تنطلق غدا الجمعة الحملات الانتخابية للاستحقاق الرئاسي في موريتانيا، وسط تصاعد الدعوات لمقاطعته، والتي ترافقت مع جدل سياسي وإعلامي تخللته اتهامات مباشرة موجّهة إلى الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز بعزل موريتانيا، وذلك في إشارة إلى توتر العلاقات بين نواكشوط والرباط، الّذي يُنذر بقطيعة ديبلوماسيّة بين البلدين.

وستتواصل الحملات الانتخابية لهذا الاستحقاق الرئاسي إلى غاية التاسع عشر من الشهر الحالي، على أن تبدأ فترة الصمت الانتخابي في العشرين من نفس الشهر وذلك قبل موعد فتح صناديق الاقتراع المُقرر في الحادي والعشرين من يونيو الجاري.

ورغم أهمية هذا الاستحقاق الرئاسي، فإن طيفا واسعا من أحزاب المعارضة، وشخصيات سياسية ذات تأثير ونفوذ قوي في البلاد، أعلنت مُقاطعته لأسباب مختلفة، ما يجعل الزخم الّذي رافق الإعلان عن موعده يتراجع أمام تزايد حظوظ الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز، الذي يبدو الأكثر حظا لتولي ولاية رئاسية جديدة.

ولم تُفلح الإجراءات التي اتخذها ولد عبدالعزيز، مثل؛ إعطاء الوزراء الذين لهم علاقة بالحملات الانتخابات الرئاسيّة، إجازة من العمل، وذلك في مسعى منه للتأكيد على حياد الإدارة، في محاولة للتخفيف من حدة الانتقادات والاتهامات الموجهة إليه والتقليل من حجم دعوات المُقاطعة التي ارتفعت بشكل لافت، وترافقت مع تحركات شعبية يُنتظر أن تؤثر على سير هذه العملية الانتخابية.

واختار حزب تواصل المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، من جهته، الصمت، حيث لم يُعلن إلى غاية الآن عن موقفه من هذه الانتخابات الرئاسية، رغم أن وسائل إعلام محلية مُقربة منه لم تستبعد إمكانية دعمه لأحد المرشحين، وذلك في الوقت الذي قرر فيه تحالف”المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة” المعارض، الدعوة إلى مظاهرات شعبية للتعبير عن رفض الشعب الموريتاني لما وصفه بـ”الأجندة الأحادية” للانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويبدو أن التوقعات بتضاؤل حدة المنافسة، خلال هذا الاستحقاق الرئاسي، جعلت التوتر الذي تشهده العلاقات الموريتانية-المغربية يطفو على السطح، وسط جدل مُتصاعد تداخلت فيه عوامل عديدة حولته إلى سجال سياسي وإعلامي مُرشح لأن يتفاعل أكثر فأكثر خلال الأيام القادمة.

وأخذ هذا التوتر الذي يُنظر إليه كحلقة جديدة من حلقات فتور العلاقات بين المغرب وموريتانيا، منحى خطيرا عندما عمد الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبدالعزيز إلى استقبال محمد خداد، مسؤول جبهة البوليساريو الانفصالية المكلف بالتنسيق مع بعثة المينورسو.

وأثار هذا الاستقبال الذي يؤشر على تقارب موريتاني مع جبهة البوليساريو، استياء المغرب الذي رأى في هذا التصرف تكريسا لأجواء التوتر التي تُخيم على العلاقات بين البلدين منذ نحو العامين.

وإذا كان المغرب يصر على أن علاقاته مع موريتانيا “إستراتيجية و لا يمكن أن تؤثر فيها خلافات عابرة”، فإن المراقبين لا يستبعدون أن يُساهم هذا التوتر الجديد في “قطيعة سياسية ودبلوماسية” بين البلدين، بالنظر إلى خلفيته السياسية المرتبطة بنزاع الصحراء المغربية.

 

*نقلا عن العرب اللندنية