منذ العام 2011، مثل انتشار السلاح أحد أهم التحديات التي تواجه المساعي الداخلية والدولية لإعادة الاستقرار إلى ليبيا، ورغم إصدار مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1970، في مارس/آذار 2011، بحظر بيع أو توريد الأسلحة إلى ليبيا، إلا أن تدفق الأسلحة المتجهة للجماعات المسلحة، تواصل من دول داعمة لهذه الجماعات وعلى رأسها تركيا، التي لم تتوانى أيضا في خرق تعهداتها في مؤتمر برلين،الذي دعا الى وقف التدخل في الشأن الليبي،ليواصل نظام أردوغان اغراق البلاد بالسلاح والمرتزقة.
وأوصى مؤتمر برلين الذي انعقد الأسبوع الماضي بضرورة وقف تدفق المرتزقة الأجانب إلى ليبيا، والرفض القاطع للإرهاب والعنف أيا كان شكله ومصدره، وهو الأمر الذي دعا له أيضا مؤتمر وزراء خارجية دول جوار ليبيا في الجزائر.ولكن تركيا لا تلتزم بمخرجات مؤتمر برلين حيث واصلت عمليات نقل الأسلحة والمرتزقة عبر الجو والبحر إلى ليبيا.


وبالرغم من الجهود الدولية المبذولة للتوصل الى تسوية في ليبيا،تواصل تركيا تحركاتها التصعيدية بهدف تأجيج الصراع في البلاد من خلال اغراقه بالسلاح والمتطرفين.وفي هذا السياق،كشفت وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية خلال المعلومات والوثائق، التي حصل عليها مراسلو الوكالة، أنّ الأسلحة التي أرسلتها تركيا إلى ليبيا، اشترتها أنقرة بأموال قطر.كما أوردت الوكالة، المعروفة بقربها من الكرملين، في تقرير لها بعنوان "تفاصيل إرسال تركيا للإرهابيين إلى ليبيا" أنّ رواتب المرتزقة الذين ترسلهم تركيا إلى ليبيا "تدفعها قطر".
وأوضحت الوكالة الروسية أنّ عملية نقل المتطرفين من سوريا إلى ليبيا تمّ من خلال شركة "سادات" الأمنية، التي يملكها عدنان تانري فيردي، الذي استقال من منصب المستشار العسكري للرئيس التركي أردوغان منذ فترة قريبة.وبحسب تقارير الوكالة الفيدرالية؛ فإنّ القوات المسلحة التركية "أرسلت 50 مدرباً عسكرياً تابعين للشركة العسكرية الخاصة "سادات" إلى طرابلس، من أجل تدريب الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج".
ولم يتردد الناطق باسم وزارة خارجية حكومة الوفاق محمد القبلاوي،في الاعتراف بأن حكومة الوفاق استعدت عسكريا من كل الجوانب، انطلاقا من مذكرة التفاهم مع تركيا،قائلا: "أمددنا كل خطوطنا الأمامية بالعتاد والسلاح اللازم".ويتعارض هذا التحشيد مع الجهود المتواصلة لوقف التصعيد بين الأطراف المتصارعة في البلاد.
ونفى القبلاوي،في لقاء مع وكالة "الأناضول"،وجود مقاتلين سوريين في صفوف قوات الوفاق، مردفا: "اتفاقنا مع الدولة التركية لإرسال خبراء، وهم يتواجدون في طرابلس بهدف تدريب عناصرنا، وبالتالي كل الجنود يتبعون للدولة التركية، وحتى الآن نسير بخطوات تابثة لتحقيق كل ما جاء في مذكرة التفاهم لتفعيلها بشكل كامل"، بحسب ما نقلت الصفحة الرسمية لـ "عملية بركان الغضب".

هذا النفي يتعارض مع اقرار سابق لرئيس حكومة الوفاق فائز السراج باستعانة حكومته بالمرتزقة الموالين لتركيا لقتال الجيش الوطني الليبي.وقال السراج ، في مقابلة أجرتها معه إذاعة "بي بي سي" البريطانية،رداً على سؤال حول وجود مرتزقة سوريين إلى جانب المليشيات الموالية لحكومته: "نحن لا نتردد في التعامل مع أي طرف لمساعدتنا وبأي طريقة كانت".
ويرى مراقبون أنّ ما قامت به تركيا يطيح بالحل السلمي للأزمة الليبية؛خاصة وقد وافق ممثلو أطراف النزاع في ليبيا، المجتمعون في جنيف، أمس، على مبدأ تحويل الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار.وكشف المبعوث الدولي إلى ليبيا، غسان سلامة، إمكانية عقد محادثات في مدينة جنيف السويسرية، خلال الأيام القليلة المقبلة، بشأن الشقّ السياسي في ليبيا، موضحاً؛ أنّها قد تعقد بعد أسبوعين محادثات في جنيف، منوهاً إلى أنّ "محادثات جنيف الحالية تهتم بالمسائل الأمنية والعسكرية وتحديداً وقف إطلاق النار".
