بدأ العد التنازلي في تونس لإجراء الانتخابات الرئاسية المقررة دستوريا خلال خريف 2024 لا سيما بعد تتالي التصريحات الرسمية الصادرة مؤخرا عن أعضاء هيئة الانتخابات حول موعد هذا الاستحقاق الهام الذي تنتظره البلاد.

وفي هذا الإطار، التقت "بوابة إفريقيا الإخبارية" اليوم الإثنين، المترشح للانتخابات الرئاسية القادمة في تونس مؤسس حركة "قرطاج الجديدة" الإعلامي والناشط السياسي نزار الشعري للحديث حول الأوضاع العامة في بلاده وكذلك حول هذا الاستحقاق الانتخابي الهام خاصة وأنه أول من أعلن ترشحه لتليه رئيسة حزب "الجمهورية الثالثة" ألفة الحامدي التي أعلنت كذلك مشاركة حزبها في السباق نحو قصر قرطاج.

بداية ما تقييمك للوضع السياسي في تونس وكيفية إدارة شؤون الدولة؟

لا أعتقد أن هناك خلاف حول الوضع السياسي المتردي في تونس وهو نتاج لتراكم أخطاء يتحمل مسؤوليتها الجميع مذ انطلقت عملية الانتقال الديمقراطي بعد 2011 ولعل تسارع الأحداث بعد انتخابات 2019 بين للجميع مدى الأخطاء التي ارتكبتها الساحة السياسية في إدارة الدولة بعد الثورة.

أما أهم الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع فهي أنانية الطيف السياسي وعدم استعداد قياداتها لخوض اللعبة الديمقراطية بقواعدها الصحيحة مما أدى إلى القطيعة يوم 25 جويلية/يوليو 2021 بتجميد البرلمان ثم حله والذهاب إلى دستور أحادي الجانب واستفتاء ثم انتخابات تشريعية لم ترتق إلى انتظارات الشعب الذي لم يشارك فيها بكثافة وخذلت انتظارات شركاء وداعمي تونس الدوليين بعد أن وقفوا إجلالا واحتراما لنضالات شعبها وتوقه للحرية والديمقراطية.

وبخصوص كيفية إدارة الدولة يكفي فقط النظر إلى عدد الوزراء والمستشارين الذين وقع استبدالهم منذ 2019 وحصر عدد المعتمديات والولايات والسفارات والقنصليات التي لم يقع تعيين مسؤولين مباشرين على رأسها لنفهم أن الدولة تدار اليوم دون رؤية ودون تخطيط ودون إنجاز وخاصة دون مراقبة وهو حال دام أكثر من اللازم ولابد من إيقاف هذا النزيف الذي دمر اقتصاد البلاد وأساء لحال العباد.

وفق خبراء تونس تشهد أزمة اقتصادية خانقة..ما تعليقك؟ وأي حلول تقترحها؟

من المؤكد أن تونس تشهد أزمة اقتصادية خانقة إلا أنها ليست الوحيدة في هذا الوضع عالميا فكل العالم اليوم يعيش انتهاء فترة اقتصادية ويحاول الانتقال إلى مرحلة أخرى وهذا لن ينجح إلا بحكمة القيادات الدولية التي تؤدي إلى فسخ الديون العالمية وإعادة توزيع الأدوار السياسية والاقتصادية بعقلية "رابح رابح" وهو ما يسعى إليه البعض أو بالوصول إلى المليار الذهبي والقضاء على كل من يستهلك دون أن ينتج من خلال الأوبئة المفتعلة أو الحرب العالمية التي نعيش على مشارفها وهو ما يريده البعض الآخر.

في تونس نعيش نفس الوضعية بشكل مصغر لكننا نفتقر إلى رؤية واضحة وحكيمة لإعادة تدوير عجلة الاقتصاد الوطني الذي ساهم الجميع منذ سنوات وخاصة بعد 2011 في التدهور الذي وصلنا إليه اليوم.

أما الحلول فهي موجودة ولكن لا يمكن تحقيقها بالوعود "الشعبوية" أي الوعود التي لا تتحقق.

حتى نخرج من الأزمة الاقتصادية يجب مصارحة الشعب بالحقائق والتوقف عن تأجيج التدافع الاجتماعي المبني على الحقد والضغينة والعمل على تغيير عقلية الربح دون العمل والطمع في ريع غير موجود وإيقاف التداين المحموم وكل هذه الحلول تنطلق بتربية رشيدة على قيم العلم والعمل والطموح البناء والخلاص الجماعي.


