تستعدّ الحكومة المغربية لتدشين دخول "موسم" سياسي جديد هذا العام، وُصف بالاستثنائي، والذي ينطلق في شهر سبتمبر/ أيلول من كل سنة، بالنظر إلى ملفات سياسية واجتماعية واقتصادية تتطلب الإصلاح، وتنتظر تنفيذها على أرض الواقع، وذلك في النصف الثاني من ولاية الحكومة.

وتجد الحكومة نفسها أمام موسم سياسي صعب، على اعتبار أنها مطالبة بالحسم في ملفات اجتماعية ساخنة، تحديداً إصلاح صندوق التقاعد، الذي يثير انتقادات نقابات عمالية عدة، والتحضير لأول انتخابات مناطقية في عهد الحكومة الحالية، فضلاً عن ورشات القضاء والتشغيل.

ويرى مراقبون أن الموسم السياسي الجديد بالمغرب، يأتي مدعوماً بالخطابات الأخيرة للملك محمد السادس، الذي دعا الحكومة للعمل بجد على تطوير التنمية الاقتصادية للبلاد للوصول إلى ركب الدول الصاعدة، كما يأتي في سياق فتح ملفات لإصلاح عدد من القطاعات الاجتماعية.

وكان العاهل المغربي قد دعا، في خطاب ذكرى "ثورة الملك والشعب"، في شهر أغسطس/ آب الماضي، الحكومة إلى مضاعفة الجهود للالتحاق بركب الدول الصاعدة، والعمل على ضمان التوزيع العادل للثروة بين مختلف الفئات في المجتمع المغربي.

ويصف وزير الاتصال، والمتحدث الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، الموسم السياسي بأنه استثنائي، لأنه سيشهد معالجة الحكومة للعديد من الملفات المطروحة، والحسم في تطبيقها على أرض الواقع بعد فتح النقاش السياسي بشأنها مع الجهات المعنية.

وأفاد الخلفي بأن الحكومة تعتزم استكمال الإصلاحات الكبرى التي دشنتها منذ قدومها، خصوصاً إصلاح أنظمة التقاعد التي تعاني من أزمة مالية وتنظيمية، وما يتطلبه ذلك من توافق مع المركزيات النقابية وغيرها، علاوة على إصلاح قطاعات القضاء والإعلام والمجتمع المدني.

ويلفت المتحدث إلى أن الموسم السياسي الجديد سيتّسم بالتحضير لمشروع قانون المالية من أجل تقديمه في أوقاته الدستورية، والتحضير للانتخابات التي من المزمع أن يجري تنظيمها خلال صيف السنة المقبلة، واستكمال القوانين التي تؤطر هذه الانتخابات.

ويؤكد الخلفي على ضرورة التركيز على تصحيح الاختلالات الاجتماعية، والعمل على التقليص من الفوارق الاجتماعية الحادة بين الطبقات، وضمان توزيع الثروة بين المغاربة بشكل عادل، تطبيقاً لرؤية العاهل المغربي في خطاباته الأخيرة.

في المقابل، لا ترى المعارضة البرلمانية في الموسم السياسي الجديد أية مؤشرات لتنفيذ الحكومة حزمة الإصلاحات المنشودة، والتي سطرها البرنامج الرئيسي الذي أتت به الحكومة في يناير/ كانون الثاني من العام 2012، متهمة إياها بعدم إشراكها في القرارات الهامة، وتدبير الإصلاح.

وفي هذا الصدد، يؤكد القيادي في حزب "الاستقلال" المعارض، عبد الله البقالي، على أن "الحكومة الحالية لا تزال تنخرط في توزيع الوعود، دون تقديم خطة واضحة الملامح للإصلاح، وبالتالي لا يُعوّل المغاربة على ما ستقدمه الحكومة لهم في الموسم السياسي الجديد".

ووصف البقالي المرحلة السياسية بأنها متشنجة ومتوترة، كونها تحفل بخلافات حادة في المواقف بين الحكومة والنقابات العمالية حول العديد من الملفات الاجتماعية الساخنة، منتقداً المنهجية التي تشتغل بها الحكومة لكونها غير سليمة في خضمّ واقع اجتماعي معقد وهشّ.

وبعد انتقاده العمل الحكومي لميله إلى الانغلاق وعدم الانفتاح على مختلف مكونات المعارضة، فضلاً عن الاستئثار باتخاذ القرارات السياسية، تساءل البقالي إن كان ما تبقى من الولاية الحكومية كافياً زمنياً لتنفيذ برامج الإصلاح التي وعدت بها المواطنين منذ مجيئها.