أكد مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، طاهر السني، في كلمته أمام مجلس الأمن خلال جلسة حول ليبيا أهمية دعم اللجنة العسكرية 5+5 لأنها يمكن أن تلعب دوراً محورياً في توحيد المؤسسة العسكرية التي طالما شهدت الانقسام. 

إلى نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الرئيس 

في البداية أهنئكم على ترأسكم المجلس  وإدارتكم لجلسات هذا الشهر،. كما أشكر السيد عبدالله باثيلي على إحاطته الأولى اليوم ، ونجدد مرة أخرى ترحيبنا بتعيينه ممثلاً خاصا للأمين العام على رأس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، كونه أيضاً أول مبعوث لليبيا من أفريقيا ،

لذا نتطلع إلى دوره الهام خلال هذه المرحلة الحرجة من الأزمة في بلادي ، وقد شجعنا كثيراً بدء عمله وبشكل سريع من داخل ليبيا ، كما نضم صوتنا لبيا المجموعة الأفريقية الممثلة داخل المجلس وما جاء فيها من نقاط مهمة.

السيدات والسادة

نرحب بتصريحات السيد باثيلي التي أعلن عنها فور وصوله ، وعزمه التواصل مع جميع الأطراف الليبية في عموم البلاد والاستماع إلى آرائهم بخصوص الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، وأن من أولوياته الوصول الى مسار توافقي ليبي ، يفضي إلى تنظيم انتخابات وطنية شاملة وذات مصداقية في أقرب وقت ممكن. لذلك نتمنى أن يستكمل السيد باثيلي هذا المسار و يبدأ من حيث انتهى من سبقه ، ولا نعيد مرحلة التجارب وتكرار أخطاء الماضي ، ونتوقع بعدها نتائج مختلفة …الليبيون في حالة ترقب ، وحتى إن كانت هناك بعض الخلافات من بعض الأطراف بخصوص العملية الانتخابية ، المهم هو الاستماع الى الشعب الليبي وصوت قرابة 3 مليون ناخب عبروا عن رغبتهم في اجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن

وفي نفس هذا الاطار نشيد ببوادر التوافق الحاصل حالياً داخل مجلس الأمن ، ونرى ذلك في تعيين المبعوث الأممي بعد طول انتظار ، وكذلك ما نتوقعه من اصدار القرار الذي تعثر لقرابة عام، والخاص بتمديد ولاية البعثة الأممية ، هذا القرار الذي من المتوقع التوافق فيه على دعم العملية الانتخابية من جديد ، وهذا التوافق يعطينا بعض الأمل حول وجود إرادة  من مجلسكم لحل المشكلة السياسية في ليبيا ،لذا ندعوكم لمزيد من هذه الخطوات الايجابية والتي ستساهم بلا شك في دعم الاستقرار في بلادي وانهاء الانقسام الدولي.

لذلك فاننا نرحب أيضاً بالجهود المختلفة الفترة الماضية التي قامت بها عدة دول صديقة لعقد عدد من اللقاءات بين الأطراف الليبية ، ومساعيها لايجاد حلول فاعلة للخروج من الأزمة الراهنة ، وفي هذا الشأن نأمل أن تلتقي هذه الجهود وتكمل بعضها… وألا تتعارض ، حتى تفضي الى دعم القيادة والمُلكية الليبية للحل ، وأول تلك الحلول التوافق على القاعدة الدستورية للوصول الي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وانهاء كافة المراحل الانتقالية التي استمرت لأكثر من عشر سنوات.

لقد استمعت اليوم لبياناتكم وتابعكم الليبيون ، والتي اجمعتم   فيها على ضرورة اجراء الانتخابات ، لذلك نتمنى ان تفوا بذلك

نحن نعلم أيها السيدات والسادة أن الأزمة في ليبيا معقدة ومركبة ، ولن تُحل فقط بالانتخابات ، ولكن نعلم أيضاً أن الانتخابات ستكون خطوة مهمة نحو الحل وانهاء أزمة الشرعيات ، وحتى نلتفت بعدها لايجاد حلول جذرية لباقي التحديات.

لذا نكرر مرة أخرى طلبنا بدعم المفوضية العليا للانتخابات والحكومة وارسال فرق لتقييم الاحتياجات وتقديم الدعم الفني واللوجستي للعملية الانتخابية ، وذلك بالتوازي مع المسارات السياسية والقانونية الأخرى ، لأن هذا سيكون مؤشر مهم على جدية المجتمع الدولي على دعم الانتخابات وارجاع الزخم الذي كان قبل شهر ديسمبر العام الماضي

السيدات والسادة

من جانبٍ آخر  لا يفوتنا التذكير بجهود اللجنة العسكرية المشتركة التي لازالت تحاول ورغم التحديات العمل على انجاز ما تم التوصل اليه من بنود اتفاق وقف اطلاق النار ،لذلك فإن دعم هذه اللجنة  مهم جداً لأنها يمكن أن تلعب دوراً محورياً في توحيد المؤسسة العسكرية التي طالما شهدت الانقسام ، وتكون نواة يمكن من خلالها بناء جيش ليبيا الموحد.  

