طالبت اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، بفتح تحقيق شامل في ملابسات  المشاهد التي بثتها وسائل إعلام تظهر قيام عناصر أمن وآليات أمنية تحمل شعار وزارة الداخلية من الجانب الليبي، بنقل مهاجرين غير نظاميين على متن الآليات الأمنية إلى النقطة الحدودية الفاصلة بين البلدين من جانب منفذ رأس اجدير الحدودي، وتسهيل دخولهم إلى الحدود التونسية.

دعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا في بيان لها النائب العام بفتح تحقيق شامل في ملابسات الواقعة مع وزير الداخلية المكلف وآمر منفذ رأس اجدير الجدوي بعتبارهما المسؤول المباشر على الواقعة المرتكبة، وذلك بأعتبارها تنطوي على مُمارسات غير مسؤولة، وتشكلُ جرائم يُعاقب عليها القانون الوطني والقانون الدولي الانساني، ولكونهم قد أضروا بهذه الممارسات بالمصلحة العامة ومقتضياتها والمصلحة العُليا للدولة، وكما أنّ الواقعة المّرتكبة تُحمل الدولة الليبّية مُسؤوليات قانونية وإنسانية جمه على عاتقها وهي في غنى عنها

وأعربت اللجنة عن شديد إدانتها واستنكارها إزاء الواقعة السالفة الذكر والتي تمثل إساءة لاستعمال السُلطة وانحراف بها عن مقاصدها، وخروج عن مهامهم المناطة بهم وهي تأمين وحماية المنفذ الحدودي، وكما تُشكل انتهاكًا جسيما للقانون الدولي الانساني بالنظر إلى ما ترتب ذلك عليه من مخاطر على سلامة وحياة المهاجرين جراء عملية إعادة المهاجرين غير النظاميين ونقلهم وتسهيل إعادتهم إلى تونس وهو ما يتعارض مع مبدأ ومسؤوليات الحماية الإنسانية للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، المُلقاة على عاتق الدول والحكومات التي يوجد بها المهاجرين.

وأكدت اللجنة أنّ هذه الممارسات المشينة واللامسؤوله بحق المهاجرين من خلال نقلهم وتسهيل دخولهم إلى الجانب التونسي بهذه الطرق غير المشروعة والخطرة من قبل عناصر أمن تابعين لوزارة الداخلية يشكل انتهاكًا فاضحا وخطير للقانون الدولي الانساني، ومخالفةً فجّة لالتزاماتها القانونية والأخلاقية ذات الصلة، والتي تفرض عليها توفير الحماية للمهاجرين، وللالتزامات الدولية الملقاة على عاتق السُلطات الليبية، وهو ما قد يعرض مرتكبيها إلى الملاحقة القضائية على المستوي الوطني والدولي

وحملت اللجنة وزير الداخلية المُكلف وآمر منفذ رأس أجدير الحدودي مع تونس المسؤولية القانونية الكاملة حيال هذه الواقعة المشينة التي ارتكبت من قبل عناصر أمن بآليات أمنية تحمل شعار وزارة الداخلية.

وذكرت اللجنة الوطنية لحقوق الانسان بليبيا، السلطات الليبية بمسؤوليتها تجاه المهاجرين المتواجدين على أراضيها، حيثُ تنص إتفاقية منظمة الوحدة الافريقية حول النواحي الخاصة بمشاكل اللاجئين في أفريقيا لسنة 1969 على أنه "لا يجوز أن يتعرض أي شخص من قبل دولة عضو لتدابير مثل رفض الدخول على الحدود أو الإعادة القسرية أو الطرد التي من شأنها أن تلزمه بالعودة أو البقاء في إقليم حيث تكون حياته أو سلامته الجسدية أو حريته مهددة للأسباب المذكورة في المادة 1, الفقرتين 1 و 2" وبالتالي، فإن عمليات الترحيل إلى ليبيا، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها دولة آمنة لإعادة المهاجرين إليها، لا تمتثل للقانون الدولي والإقليمي ومبدأ عدم الإعادة القسرية. ونود أن نشير إلى أن عمليات الطرد التعسفي الغير القانونية التي تقوم بها الدولة قد أصبحت ممارسة شائعة".

وشددت اللجنة على أن معاناة المهاجرين العالقين على الحدود الليبية - التونسية مُؤلمة جداً، وتحتاج إلى حل جذري وشامل وفقًا لمقاربة ورؤية إستراتيجية شاملة وتعاون فيما بين البلدين، تنطلق من منطلقات إنسانية وقانونية وأمنية، بما يُسهم في إنهاء هذه المأساة الإنسانية التي باتت تستخدم كأداة ابتزاز سياسية دولية ضد البلدين، عوضاً عن كونها تجارة رابحة لبعض تُجار البشر المحليين والدوليين، مما يستوجب على الحكومتين التونسية والليبية الوقوف بجدية لمعالجة هذا الملف الشائك والمعقد بما يحفظ أمن البلدين، وكذلك بما لا يُضر بحقوق الإنسان أو يمس بها، وبما يتوافق مع قواعد القانون الدولى الإنساني والتزامات الدولتين.

وبينت اللجنة أنه يتوجب على السُلطات الليبية والتونسية العمل المشترك فيما بين البلدين على مُعالجة هذه القضية الانسانية القائمة على الحدود بين البلدين، انطلاقًا من المسؤوليات الوطنية والإنسانية والالتزامات القانونية المُلقاة على عاتق كلا الجانبين، في إطار الحفاظ على الحياة البشرية، والإحترام الكامل للكرامة البشرية، وضمانات إحترام حقوق الإنسان والقانون الدولى الإنساني في هذا الشأن، والمواثيق الدولية ذات الصلة، بما يكفل إحترام البُعد الإنساني وضرورة احترامه، باعتبار هؤلاء ضحايا لشبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر قبل أن يكونوا مهاجرين غير نظاميين.

وطالبت اللجنــة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان بليـبيـا، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإنشاء لجنة تقصي حقائق خاصة للتحقيق في الممارسات المرتكبة بحق هؤلاء المهاجرين، بما في ذلك تحديد المسؤولين عن حملات الطرد الجماعي القسرية، والتي تسببت بوفاة عدد منهم في عرض الصحراء في المناطق الحدودية التونسية- الليبية في درجات حرارة قياسية ودون طعام أو ماء.