في أعقاب سقوط نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011 عملت الإدارة الأمريكية على إعادة العمل بالاتفاقات المبرمة مع الجانب التونسي منذ العام 2002 لمكافحة ما يسمى بالإرهاب العالمي ،استأنفت الولايات المتحدة التعاون العسكري والأمني مع تونس في مجال مكافحة "الإرهاب", بعد أن توقف هذا التعاون في السنوات الأخيرة من حكم بن علي

و كان الاتفاق على استئناف التعاون  تم خلال زيارة وزير الدفاع التونسي الأسبق رشيد صباغ للبنتاغون ربيع العام 2013 ،و قبل ذلك شهدت تونس العديد من الزيارات لمسؤولين عسكريين أمركيين بينهم قائد القوات الأمريكية بإفريقيا "أفريكوم"،و في مايو 2012 زار تونس دانيال بن يمين، منسق ملف مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية. وفي البرنامج لقاءات مكثفة مع وزراء العدل والداخلية والخارجية في الحكومة التونسية.و كانت الزيارة تهدف إلى اقتراح "إنجاز أكاديمية في مجال العدالة والأمن المدني يكون مقرها بتونس"، وذلك في إطار المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، الذي تقوده واشنطن.وتم الإعلان عن بعث هذا المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب بنيويورك في سبتمبر 2011 على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويضم إلى حد الآن 30 دولة مؤسسة.و تهدف هذه الأكاديمية الأولى من نوعها في العالم"، وأن تشكل آلية لدعم مجهودات المجتمع الدولي في حربه ضد الإرهاب. عبر إشراك المدنيين في وضع تصورات وبرامج للتعاون ولتنمية القدرات في مكافحة الإرهاب.

و كان المنسق الخاص لعمليات التحول في الشرق الأوسط، التابع لوزارة الخارجية الأميركية قد كشف في تقرير له العام 2012 عن  "أن تونس والولايات المتحدة الأميركية قد استأنفتا التدريب في إطار برنامج المساعدة في مكافحة الإرهاب بعد انقطاعه لمدة سبع سنوات"،وأشار التقرير إلى أن "الأهداف الإستراتيجية لهذا البرنامج في تونس، تتمثل في تعزيز قدرات الأجهزة المعنية بإنفاذ القانون في مجال مكافحة الإرهاب على التحقيق في النشاط الإرهابي قبل وقوع حادث إرهابي وبعد وقوعه، كما يهدف البرنامج أيضا على تعزيز القدرة على إدارة الأحداث الخطيرة".وأكد التقرير الأميركي، بأن "هذه المبادرة الإستراتيجية الإقليمية تقوم، عن طريق برنامج مكافحة الإرهاب، بتوفير المعدات وتسهيل شراء مركز قيادة متنقل، ومعمل جنائي متنقل لصالح الحرس الوطني التونسي".وختم التقرير بالإشارة إلى أن "الولايات المتحدة الأميركية سوف تقوم بتقديم المساعدات الفنية والمعدات والتدريب ذي الصلة للتونسيين العاملين في مجال تطبيق القانون في الخطوط الأمامية في المطارات الجوية والموانئ البحرية وعلى الحدود الأرضية، كما ستقدم الولايات المتحدة أيضا دعما في مجال تطوير وتعزيز أنظمة شاملة لرقابة التجارة الإستراتيجية تفي بالمعاير الدولية".

و كان الجنرال ديفيد رودريغز القائد الأعلى للقوات الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) في أخر زيارة له إلى تونس قد وعد بدعم أمريكي لتونس  في تأمين حدودها ومكافحة تهريب السلاح من ليبيا المجاورة.، وكشف الجنرال رودريغيز خلال لقاء له مع رئيس الحكومة التونسية عن أن "اللقاء شكّل مناسبة للتباحث في مسائل أمنية قد تمت مناقشتها قبل ذلك مع قيادات عسكرية وأمنية تونسية، حيث تم تدارس سبل التعاون الأمني وكيفية دعم الولايات المتحدة الأميركية لتونس عبر التجهيزات والتكوين ومعاضدة جهودها الرامية لمكافحة ظاهرة التهريب خاصة الأسلحة، علاوة على بحث طرق مساعدة تونس على تأمين حدودها على كافة الواجهات"، بحسب بيان رسمي صادر عن الحكومة التونسية.وأوضح قائد القوات الأميركية بإفريقيا "أفريكوم" أن زيارته لتونس التي تعد الأولى منذ توليه مهامه، "مثلت فرصة هامة لاستحضار نجاحات الماضي بين تونس وبلاده".ونوّه بالتوازي بجهود الدولة التونسية في إطار التصدي للإرهاب.

