فترة الحرب الأهلية الطاحنة بين التوتسي والهوتو، وذلك في كتاب يحمل عنوان «من جحيم إلى جحيم». وتشارك معه في تحرير هذا الكتاب، الصحافية الفرنسية كاترين بوتور ـ بايار.

ويعود روتابانا بداية، إلى شهر مارس من عام 1991، عندما تنشّق هواء الحريّة من جديد بعد ستة أشهر أمضاها في سجون النظام، الذي كان قائماً في البلاد منذ عام 1959 إذ نصّبته السلطات الاستعمارية قبل جلائها عن البلاد.

قرر السجين السابق «الخارج من سجون النظام الاستبدادي»، كما يقول، أن يلتحق عندها بـ «الجبهة الوطنية الرواندية» التي أنشأتها آنذاك، مجموعة من المنفيين من قبيلة التوتسي، الذين قدموا من أوغندا حيث كانوا يوجدون.

كان قراره في الانخراط بتلك القوّة التي أسسها «توتسيون» مثله، تحقيق الخلاص من النظام القائم في كيغالي، عاصمة رواندا. لكنه أدرك بعد ذلك أنه انتقل في واقع الأمر من «جحيم إلى جحيم»، كما جاء في عنوان الكتاب. ويصف المؤلف نفسه أنه أحد «الناجين» من مجزرة رواندا لعام 1994، وأحد «الناجين» أيضاً من «جحيم» النظام الذي قاتل من أجل قيامه.

ويؤكّد بنجامان روتابانا، أنه واجه الموت مرّات عدة في حياته. كانت المرّة الأولى عام 1973 عندما وقعت مذبحة ضد أفراد قبيلة «التوتسي»، وكان عمره آنذاك ثلاث سنوات فقط.

ومرّة ثانية، عندما كان في أقبية السجون في مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي . ومرّة غيرها، حين قاتل في صفوف الجبهة الوطنية الرواندية. وكانت المرّة الأخيرة، بينما قاتل ضد النظام الذي أقامه رئيس الجبهة نفسها بول كيغام، الذي «جنح بحكمه سريعاً، نحو الدكتاتورية»، متنكّراً.

كما يقول المؤلف، للمبادئ التي كان كُثر قد دفعوا حياتهم ثمناً لها. ما يؤكده صاحب هذه الشهادة بأشكال مختلفة في كتابه، هو أنه لم يخش أبداً مواجهة المخاطر من أجل الدفاع عن القيم التي دفع عدد من أفراد عائلته ثمناً لها، خلال المجزرة الأخيرة .

يشرح المؤلف على مدى العديد من الصفحات، كيف أن المسؤولين عن تأهيلهم للقتال في معسكرات التدريب للقيام بما ينبغي أن يقوموا به، كانوا «ينقضّون عليهم كما تنقضّ الأسود على قطيع من الغزلان». كانت التدريبات المضنية تستمر لساعات طويلة، بحيث إن «البعض منّا نسوا أسماءهم تماماً»، كما نقرأ.

ويروي المؤلف أنه كان من الممنوع عليهم أن يتحدثوا أية لغة غير السواحلية. ولا يتردد في توصيف الطرق التي كانت متبّعة في معسكرات التدريب، بأنها «دموية». وكانت غايتها الأولى هي الإذلال بطرق مختلفة.

 المؤلف في سطور

 بنجامان روتابانا. من مواليد رواندا عام 1970 . وهو موسيقي ومؤلف أغان ومغنٍ مشهور. يحظى بشعبية كبيرة لدى أوساط الشباب في بلاده. كان أحد المقاتلين في صفوف «الجبهة الوطنية الرواندية» التي يتزعّمها بول كاغام، الرئيس الراوندي الحالي. ينتمي روتابانا إلى قبيلة التوتسي. وكان مشاركاً وشاهداً على المجزرة الرهيبة في بلاده . يعيش منذ سنوات في المنفى.

 الكتاب: من جحيم إلى جحيم

تأليف: بنجامان روتابانا

الناشر: بوك إيديسيون (فرنسا)- 2014

الصفحات: 295 صفحة

القطع: الصغير

 

De lصenfer a lصenfer

Benjamin rutabana

Books Edition(France)- 2014

295 pp

-البيان