تمتلك ليبيا أكبر احتياطي نفطي في القارة الأفريقية، كما أنها تحتل المرتبة التاسعة بين عشر دول تتمتع باحتياطيات نفطية مؤكدة،حيث تحتوي الأراضي الليبية على أحواض وموانئ نفطية كبيرة،لكن الإنقسامات السياسية والصراعات المسلحة أثرت بشكل كبير على القطاع النفطي والذي تسبب تعثره في تردى الأوضاع الإقتصادية.

ورغم أن الأشهر القليلة الماضية قد شهدت تحسنا أمنيا كبيرا في الأراضي الليبية مع انحسار نفوذ التنظيمات الارهابية المليشيات المسلحة،وهو ما نتج عنه تحسنا ملحوضا للقطاع النفطي ما أنعش الآمال بتحسن الأوضاع الاقتصادية في البلاد،لكن سرعان ما يصطدم هذا التحسن بعراقيل تهدد بتدهور جديد.


** إغلاق جديد

إلى ذلك،عادت الاضطرابات مجدّدا إلى حقلي الشرارة والفيل النفطيين في جنوب البلاد،حيث أعلن حراك "غضب فزان" أنه أغلق حقل الفيل النفطي جنوب غرب ليبيا بعد إغلاق حقل الشرارة، احتجاجًا على عدم اهتمام الحكومات الليبية بالمنطقة الجنوبية، مقدمًا اعتذاره للشعب الليبي على إيقاف إنتاج النفط والغاز من المنطقة الجنوبية.

وقال الحراك  في بيان إن إغلاق حقل الفيل النفطي وإيقاف إنتاج النفط والغاز منه جاء بعد أن تجاهلت الحكومات متطلباتهم الأساسية وتدهور الحالة الأمنية وكثرة حوادث الخطف في الطرقات وانتشار العصابات الإجرامية وتفشي الحرابة على الطرقات العامة.

وأشار البيان إلى عدم وجود المستشفيات ذات الإمكانات لإيواء المرضى وانهيار الحالة الاقتصادية للمواطن وعدم توافر المحروقات اليومية التي وصل اللتر الواحد منها في السوق السوداء أحيانًا إلى خمسة دينارات، وعدم توافر الغاز الذي تصل أسطوانته في بعض القرى إلى 120 دينارًا وانقطاع الكهرباء لأيام وعدم توافر السيولة النقدية.

وأعرب حراك فزان في ختام البيان عن اعتذاره للشعب الليبي عن هذه الخطوة التصعيدية، مؤكدًا أنهم أوقفوا تدفق النفط والغاز من فزان إلى أن يتم البدء في تنفيذ مطالبهم العشرة، منبهين إلى أنهم قد يضطرون للتصعيد في حالة عدم البدء في تنفيذ المطالب.

و"غضب فزان" هو حراك مدني من شباب الجنوب الليبي له مطالب خاصة بالمنطقة الجنوبية.ونقلت وكالة أنباء "شينخوا"،عن مصدر فضل عدم ذكر اسمه،أن الحراك كان أمهل السلطات أكثر من شهر لتحقيق مطالبهم قبل الاقدام على اغلاق الحقل الذي هددوا بقفله منذ فترة.

وأوضح المصدر أن المحتجين يطالبون السلطات بتأمين الطريق من الجفرة والشويرف إلى أقصى مدن وقرى فزان، وتأمين مخصصات فزان من الوقود إضافة إلى إعادة تشغيل محطة أوباري البخارية لمنع انقطاع الكهرباء عن المنطقة.وأضاف أن "الحراك يطالب أيضا بتوفير العناصر والمستلزمات الطبية والمعدات لمستشفيات فزان".


** الشرارة والفيل

ويعتبر حقل الشرارة أحد أبرز الحقول النفطية الليبية،ويقع الحقل، الذي يبلغ معدل إنتاجه 340 ألف برميل يومياً، في صحراء مرزق (جنوب غربي ليبيا)، واكتُشف عام 1980

ويدار حقل الشرارة النفطي بواسطة شركة اكاكوس، التي تتوزع أسهمها بين المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، وشركة ريبسول الإسبانية، وشركة توتال الفرنسية وشركة أو إم في النمساوية.

وتوقف حقل الشرارة منذ نوفمبر 2014،بسبب الاضطرابات الأمنية.وتصل معدلات الإنتاج الطبيعية من النفط من حقل الشرارة إلى نحو 340 ألف برميل يومياً، ويضخ الحقل النفط الخام إلى مرفأ الزاوية للتصدير في غرب البلاد، ويغذي مصفاة الزاوية التي تبلغ طاقتها 120 ألف برميل يوميا.

