في أمسية طبعتها أجواء التكريم والتتويج، أسدل مساء اليوم السبت، مهرجان "أوروبا الشرق للفلم الوثائقي"، بمدينة أصيلة المغربية، الستار على فعاليات دورته الثانية، بمنح جائزته الكبرى لفيلم "ناجي العلي في حضن حنظلة"، للمخرج الفلسطيني فائق جرادة.
وجاء تتويج الفيلم الفلسطيني، بالجائزة الكبرى التي تمنحها الجزيرة الوثائقية، ليشكل ذلك انسجاما مع اختيار المهرجان لدولة فلسطين، ضيف شرف هذه الدورة التي امتدت منذ العاشر من سبتمبر/ أيلول الجاري.
كما توج المهرجان، الشريط الوثائقي "السلحفاة التي فقدت ذراعها"، للمخرجة الألمانية من أصل فلسطيني، باري قلقيلي بجائزة الإخراج، فيما حاز الفلم الإسباني "غوغل دماغ العالم" لمخرجه بن لويس على جائزة السيناريو، بينما عادت جائزة النقد إلى الشريط الوثائقي "إلتماس" للمخرج زاهوليان من جمهورية الصين، أما جائزة لجنة التحكيم، فقد ذهبت إلى الشريط الوثائقي "الغوستو" للمخرجة الإيرلندية سافيميز بوسية.
كما قررت لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان، منح تنويه خاص للمخرج المغربي أيوب يوسف نظير شريطه الوثائقي "محمد قل لي".
وقد تشكلت لجنة التحكيم، بالإضافة إلى رئيسها جمال السويسي، من كل من كمال عبد العزيز (مدير تصوير من مصر) دومينيك كرو (مخرجة أفلام وثائقية من فرنسا) خوليو أسكراطي (مصور وإعلامي ومخرج أفلام وثائقية من إسبانيا) أوفيديو سلازار (مخرج الفيلم الوثائقي “أبو حامد الغزالي” من بريطانيا).
حفل اختتام هذا الحدث السينمائي، لم يقتصر فقط على تتويج الأفلام الخمسة، بل تم تخصيص حيز مهم من فقراته لتكريم شخصيات سينمائية وإعلامية وثقافية، كالتفاتة إلى عطائها في المجالات التي أبدعت فيها على مدى فترة طويلة من حياتها.
وتم تكريم كل من الممثلة المغربية وابنة مدينة أصيلة نورة الصقلي، التي أبانت عن تألق كبير في العديد من الأعمال الدرامية المغربية، والإعلامية المغربية مليكة حاتم، صاحبة إبداعات اجتماعية وثائقية عديدة في المجال الاجتماعي.
وكان العرس السينمائي، قد انطلق بتكريم الإعلامي المصري، أسعد طهّ، الذي يعتبر من أعمدة الفيلم الوثائقي في العالم العربي.
وكان هذا المهرجان الذي ينظم للمرة الثانية بمدينة أصيلة المغربية، من جانب الجمعية المغربية للدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية، بشراكة مع المركز السينمائي المغربي قد استقبل دولة فلسطين، كضيف شرف، بفيلمين وثائقيين يرصدان واقع المعاناة الفلسطينية مع الحصار والاحتلال.
وتحفل الأجندة الثقافية في المغرب على مدار شهور السنة بعدد من الملتقيات والمهرجانات السينمائية، تتنوع بين عالمية وإقليمية وأخرى محلية، وبات لافتًا حرص المغرب على إقامة تلك الفاعليات، التي تحظى بدعم حكومي لافت، وسط جوار عربي مضطرب، يمُوج بتحولات سياسية واجتماعية متسارعة.
ونجح المغرب خلال السنوات القليلة الماضية في أن يشكّل مركز استقطاب إقليمي ودولي للصناعة السينمائية وتنظيم مهرجانات فنية سينمائية أضحت تكتسب صيتًا وشهرة عالمية، كالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ومهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة.
وكان مهرجان "أوروبا الشرق للفلم الوثائقي بأصيلة، قد احتفى في دورته الأولى بـ”إسبانيا كضيف شرف”، ويقول القائمون عليه إنهم يتطلعون من خلال تبادل الخبرات والتجارب السينمائية الوثائقية بين ضفتي الشرق وأوروبا، إلى مد جسور التواصل الثقافي والحضاري “سينمائيا” بين الشرق والغرب، وفتح قنوات التواصل والحوار بين مختلف التجارب الإنسانية التي تنقلها عدسات المخرجين الوثائقين لرواية قصص التاريخ والإنسان والحضارة التي تضجُ بها ذاكرة شعوب أوروبا والشرق.