السيد الرئيس

اما بخصوص ما سمعناه اليوم بخصوص الاحداث المؤسفة التي وقعت الفترة الماضية في مدينة صبراتة ، والتي ونتج عنها مقتل عدد من المهاجرين اثناء محاولتهم عبور البحر عبر أحد قوارب الموت، نود التعبير عن ادانتنا لهذا العمل الاجرامي، ونود ان نؤكد على انه عمل فردي، وأن مكتب النائب العام ووزارة الداخلية استطاعت القبض على الجناة خلال 48 ساعة من الحادث وهم الآن قيد التحقيقات. و في هذا الشأن نجدد دعواتنا للتصدي معاً الي عصابات تهريب البشر و شبكاتها الدولية ، والتي تجمعها مصالحها الاجرامية المشتركة في كل من دول المصدر والعبور والمقصد وليس في ليبيا فقط ، وتحتاج منا الي تظافر جهود الجميع لمواجهتها.

السيدات والسادة

نحن الآن بحاجة إلى دعم الجهود الوطنية للخروج من دائرة الصراع ولانهاء التدخلات الأجنبية والانقسام والتشتت ، ولا سبيل لذلك إلا بمصالحة وطنية حقيقة تعلى على كل المصالح، مصالحة تحقق لليبيين الاستقرار والازدهار،   هذه المصالحة التي ستساهم وبشكل كبير في حلحلة الانسداد السياسي الراهن، فنحن نحتاج الى إعادة بناء الثقة بين جميع أبناء الوطن بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم ، ونعمل على طي صفحة الماضي ونتجه الى المصارحة والمحاسبة والتسامح والعفو وجبر الضرر.

وفي هذا الصدد قام المجلس الرئاسي كما تابعتم بخطوات عملية فاعلة ، بدأت بإنشاء المفوضية العليا للمصالحة الوطنية برئاسة النائب عبدالله اللافي ، كما تم صياغة الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية ، و انشاء لجنة من خبراء القانون لصياغة قانون موحد للمصالحة الوطنية و العدالة الانتقالية ، خطوات عقد فيها المجلس الرئاسي عديد اللقاءات مع نخب وطنية من كافة انحاء البلاد ، في سبيل تقريب وجهات النظر وإيجاد أفضل السبل للمضي قدماً. وفي هذا السياق عقدت اللجنة الاستشارية اجتماعها الأول في طرابلس منذ أيام وبعضوية الاتحاد الأفريقي ، وذلك للاعداد للملتقى التحضيري الذي سيعقد في منتصف نوفمبر القادم ، والذي سيضم أكثر من 80 عضو ممثلين عن كافة المدن والمناطق الليبية ،  بكل انتماءاتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية ، وذلك من أجل التمهيد لعقد مؤتمر المصالحة الوطنية المقرر العام المقبل.

وبهذه المناسبة نقدم الشكر للاتحاد الأفريقي لدعمه هذا الملف ، كما نشكر أيضاً الكونغو لجهودها من خلال ترأسها اللجنة العليا الخاصة بليبيا ، ونتمنى أن يترجم هذا الدعم وبمساعدة الأمم المتحدة من خلال مبعوثها الأفريقي ، الى خطوات ملموسة على أرض الواقع من خلال تحقيق أهداف وغايات المصالحة المنشودة.

علينا أيها السيدات والسادة الاقتناع بأن كل المسارات والحوارات التي اطلقت في السنوات الماضية كانت بمثابة مسارات تقنية وفنية (سياسية ، اقتصادية ، أمنية) ولم يكتب لها الاستدامة، لأنها كانت تفتقد للقاعدة الأساسية والمسار الأهم وهو بناء الثقة والمصالحة ، لأن المصالحة لا شك تعد اللبنة الأساسية التي تدعم وتُنَجح كافة المسارات والاتفاقيات الأخرى

في الختام ، ورغم كل التحديات ، نحن اليوم نحاول النظر الى التطورات الأخيرة بتفاؤل ، ونتطلع بأن تظفر الجهود الدولية إلى نتائج مثمرة وأهمها دعم الارادة الوطنية الخالصة ، والاستجابة لرغبة المواطن الليبي ، نحن نسعى للشراكة مع الجميع ولكن على أساس الندية واحترام السيادة  الوطنية ، …وكلنا ثقة في شعبنا بأنه لا محالة سيخرج من هذه الأزمة … فلا تخذلوهم هذه المرة

شكراً