وشدّد سلامة على ضرورة "وقف إرسال المرتزقة السوريين إلى ليبيا"، معلناً "اتخاذ موقف صارم بشأن وقف التدخل الأجنبي في النزاع الليبي".وتابع: "لم يحتَرم حظر الأسلحة الذي فرض في مؤتمر برلين، كما لم تحتَرم القرارات التي اتخذت في برلين، في إشارة إلى استمرار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في إرسال القوات التركية والمرتزقة السوريين والأسلحة والعتاد إلى ليبيا.
وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، في آخر تقرير له، عن ارتفاع عدد المرتزقة السوريين، الذين نقلتهم تركيا إلى ليبيا، ليبلغ العدد نحو 3660 فردا، في زيادة جديدة تشير إلى إصرار تركيا على استمرار التدخل العسكري في ليبيا، في وقت تتالت فيه التحذيرات الدولية من أن التدخل التركي العسكري في ليبيا سيقوض مساعي إرساء السلام في بلد يشهد اضطرابا منذ سنوات.
وبدوره كشف المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، أول من أمس، أسماء قادة المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا في الآونة الأخيرة للقتال في صفوف ميليشيات طرابلس.وأكّد المسماري، خلال مؤتمر صحفي؛ أنّ أردوغان كان يريد إرسال 18 ألف إرهابي إلى ليبيا، موضحاً أنّ تركيا قامت بنقل ما يصل إلى 2000 مسلح من تنظيم جبهة النصرة إلى ليبيا عبر مطار معيتيقة.كما عرض أدلة على تورط أردوغان في دعم الإرهاب في ليبيا، مؤكداً أنّ سياسته أصبحت واضحة في دعم الإرهاب؛ من خلال دعم وإنشاء مجموعات وشركات أمنية.
وتحدثت تقارير اعلامية عن وسائل تركيا لنقل المرتزقة الى ليبيا باغراءات كبيرة،حيث كشف أحد المرتزقة السوريين في الأراضي الليبية في مقابلة مع موقع "إنفستجايتف جورنال"، إن تركيا أبلغتهم أنهم سيقاتلون جنودا روس في ليبيا مقابل 2000 دولار شهريا.وكشف السوري التي امتنعت الصحيفة عن ذكر اسمه الحقيقي وأطلقت عليه اسم "أحمد"، يبلغ من العمر 21 عاما، من بلدة كفر نبل في ريف إدلب، الطريقة التي تتبعها أنقرة لإقناع المرتزقة الموالين لها في سوريا بالانتقال إلى ليبيا.
وأشار "أحمد" إلى أن الأتراك كشفوا لهم عما سموه دوافع كافية للقتال في ليبيا، ونوه قائلا: "هناك جنود روس، الأتراك أكدوا هذا لنا، وأكدو أيضا أننا لن نؤذي أي ليبي هنا، إلا أنهم قالوا لنا إن وجدنا أي روسي نقتله"، وفقا لما نقلته قناة العربية عن الصحيفة.وأوضح أن كثيرا من السوريين المنقولين إلى ليبيا حاولوا الفرار من المعسكرات إلى إيطاليا، متابعا "جاء الأتراك ليحسبوا عددنا وليتأكدوا من عدم حدوث ذلك".
ولفت "أحمد" إلى أنه عقب وقت قصير من وصوله إلى المخيم برفقة 70 شخصا آخرين انقسموا بين القوات البرية والقناصة ومواقع أخرى، موضحا أن هؤلاء لا يتدربون تدريبا عاديا، بل يتدربون على حروب الشوارع كحرب العصابات والقتال في الشوارع عن بعد.وتابع "لم نقاتل حتى الآن، نحن نأكل فقط، ونمارس الرياضة ونجلس في المخيم، ممنوعين من مغادرته، ونحصل على 2000 دولار شهريا".وأكد "أحمد" أنه جاء للحصول على المال، لأن الوضع الاقتصادي في سوريا صعبا جدا.

من جهة أخرى تواصل تركيا ارسال الأسلحة الى ليبيا،حيث قالت صحيفة السيكولو الإيطالية إن سلطات ميناء جنوة، جنوبي البلاد، احتجزت سفينة شحن على خلفية تهريبها أسلحة من تركيا إلى ليبيا.وأضافت الصحيفة أن سفينة الشحن "بانا" كانت ترفع العلم اللبناني، وتوقفت في ميناء جنوة بسبب عطل فني. وأوضحت الصحيفة أن التحقيقات أكدت تعمد طاقم السفينة الاختفاء عن أجهزة التتبع الملاحي، مشيرة إلى غموض أقوال قادة السفينة.