والشرارة هو أكبر حقول النفط في ليبيا ويمثل نحو ربع الإنتاج الوطني،وكانت إعادة تشغيله،بعد إغلاقه لمدة عامين، عاملاً رئيسا في زيادة إنتاج ليبيا من النفط.لكن منذ إعادة تشغيله، تعرض الشرارة لعدة إغلاقات وجيزة بسبب هجمات جماعات مسلحة واحتجاج العمال في الحقل.

أما حقل الفيل،فيعتبر من أكبر حقول "حوض مرزق" بجنوب غرب ليبيا ويبعد نحو 750 كيلومتراً، جنوب طرابلس، ويحتوي على أكثر من 1.2 مليار برميل من الاحتياطيات النفطية. وجرى اكتشاف الحقل عام 1997 بواسطة ائتلاف تجاري تقوده شركة لاسمو البريطانية وشركة إيني الإيطالية و5 شركات كورية أخرى.

وفي يوليو الماضي،أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط رفع حالة القوة القاهرة عن حقل الفيل، بعد تسوية خلاف مع الحرس بشأن الأجور والمزايا تسبب فى إغلاق الحقل في فبراير.وعبر حينها مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط ، عن سعادته بعودة الإنتاج في حقل الفيل، كون سيساعد ذلك في الوصول بسرعة إلى مستويات الإنتاج القصوى، بحسب قوله.


** نتائج كارثية

حذرت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط،الأحد، من "نتائج كارثية" في حالة الوقف الكامل لإنتاج حقل الشرارة النفطي بسبب احتجاجات قبلية.وقالت المؤسسة إن محاولة إعادة الإنتاج ستستغرق فترة طويلة "نتيجة للتخريب والسرقة المتوقعة بالإضافة إلى الكلفة الهائلة لإعادة الإعمار"، وذلك بحسب ما أفادت وكالة "رويترز".

وذكرت أن صهاريج التخزين بحقل الشرارة ستمتلئ خلال ساعات قليلة مما يؤدي إلى إغلاق الحقل نظرا لعدم إمكانية ضخ الخام إلى منشآت المعالجة.

وأضافت، في بيان لها، أن الإنتاج سيتوقف في حقل الفيل أيضا "بسبب اعتماده في تزويد الكهرباء من حقل الشرارة".ووصفت المؤسسة المحتجين بأنهم مجموعة "من الخارجين عن القانون" لإغلاقهم المضخات عنوة.ودعت المؤسسة "جميع الوطنين في المنطقة الجنوبية وكافة أنحاء ليبيا للتدخل فوراً للحيلولة دون حصول هذه الكارثة الوطنية.

وقد حذرت المؤسسة الوطنية للنفط ،السبت،إنّ إغلاق حقل الشرارة سيتسبب في خسائر يومية في الإنتاج تقدّر بحوالي 315,000 برميل في حقل الشرارة النفطي، و 73,000 برميل في حقل الفيل، وذلك بسبب اعتماده بشكل أساسي على إمدادات الكهرباء من حقل الشرارة.

وبيَّنت المؤسسة بأن هذه التصرفات ستكبد الاقتصاد الليبي خسائر إجمالية بقيمة 32,5 مليون دولار أمريكي يوميًا.وعبر مجلس إدارة المؤسسة الليبية للنفط عبر البيان عن قلقه الشديد إزاء تصرّفات حرس المنشآت النفطية بحقل الشرارة النفطي "التابع لحكومة الوفاق" وكلّ المجموعات والأشخاص الذين يقومون باستغلال معاناة أهالي الجنوب لتحقيق مطالب شخصية.

ورغم تحسن معدلات إنتاج النفط في البلاد،فإن عدة عراقيل مازالت تهدد بتراجعه لعل أبرزها الاحتجاجات والإغـلاقات المتكررة لخطـوط الأنابيـب،بين الحين والآخر، لأسباب مختلفة.حيث يكبد الإغلاق المتكرر للحقول والموانئ النفطية في ليبيا،البلاد خسائر مالية جسيمة.

وتأتي الإغلاقات بشكل رئيسي بفعل مجموعات مسلحة تقدم مطالب باسم أعضائها، وتدعي أحياناً أنها تعمل نيابة عن مجتمعات محلية تطالب بوظائف وخدمات عامة.وقال مصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مراراً إنه لن يتفاوض مع منفذي الإغلاقات وهدّد بمقاضاتهم، على الرغم من أن المؤسسة الوطنية للنفط تحاول أيضاً دعم المجتمعات القريبة من المنشآت النفطية وتعزيز العلاقات معها.