على الرغم من انعكاس الوديعة القطرية البالغة مليار دولار على تحسن صرف الجنيه السوداني فإن مراقبين ربطوا انتعاش اقتصاد البلاد بنجاح الحوار السياسي بين المعارضة والحكومة.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم بلال إن أزمات الاقتصاد السوداني لم تجد الاهتمام الذي تستحقه في الحوار السياسي بين الحكومة والمعارضة.

 وأشار إلى أن هناك حالة من "التفكير السطحي والتلكؤ" في الدخول مباشرة إلى صلب القضايا الجذرية التي تؤثر بصورة سلبية في اقتصاد الدولة، وفي مقدمتها الحرب المشتعلة بمناطق عديدة من السودان.

وأضاف بلال -في حديث للجزيرة نت- أن التحسن المؤقت الذي طرأ على سعر صرف الجنيه السوداني بعد ضخ الوديعة القطرية في البنك المركزي لا يعني أن الاقتصاد بخير، لأن تحسنه يرتبط بتفعيل قطاع الإنتاج.

التعليم والإنتاج

وأشار إلى أن هناك قضايا مهمة يتم إغفالها عند مناقشة موضوع الإصلاح الاقتصادي، على رأسها البحوث العلمية التي يفترض إعدادها من قبل المختصين لاتخاذها أرضية انطلاق لتصحيح المسار.

وقال إن وضع الاقتصاد السوداني على الطريق الصحيح يتطلب إعادة تأهيل منظومة التعليم المهني والتقني التي تقوم عليها العملية الإنتاجية.

وخلص بلال إلى القول إن المؤشرات الراهنة لا تنبئ بتحسن الاقتصاد السوداني في المدى القريب، لأن الفصل القادم يحمل الكثير من الأزمات بالنظر "لفشل" الحكومة في الاستعداد المبكر لمواجهة تداعيات هطول الأمطار  بالعاصمة والمدن الأخرى، إضافة إلى تحدي توفير مدخلات الإنتاج الزراعي وتوصيلها لميادين الإنتاج.

 من جهته، يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم محمد الجاك أحمد أن قراءة ميزان المدفوعات ومعدلات النمو والتضخم توضحان تدهور الاقتصاد السوداني بسبب تدني الإنتاج.

لكنه أبدى تفاؤلا في إمكانية حدوث متغيرات كلية بمسار الاقتصاد السوداني في منتصف السنة المالية الحالية في حال نجاح الحوار السياسي الدائر حاليا بين الحكومة والمعارضة.

وأوضح أنه إذا تم تتويج الحوار باتفاق سياسي يوقف الحرب الدائرة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور فإن ذلك من شأنه توفير حوالي 70% من الإنفاق الحكومي المخصص للحرب.

سوق النقد

أما عن الوديعة القطرية فقال إنها أحدثت أثرا إيجابيا على سوق النقد الأجنبي. وأضاف "من الممكن أن تكون أكثر إيجابية إذا استغلت في خلق استقرار مستدام لسعر صرف الجنيه السوداني".

بدروه، رأى المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الناير أن الوديعة يمكن الاستفادة منها في استجلاب المزيد من مدخرات المغتربين "إذا لم تستهلك في مقابلة طلبات المصارف في الاستيراد".

ورأى أن الاتفاق السياسي المتوقع بين الحكومة والمعارضة سيتبعه استقرار اقتصادي قد تظهر نتائجه الإيجابية في النصف الثاني من الموازنة.

وأبدى الناير تفاؤلا بإمكانية انتعاش قيمة الجنيه السوداني في مقابل الدولار بالنظر إلى قدرات البلاد الاقتصادية الهائلة غير المستغلة، لكنه رهن هذا الانتعاش بتخلص الحكومة من عبء فاتورة الحرب وتهيئة مناخ الاستثمار لرأس المال الأجنبي.

وأوضحت رئيسة القسم الاقتصادي بصحيفة الأهرام اليوم عواطف محجوب أن الوديعة القطرية ستؤثر إيجابا في الاقتصاد على المدى البعيد إذا وظفت بقطاعات إنتاجية كالثروة الحيوانية والزراعة والتعدين.

وأشارت إلى أن توفير التمويل ومعالجة الإشكاليات التي تواجه القطاعات الإنتاجية يمثلان أهمية قصوى لاقتصاد السودان بعد افتقاده جزءا كبيرا من عائدات النفط إثر انفصال دولة جنوب السودان.