وطلب بحار شاب، الضابط الثالث على متن السفينة، اللجوء السياسي لروما، مقابل كشف تفاصيل جديدة حول "بانا"، التي سبق أن رصدت بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني الماضي قبالة السواحل الليبية قادمة من تركيا تصاحبها فرقاطة تركية للحماية.وقال إن لديه معلومات وفيديو عن تهريب أسلحة ودبابات من تركيا إلى طرابلس، كما سلم شريط فيديو يحتوي على مخالفات الاتجار في الأسلحة.
وأطلع ضباط الشرطة الإيطالية على تفاصيل تهريب الأسلحة إلى ليبيا.وقالت الصحيفة إن الفيديو ظهر به لقطات توثق المعدات العسكرية المهربة، بما فيها دبابات وأسلحة متطورة.وأضافت الصحيفة أن مديرية مكافحة المافيا في جنوة، وشعبة التحقيقات العامة، والعمليات الخاصة "ديغوس"، تحقق في تورط السفينة بالاتجار الدولي في الأسلحة، وقال المدعي العام الإيطالي “ماركو زوكو” إن هناك شيئا مريبا تحمله السفينة.
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية، أكدت أن حاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" رصدت الفرقاطة التركية إلى جانب سفينة الشحن "بانا" التي تستخدم في تهريب الأسلحة من تركيا إلى ميناء طرابلس.وتداولت منصات إخبارية ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أسبوع، مقطع فيديو يُظهر أسلحة وآليات عسكرية، قالو إن سفينة الشحن (بانا) نقلتها لميناء طرابلس الليبي.
واتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا بالإخلال بالتعهدات التي قطعتها على نفسها خلال مؤتمر برلين لتسوية الأزمة الليبية، مشيرا إلى رصد سفن تنقل مرتزقة سوريين إلى ليبيا.وبدورها قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، آنييس فون دير مول، في تصريحات لـ"العربية نت"،إن العسكريين الفرنسيين وثّقوا مواصلة تركيا انتهاك ما اتُفق عليه خلال مؤتمر برلين حول ليبيا، من خلال "إرسالها رجالاً ومعدات لصالح جهات معينة في ليبيا"، في إشارة إلى دعم حكومة السراج.
وتنخرط تركيا في دعم التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة في ليبيا، على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي بحظر توريد السلاح إلى ليبيا منذ 2011.وأظهر أردوغان نواياه العدائية تجاه ليبيا حين وعد في 29 أبريل/نيسان الماضي،بتسخير كل إمكاناته لدعم المليشيات.ومنذ بدء عملية "طوفان الكرامة" التي أطلقها الجيش الليبي في أبريل الماضي لتحرير طرابلس من التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة، أسقطت القوات المسلحة الليبية، أكثر من العديد من الطائرات التركية المسيرة.

ويعمل أردوغان ونظامه على محاولة شيطنة الجيش الوطني الليبي والايحاء بأن ليبيا تتجه نحو حكم عسكري وهي نفس الاشاعات التي يروج لها تيار الاسلام السياسي وعلى رأسها جماعة "الاخوان" الذراع التخريبي لتركيا في ليبيا.حيث يصر هؤلاء على محاولة تشويه الجيش والتحريض ضده بشتى الطرق وتصاعدت وتيرة التحريض مؤخرا في ظل مخاوف تيار الاسلام السياسي من سقوطه في آخر معاقله.
 ويوما بعد يوم يتكشف الدور التركي المشبوه في ليبيا،والذي يمثل خطرا كبيرا يتهدد ليبيا والمنطقة ككل وهو ما دفع دول الجوار الى التحرك لرفض التدخلات الخارجية في ليبيا.وأكدت وزارة الخارجية المصرية،خلال اجتماع موسع، عُقِد بمقر وزارة الخارجية المصرية، الخميس، لسفراء كافة الدول الأوروبية بالقاهرة على أهمية تكاتف الجهود الدولية لوقف الدور السلبي والتخريبي الذي تلعبه بعض الدول الإقليمية بهدف مد الصراع في ليبيا وسوريا، ما يؤدى لاستمرار معاناة الشعبين، فضلاً عن زعزعة مجمل الاستقرار في المنطقة.
وفي وقت سابق،عبرت تونس والجزائر عن توافقهما على أن يكون حل الأزمة الليبية داخليا عبر لجوء طرفي الصراع في ليبيا إلى الحوار.وقال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في تصريح للصحافة عقب محادثات جمعته بنظيره التونسي قيس سعيد،الأحد الماضي،"اتفقنا على أن يكون الحل في ليبيا داخليا وإبعاد ليبيا عن كل ما هو أجنبي ومنع تدفق السلاح".