و كان الجيش التونسي و منذ تأسيسه يعتمدا أساسا في التدريب و التسليح على الولايات المتحدة الأمريكية،و قد تواصل هذا الاعتماد بعد سقوط نظام بن علي و تدعم أكثر بعد وصول حركة النهضة إلى الحكم اثر انتخابات 23 أكتوبر 2011.فتونس و منذ فترة طويلة تتلقى دعما من الولايات المتحدة في النواحي الأمنية والعسكرية، حتى بلغ مجموع المساعدات العسكرية الأمريكية لتونس منذ 14 يناير/كانون الثاني 2011، تاريخ هروب بن علي ، ما يقرب عن 32 مليون دولار وهو تقريبا ضعف المساعدة المقدمة مباشرة قبل ذلك التاريخ، حيث تمثل المعدات العسكرية من أصل أميركي حوالي 70% من مخزون الجيش التونسي.كما سجلت تونس ومنذ  سنة 1994 حضورها في صفوف المستفيدين العشرين الأوائل من تمويل برنامج الولايات المتحدة للتعليم والتدريب العسكري الدولي ،حيث بلغت المرتبة العاشرة في إطار التمويل الإجمالي والمرتبة الأولى على الصعيد الإفريقي و قام أكثر من 4600 من العسكريين التونسيين بتلقي فرص تدريب في مؤسسات أميركية منذ الاستقلال سنة 1956، حيث قدمت منذ ذلك التاريخ أكثر من 890 مليون دولار من منح التمويل العسكري والمعدات العسكرية الزائدة إلى تونس،استنادا إلى بيانات نشرتها السفارة الأمريكية بتونس.و تعد تونس من البلدان القلائل التي لديها طلاب في جميع الأكاديميات العسكرية للولايات المتحدة بالإضافة إلى أكاديمية حرس السواحل، كما بلغت الاتفاقات المبرمة بين برنامج الولايات المتحدة للمبيعات العسكرية الخارجية و تونس أكثر من 780 مليون دولار خلال الفترة الممتدة بين 1956 و 2010 في حين بلغ التمويل العسكري الخارجي أكثر من 647 مليون دولار.

وكانت واشنطن قد جددت التزامها "بمواصلة العلاقات العسكرية القوية مع تونس، وذلك على لسان وزير دفاعها تشاك هاغل خلال اتصال هاتفي مع نظيره التونسي غازي الجريبي الشهر الماضي، ومن جهته أكد السفير الأميركي أن "بلاده متفاعلة مع متطلبات المرحلة الانتقالية بتونس"، مشيراً إلى تطبيق دعمها للجيش التونسي من خلال إمداده بالمعدات وتكثيف التمارين المشتركة.

كما أجرت تونس تدريبات مشتركة مع البحرية الأمريكية على هامش زيارة إحدى البوارج الأمريكية لتونس مطلع شهر فبراير الماضي في إطار تعاون بين البلدين يهدف للتصدي للتهريب و ضمان سلامة الحدود كما ذكرت مصادر إعلاميّة .و تأتي هذه التّدريبات في وقت كثر فيه الحديث عن الحضور العسكري الأمريكي في تونس حيث كشفت صحيفة لوفيغارو الفرنسيّة في عددها الصّادر بتاريخ 31 يناير المنقضي عن وجود قوات أمريكية في الجنوب التونسي تحضيرا للقضاء على تواجد تنظيم القاعدة في ليبيا و كانت وزارة الدفاع التونسية قد كذبت الخبر في بيان رسمي صدر في نفس اليوم .

و نقلت الصحيفة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية تونسية أن عناصر من القوات الخاصة الأمريكية المعروفة بـ"دلتا فورسز" يتنقلون في سيارات رباعية الدفع   يدربون القوات الخاصة الليبية على القتال .و قد كانت جريدة الشروق الجزائرية قد نشرت تحقيقا مدعمًا بالصور في 29 ديسمبر/كانون الثاني 2013 بعنوان "المارينز على حدود الجزائر" تحدّثت فيه عن وجود عن تمركز الأمريكان، في أربعة مواقع منها اثنان بالجنوب، بين معتمدتي بن قردان ومدنين في الجنوب الشرقي التّونسي، وأخرى في منطقة جرجيس، لمراقبة السواحل التونسية المتاخمة للمياه الإقليمية الليبية.

كما ذكرت الصحيفة أنّ جنود المارينز وأفريكوم، قد وضعوا عتادهم قبالة الحدود الجزائرية البرية، بجبال الشعانبي في محافظة القصرين، يتقدمهم ضابط سام أمريكي برتبة عقيد وخبراء في الطوبوغرافيا وأجهزة الرصد بالأقمار الصناعية.من جهتها نفت وزارة الشؤون الخارجية التّونسيّة نفيا قاطعا ما نشرته جريدة  الشروق اليومية الجزائرية حول وجود هذه القواعد العسكرية الأمريكية على الأراضي التونسية على الحدود مع الجزائر  وشددت وزارة الخارجية  في بلاغ أصدرته الثلاثاء 31 ديسمبر 2013 على أن ما أوردته الجريدة الجزائرية من أنباء في هذا الخصوص عار تماما عن الصحة.