هل نجحت تونس مؤخرا في إدارة ملف الهجرة غير النظامية وتمكنت من فرض شروطها (مخرجات زيارة ميلوني)؟

للأسف تعاملت تونس مع ملف الهجرة بلامبالاة في الأول ونفاق اجتماعي وسياسي كبير فيما بعد ولم ولن تجني من سياستها هذه شيئا لأنها تتعامل مع الموضوع بعقلية إطفاء الحريق وليس الوقاية منه واستباق حدوثه.

الكل يعلم اليوم أن هذا الملف مهم لكل دول العالم وبعدة أشكال فدول أوروبا وغيرها بحاجة إلى هجرة انتقائية مهمة لدفع اقتصادها الذي هرمت يده العاملة وفي نفس الوقت هم يرفضون تدفق الآلاف من شبابنا المهاجر بطريقة غير شرعية لعدم الكفاءة والخوف من تفشي الإرهاب والجريمة.

في المقابل لم نقم نحن في أي يوم من الأيام بوضع هذه الوضعية على طاولة مفاوضات تمكن من تطوير التكوين والتدريب عندنا لإعداد شبابنا لفرص هجرة أفضل وبطريقة شرعية في المقابل يمكن السماح بالهجرة العكسية لكبار السن من المتقاعدين في أوروبا والذي لو ذللنا العوائق التشريعية واللوجستية لأصبحت واحدة من دعائم التطور الاقتصادي في بلادنا والتمرير العلمي والمعرفي من أصحاب الخبرة إلى شباب يبحث عن شغل يضمن كرامته، ونفس المنهج يمكن اتخاذه في التعامل مع هجرة أفارقة جنوب الصحراء الذين يمكن استيعابهم للقيام بالأعمال التي أصبح شبابنا عازفا عنها دون الدخول في مهاترات ما يكتب على الجدران في كامل أنحاء الجمهورية من قبيل: "الجبورة في حومنا وحومنا في الغربة" الحل في هذه الإشكالية يكمن في فهم التوزيع العالمي لسوق الشغل وفهم تطوراته واستباق تغييراته بكل سهولة ودون مغالطات.

أعلنت في عام 2022 ترشحك للانتخابات الرئاسية القادمة..ماهي حظوظ نجاحك؟ وهل بإمكانك منافسة الرئيس سعيد في حال جدد ترشحه؟

بالفعل أعلنت في أكتوبر 2022 ترشحي رسميا للانتخابات الرئاسية القادمة وكنت الأول في تقديمي هذا الترشح وأعتقد أن حظوظي وافرة جدا خاصة وأن هذا الترشح لم يكن وليد اللحظة فالكل يعلم أنني عدلت عن ترشحي في 2019 لما رأيت فيه من أفضلية شخصية أخرى لمرحلة هدم تراكمات عشرية الانتقال الديمقراطي الأولى بما فيها من أخطاء وقد تم ذلك على يد الأستاذ قيس سعيد وآن الأوان اليوم لأتسلم مقاليد الأمور مع جيش من الشباب قمت بإعداده منذ سنوات وأبرز نجاعته في الانتخابات السابقة لنصنع تغييرا حقيقيا في تونس ونعيد البناء على قيم مجتمعنا الأصيلة وهي العائلة والعلم والعمل وأعتقد أنني سأقود هذا الجيل الجديد إلى تحقيق حلم بناء قرطاج جديدة دون منافسة جدية من أي مرشح اخر.

أنت تراهن على الشباب التونسي في إمكانية تغيير الأوضاع نحو الأفضل وحتى في حكم تونس الغد.. ما هي دوافع هذا الرهان؟

الدوافع موضوعية وواضحة فالشباب في كل شعوب العالم هو محرك التغيير وصانع المستقبل وقد عمل كل السياسيين في تونس بعد 2011 على تهميش أهم جزء في المجتمع التونسي في المقابل عملت من خلال منظمات وجمعيات عدة على استقطابه وتكوينه وتطوير مهاراته وهو اليوم جاهز للعمل مع الأجيال السابقة القابلة للتمرير الجيلي للمعرفة والسلطة لبناء وطن أفضل.

الشباب الذي أعول عليه في مشروعي لديه أحلام كبيرة وهو واع بأهمية العمل والتضحية لتحقيقها.

لقد دربنا شبابنا على التعويل على الذات والثقة بالقدرات وعدم لعب دور الضحية وخاصة العمل الجماعي لأن الخلاص لهذه الأمة يكون جماعيا أو لا يكون.