قال السفير البريطاني في الأمم المتحدة مارك ليال غارنت على «العربية اليوم » إنّ مليشيات مصراتة هي الوحيدة التي تقاتل داعش الآن في ليبيا، وأنّ قوات الجيش فشلت في مجابهة التنظيمات المتشدّدة في مدينة بنغازي على مدار السنة، وأنّ لا خيار أمام الليبيين إلاّ بالرضوخ إلى مبادرة مبعوث الأمم المتحدة للدعم برناردينو ليون والقاضية بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كل الفعاليات بمن فيها مليشيات فجر ليبيا. تصريح السفير البريطاني لم يخفِ بين طيّاته وثناياه مفارقات خطيرة مبنيّة على رؤية يعتمدها الغرب تجاه الأزمة الليبية والتي تعتمد سياسة شدّ العصا من الوسط، حيث تندّد هذه الدول بالممارسات وانتهاكات المليشيات المسلّحة والتنظيمات الإرهابيّة المنتمية إلى تنظيم الدولة الإسلامية من ناحية، وتعرقل الدعوات المحلية من الحكومة المعترف بها دوليا والخارجية « دول الجوار » و « جامعة الدول العربية » المطالبة برفع حظر التسليح عن الجيش الليبي ودعمه في مجابهة خطر تمدّد الإرهاب. من المفارقات أن يتحدث السفير البريطاني عن عجز الجيش الليبي في مكافحة الإرهاب والتشدّد في حين تسدّ هذه الدول جميع المنافذ أمام قيام دولة قوّية وجيش يحمي الحدود البرّية والبحريّة والجوّية من كل الخروقات، وتعمل على ابتزاز الحكومة الشرعيّة عبر تقييد خياراتها السياسية والإدارية التي كان آخرها محاولة فرض الولايات المتحدة الأمريكية تغييب اللواء خليفة حفتر عن المشهد الليبي مقابل تسهيل عملها وتسيير عمليات التمويل. إنّ السياسة الغربية « الميكيافيلية » القائمة على نظرية بنية تبادل المصالح وتسجيل النقاط قد تغرق ليبيا في فوضى عارمة نتيجة سوء تقدير وتوصيف الحالة الليبية ومحاولة بعض الأطراف الخارجية المساواة بين الشرعي والمنحلّ ورغم أنّ الاستخبارات الغربية أكّدت في مناسبات عدّة ارتفاع أعداد المتطرفين الإسلاميين المتسللين إلى ليبيا، وظهور جماعات هناك على علاقة بما يعرف بتنظيم “الدولة الإسلامية”، أو أنها على الأقل متعاطفة مع فكرة إقامة خلافة تسيطر على أكبر مساحة ممكنة من شمال أفريقيا، فإن بعض الدول الأوروبية وعلى رأسهم بريطانيا تحاول عرقلة مشروع مصر الذي قدّمته الأردن إلى مجلس الأمن بشأن مواجهة الإرهاب وتنظيم ما يعرف بدولة الخلافة ولاية طرابلس المتسبب في عمليات خطف وقتل كان آخرها ذبح 21 مصريا قبطيا اختطفوا من مدينة سرت. بات مكشوفا للعيان أنّ بعض الدول الأوروبية تسعى إلى فرض الإخوان المسلمين في ليبيا والمليشيات المنسوبة إليها في الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة، وذلك بدعم من دول خليجية « قطر » تعمل على إبقاء الإسلام السياسي في ليبيا بعد أن رفض في كل من تونس ومصر، وهو ما يفسر تلكـأ لندن في الإفصاح عن نتائج التحقيقات لجنة « جنكينز » في تمويل جماعة الإخوان لمجموعات متشدّدة في العالم العربي. تبقى السياسة التي تنتهجها بريطانيا وغيرها من الدول الرافضة لدعم الجيش الليبي في مواجهة الإرهاب محلّ شكّ بعض المراقبين خاصة وأن لندن وواشنطن حرصتا على محاربة داعش في سوريا والعراق متغاضية عنه في ليبيا؟! بينما يجيب آخرون إن الأمر أبسط ممّا تتخيلون فهم يقولون لكم تأخونوا أو تدعشنوا وفيهما أنتم مخيرون.